“أزمة الألبان” تهدد المفاوضات بين كندا وأمريكا

ألغت كندا هذا الأسبوع ضريبتها الرقمية على شركات التكنولوجيا الأمريكية، في محاولة لإنقاذ مفاوضات التجارة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومع ذلك، يبدو أن هناك عقبة رئيسية تعترض المحادثات: القطاع الزراعي، وخاصةً قطاع منتجات الألبان.
يقول محللون نقلاً عن رويترز إن إلغاء الضريبة الرقمية كان خطوة سياسية أسهل لرئيس الوزراء الكندي مارك كارني من مجرد مناقشة نظام إدارة سلسلة التوريد الكندي. هذا النظام، المعمول به منذ سبعينيات القرن الماضي، يتحكم في إنتاج الحليب والبيض والدواجن، ويقيد الواردات من خلال رسوم جمركية باهظة للغاية.
وعندما التقى كارني بالرئيس ترامب في منتصف يونيو/حزيران، أعلن الزعيمان نيتهما التوصل إلى اتفاق اقتصادي جديد بحلول 21 يوليو/تموز.
لكن في منشور على موقع “تروث سوشيال” يوم الجمعة، هدد ترامب بإلغاء المحادثات وفرض رسوم جمركية جديدة على الضريبة الرقمية، التي كان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ يوم الاثنين. وفي المنشور نفسه، هاجم ترامب الرسوم الجمركية الكندية على منتجات الألبان.
وبعد إلغاء الضريبة، أكد كل من كارني وترامب استئناف المفاوضات.
وقال سيلفان شارلبوا، وهو محلل لصناعة الأغذية وأستاذ في جامعة دالهوزي: “كل ما يحتاجه ترامب هو منشور واحد على موقع Truth Social لإحداث فوضى سياسية في كندا”.
كان نظام إدارة سلسلة توريد الألبان في كندا عقبة رئيسية أثناء مفاوضات اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) خلال فترة ولاية ترامب الأولى، لكنه صمد أمام الضغوط الأمريكية وتم تضمينه في اتفاقية عام 2020.
وفي مارس/آذار من هذا العام (الولاية الثانية لترامب)، هدد مرة أخرى بفرض رسوم جمركية انتقامية على منتجات الألبان بسبب ما أسماه “الرسوم الجمركية الكندية المرتفعة للغاية”.
على الرغم من أن اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) نصّت على حصص محدودة معفاة من الرسوم الجمركية لمنتجات الألبان الأمريكية، فإن الكميات التي تتجاوز هذه الحصص تخضع لرسوم جمركية تتجاوز أحيانًا 200%. وقد حاولت واشنطن مرارًا وتكرارًا الطعن في تخصيص أوتاوا لهذه الحصص، ولكن دون جدوى.
وفي حين اعتبر البعض إلغاء الضريبة الرقمية علامة على ضعف كندا، فإن القرار لم يسبب ضجة سياسية كبيرة وكانت الضريبة غير معروفة إلى حد كبير بالنسبة لمعظم الكنديين.
ومع ذلك، قام البرلمان الكندي بتعديل القانون قبل العطلة الصيفية لضمان عدم إدراج نظام إدارة سلسلة التوريد في المفاوضات التجارية، وصوتت جميع الأحزاب بالإجماع لصالح التعديل.
ومع ذلك، يعتقد خبراء التجارة أن هذا التشريع لن يمنع الوفد الكندي من مناقشة القضية خلف الأبواب المغلقة.
وقال تايلر ماكان، المدير التنفيذي للمعهد الكندي للسياسة الزراعية، “في نهاية المطاف، ستبذل الحكومة الكندية كل ما في وسعها لحماية الإمدادات إذا تم التوصل إلى اتفاق”، مشيرا إلى أن العديد من المزارعين يعيشون في وهم أن هذا التشريع ملزم قانونا.
يتمتع قطاع الألبان بنفوذ سياسي كبير في أوتاوا لأن معظم مزارع الألبان الكندية تقع في كيبيك وأونتاريو، وهما المقاطعتان الانتخابيتان الأكثر أهمية لأي حزب يسعى إلى تشكيل الحكومة.
ورغم التنازلات التي قدمتها كندا خلال ولاية ترامب الأولى، فإن نظام إدارة الإمدادات ظل قائما: اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، والشراكة الشاملة والموسعة عبر المحيط الهادئ، واتفاقية كندا والاتحاد الأوروبي.
قالت جمعية مزارعي الألبان الكندية إن تصريحات ترامب الأخيرة “لا تستند إلى حقائق”، مشيرة إلى أن صادرات الحليب الأمريكية إلى كندا تتجاوز الواردات الكندية إلى الولايات المتحدة.