لماذا تحتدم معارك كردفان بين الجيش السوداني والدعم السريع؟ 

منذ 8 ساعات
لماذا تحتدم معارك كردفان بين الجيش السوداني والدعم السريع؟ 

اللواء (متقاعد) معتصم عبد القادر: من يسيطر على كردفان يسيطر فعليا على دارفور.

ويؤدي نشر قوات الدعم السريع في القرى والمرافق المدنية إلى تعقيد العمليات الحاسمة ويجعل القتال أشبه بحرب العصابات.

الخبير السياسي وليد النور: إذا سيطر الجيش على غرب كردفان فإنه سيهاجم بدوره الفاشر عاصمة شمال دارفور.

أصبحت ولايات كردفان الثلاث بجنوب السودان مسرحا لمعارك ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع.

تشهد مناطق متفرقة من المنطقة هجمات متبادلة بين الطرفين، ما يعكس تحولاً نوعياً في وضع الحرب في السودان.

أعلن والي دارفور مني أركو مناوي، الأحد، أن الجيش والقوات المشتركة استعادت منطقة أم سميمة بولاية شمال كردفان من الحركات المسلحة، بعد ساعات من إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على المنطقة.

وفي الآونة الأخيرة، تركزت الاشتباكات في ولايات شمال وغرب وجنوب كردفان، مما أدى إلى بدء مرحلة جديدة من الصراع.

واتسمت هذه المرحلة بمزيد من التركيز والتعقيد، حيث اجتاحت الحرب الخرطوم ووسط البلاد، وامتدت إلى دارفور (غرب)، ولمست الحدود الشرقية والشمالية.

ويقول مراقبون إن البوصلة العسكرية تشير الآن إلى منطقة كردفان حيث تدور معارك برية عنيفة.

أصبحت السيطرة على الموارد الحيوية والطرق ذات أهمية متزايدة في كردفان، وهي المنطقة التي تشكل جغرافيا بعدا استراتيجيا بين دارفور التي مزقتها الصراعات ووسط السودان الذي مزقته الحرب.

وتعد المعارك في كردفان جزءا من الحرب التي يخوضها الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023.

وفقًا للأمم المتحدة والسلطات المحلية، أودت هذه الحرب بحياة أكثر من 20 ألف شخص، وشرّدت ما يقرب من 15 مليون شخص. وتُقدّر دراسة أجرتها جامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألف شخص.

وفي الأشهر الأخيرة، تراجعت سيطرة قوات الدعم السريع بشكل سريع في جميع ولايات السودان، لصالح الجيش الذي استطاع أن يمتد انتصاراته إلى الخرطوم وولاية النيل الأبيض (جنوب).

وفي الولايات الست عشرة الأخرى في السودان، لا تسيطر قوات الدعم السريع حالياً إلا على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان، وبعض الجيوب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وأربع من الولايات الخمس في دارفور.

الأهمية الاستراتيجية

وتعود أهمية كردفان إلى موقعها الجغرافي الذي يجعلها حلقة وصل بين كافة الجبهات، بالإضافة إلى مواردها الزراعية والبشرية والعسكرية وتركيبتها السكانية المتنوعة.

ويرى مراقبون أن تصاعد وتيرة القتال في كردفان ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة لتغير استراتيجيات القتال، حيث يسعى الجانبان إلى تأمين طرق إمدادهما وفرض واقع جديد على الأرض.

وبذلك أصبحت كردفان ساحة تنافس حاسمة، وقاعدة تسمح لمن يسيطر عليها بتوسيع سيطرته إلى دارفور، بل وحتى إلى كامل الأراضي السودانية.

بطاقة التحكم

شمال كردفان

ويسيطر الجيش على أجزاء واسعة من الولاية، بما في ذلك العاصمة الأبيض ومدينتي أم روابة والرهد، فيما تسيطر قوات الدعم السريع على بلدات بارا والمزروب وأم سيالة.

غرب كردفان

وتسيطر قوات الجيش على بلدات أبنوسة، والخوي، وهجليج، والمرم، فيما تسيطر قوات الدعم السريع على بلدات الفولة (العاصمة)، والنهود، والمجلد، وأبوزبد.

جنوب كردفان

يُسيطر الجيش على نحو 90% من مدن الولاية، بما فيها العاصمة كادوقلي، بالإضافة إلى الدلنج وأبو جبيهة وهيبان وكوجلي. وتُسيطر قوات الدعم السريع على مدينة الدبيبات.

حرب العصابات

وقال الخبير العسكري معتصم عبد القادر لوكالة الأناضول إن ما يحدث في كردفان هو “حرب بين جيش نظامي ومجموعات متمردة، تشبه إلى حد كبير القتال الحضري في الخرطوم”.

وأضاف عبد القادر، وهو لواء متقاعد في الجيش، أن “انتشار قوات الدعم السريع في القرى والمرافق المدنية يعقد العمليات الحاسمة ويجعل القتال أشبه بحرب العصابات”.

وأشار إلى أن “طرد قوات الدعم السريع من الخرطوم استغرق نحو عامين، بينما لم تبدأ الحرب في كردفان إلا في الأشهر الثلاثة الأخيرة. وهذا يعني أن استعادة السيطرة هناك ستستغرق وقتًا أطول”.

وقال عبد القادر “من يسيطر على كردفان يسيطر فعليا على دارفور، لأنها حلقة الوصل بين الشمال والمركز”.

وأوضح أن “الجيش ينتهج استراتيجية تقوم على تأمين كل منطقة بشكل كامل قبل التقدم لضمان عدم عودة قوات الدعم السريع إليها، وهي الاستراتيجية نفسها التي اتبعها في الخرطوم ووسط البلاد”.

التنوع المسلح

قال المحلل السياسي وليد النور: “إن انتقال القتال إلى كردفان مرتبط بانتهاء القتال في الخرطوم. لقد أصبحت المنطقة بمثابة “جنوب السودان الجديد” من حيث تعقيدها وتنوعها المسلح”.

وأضاف لوكالة الأناضول أن “في ولاية جنوب كردفان يوجد تواجد مزدوج لقوات الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وقوات الدعم السريع (حلفائها)”.

منذ عام 2011، تخوض الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال قتالاً ضد القوات الحكومية للمطالبة بالحكم الذاتي في جنوب كردفان والنيل الأزرق.

وقال النور إن الوجود المزدوج في جنوب كردفان “يجعل من بلدة الدلنج نقطة ساخنة مركزية، وهي مسرح للاشتباكات إلى جانب بلدات مثل الحمادي والدبيبات، وهما الطريقان الرابطان بين ولايتي شمال وجنوب كردفان”.

وأشار أيضاً إلى أنه “في شمال كردفان هناك أيضاً اشتباكات على حدود ولايتي شمال وغرب كردفان، حيث تعمل قوات الدعم السريع في المناطق الحدودية بين الولايتين”.

وتابع: “إذا نجح الجيش في السيطرة على ولاية غرب كردفان فإنه سيكون على وشك الوصول إلى الفاشر عاصمة شمال دارفور لأنها لا تبعد عنها سوى ساعات قليلة”.

وأضاف النور: “استمرار سيطرة قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من ولاية غرب كردفان قد يمنحها الفرصة لمحاصرة الأبيض عاصمة شمال كردفان”.

وتوقع المحلل السياسي أن “تطول الحرب على الأرجح إذا فشل الجيش في تعزيز سيطرته على ولاية غرب كردفان”.


شارك