أمل وسط رماد الحرب.. مراسل القاهرة الإخبارية في غزة يحاور ابنته يارا التي عبرت عن وجع الطفولة الفلسطينية

منذ 3 ساعات
أمل وسط رماد الحرب.. مراسل القاهرة الإخبارية في غزة يحاور ابنته يارا التي عبرت عن وجع الطفولة الفلسطينية

لم يتخيل يوسف أبو كويك، مراسل قناة القاهرة نيوز في غزة، يومًا ما أن يُجري مقابلة مع ابنته الصغيرة يارا كضيفة ومقدمة برامج أمام الكاميرا. وحتى لو فعل، لكان من المستحيل عليه القيام بذلك وسط الدماء والدمار الذي خلّفته الحرب في غزة.

بابتسامة أبوية، وصوتٍ محايد، يفصل بين جدية المُضيف وفرح الأب، حاور يوسف أبو كويك ابنته الرسامة الفلسطينية يارا، حول أحلامها وأعمالها الفنية. عرّفت يارا عن نفسها كرسامة من غزة تبلغ من العمر ستة عشر عامًا، وأكدت أن موهبتها في الرسم كانت متنفسها الوحيد خلال الحرب.

وأضافت: “لم أدرس الفن ولم أكن أملك أدواتٍ احترافية، لكنني كنت أملك قلمًا وورقةً وقصةً أريد سردها. بعد الحرب والنزوح والمجاعة، قررتُ أن أرسم معاناة غزة، رغم صعوبة الحصول على الألوان والورق، اللذين لا يوفرهما الاحتلال، مما يعيق المكتبات والثقافة في غزة”.

تضيف يارا أنها قبل الحرب كانت ترسم شخصيات خيالية بألوان زاهية تعبر عن الفرح وشغف الحياة. أما الآن، فقد حلت المعاناة محل الألوان، كما تُضيف: “بدأت أرسم ما أعيشه. أرى إخوتي ينتظرون في طابور الماء، فقررتُ أن أستخدم موهبتي في الرسم لأُوصل صوتي وصوت غزة: ما زلنا هنا، ولدينا فرصة”.

تعتقد الطفلة أن اليهود قصفوا المكتبات وكل ما من شأنه أن يساعد الإنسان على مواصلة حياته دون عوائق. قُصفت معظم المكتبات، وأصبح الحصول على الألوان صعبًا. حتى لو كان الأب قادرًا على توفير الألوان والورق لأطفاله قبل الحرب، فإنه لم يعد قادرًا على ذلك اليوم. وأضافت: “عندما أرسم عن المعاناة، يُرفع عن كاهلي عبء ثقيل. أحيانًا أرسم ما مررت به بالفعل وأعبر على الورق عما يدور في داخلي”.

تُضيف بمرارة أن التعليم هو الأهم، وأن الأحداث الجارية أدت إلى ضياع عامين دراسيين لأطفال قطاع غزة. وتُتابع: “حاولتُ تعلم الفرنسية، وعندما جاء وقف إطلاق النار، واصلتُ الدراسة وحسّنتُ مهاراتي اللغوية. لم يتمكن العديد من الأطفال من الذهاب إلى المدرسة، ولا يوجد إنترنت للتعلم عبر الإنترنت. كان لانقطاع الكهرباء تأثيرٌ بالغ، وقد تغيرت العقلية بعد عامين من الحرب وانعدام الأمن والاستقرار في المنطقة”.

بابتسامةٍ يملؤها الأمل والألم، تأمل يارا أن ترسم يومًا ما إعادة إعمار غزة، لا مجرد معاناة ومآسي أطفال القطاع. تقول إنها أحيانًا تضيع في الألوان التي ستستخدمها في رسومات إعادة الإعمار، على أمل أن تتحقق.

أطفال غزة لا يريدون الشفقة، بل يريدون فرصة،” تضيف، وتختتم حديثها قائلةً: “هناك مبدعون وفنانون ومواهب عديدة في غزة. نريد ببساطة مساحة للإبداع وراحة أكبر من الوضع الحالي. آمل أن يُسمع صوتي، كطفلة عاشت الحرب، وأن يُتاح لي على الأقل مكانٌ للتعليم. أدين بكل شيء لأبي وأمي. أحيانًا يغيب أبي عن المنزل لأسبوع أو أسبوعين، وكذلك عائلتي بأكملها. أحبهم جميعًا.”


شارك