قصف سوروكا.. مؤثران إسرائيليان يكشفان ازدواجية الرواية الإسرائيلية عن مستشفيات غزة

في لحظة، تحوّل مستشفى سوروكا الإسرائيلي من رمزٍ للطب والرعاية إلى مرآةٍ تعكس تناقضًا أخلاقيًا دفينًا في تاريخ إسرائيل. فالهجوم الإيراني، الذي دمّر أجزاءً من المستشفى جراء انفجارٍ في مبنى عسكري مجاور، لم يُخلّف وراءه زجاجًا محطمًا ومرضى مذعورين ودخانًا فحسب، بل كشف أيضًا عن هشاشة خطاب القوة المحتلة، الذي تبنّته لعقودٍ وسوّقته للعالم كمبررٍ لحروبها، لا سيما في قطاع غزة.
لقد روجت وسائل الإعلام الإسرائيلية والسياسيون في تل أبيب منذ فترة طويلة للرأي القائل بأن الهجمات على البنية التحتية في قطاع غزة، بما في ذلك المستشفيات، مبررة بالادعاء المتكرر بأن “الجماعات الفلسطينية تستخدمها كمراكز قيادة أو لتخزين الأسلحة”.
برر خطاب الاحتلال عشرات الغارات الجوية على المرافق الطبية والتعليمية، التي غالبًا ما كانت مكتظة بالمدنيين. لكن الوضع انقلب رأسًا على عقب: إذ سارع المسؤولون الإسرائيليون إلى إدانة الهجمات على المستشفيات، واصفين إياها بجرائم حرب.
أثار مقال ساخر على منصة إكس للصحفي الإسرائيلي إسرائيل فراي، المعروف بموقفه المؤيد للفلسطينيين، حول قصف المستشفى جدلاً واسعاً. وقال فراي: “لو كان الهجوم قد أصاب مستشفى في غزة، لشرحنا للعالم أن حماس تستخدم المستشفيات كدروع بشرية، وأننا مضطرون للرد. لماذا هذا الغضب الإسرائيلي إزاء قصف سوروكا اليوم؟”
في سياق مماثل، تساءل ناشط إسرائيلي آخر كيف يُمكن لإسرائيل تبرير هجماتها على المستشفيات في قطاع غزة؟ واعتبر ذلك انتهاكًا صارخًا لقوانين الحرب إذا كانت المستشفيات المستهدفة إسرائيلية.
لم يتأخر الرد الإسرائيلي. سارعت الحكومة إلى التأكيد على أن “سوروكا منشأة مدنية بحتة، وأن الهجوم عليها جريمة حرب”. ومن المفارقات أن التصريحات نفسها – وإن كانت بترتيب عكسي – صدرت عن مسؤولين في غزة بعد كل غارة جوية إسرائيلية على مستشفى الشفاء، أو المستشفى الإندونيسي، أو مستشفى بيت حانون.
يذكر أن رئيس الهلال الأحمر الإيراني بيرحسين كوليوند أعلن، بحسب تقرير لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا)، أن خمسة مستشفيات في إيران تضررت جراء الهجمات الإسرائيلية.
وأوضح أن نوافذ الزجاج تعرضت للتحطيم في العديد من هذه المرافق، وأن بعض المرضى يعانون من صعوبات في التنفس بسبب الدخان والانفجارات القريبة.
وعلى الرغم من أن كوليون زعم أن المستشفيات لم تكن أهدافاً مباشرة، قررت الجمعية إحالة القضية إلى المدعين العامين الدوليين، بحجة أن الهجمات على المرافق الطبية أثناء النزاع تشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.
وقال كوليفاند “لقد قدمنا هذه الحوادث كوثائق للمؤسسات الدولية لإثبات انتهاك إسرائيل للمبادئ الدولية”.