ازدواجية إسرائيل.. قادتها يندبون بعد قصف سوروكا وينسون تبريرهم تدمير مشافي غزة

بين قصف إسرائيل لمستشفيات في قطاع غزة، بزعم استخدامها من قِبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مخازن أسلحة وأنفاقًا تحتها، والهجوم الإيراني على مبنى عسكري مجاور لمستشفى سوروكا الإسرائيلي – الذي كان يؤوي أسرى أطلقت سراحهم المقاومة – تباينت المواقف، وتباينت ردود فعل السياسيين الإسرائيليين. هذه المرة، سارعوا إلى إدانة الهجوم، واصفين إياه بـ”جريمة حرب”.
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أول من أدان الهجوم الإيراني. ووصف الهجوم على مستشفى سوروكا بأنه “عمل إرهابي من طغاة إيرانيين”، وهدد بأن طهران ستدفع ثمنًا باهظًا. ووصف الهجوم على منشأة طبية بأنه “جريمة حرب مروعة ضد أبرياء”.
لكن موقف نتنياهو كان مناقضًا تمامًا لتصريحاته عندما هاجمت إسرائيل مستشفيات قطاع غزة، التي كانت مكتظة بالجرحى والمدنيين الذين اعتبروا هذه الأماكن ملاذًا آمنًا. في مايو/أيار الماضي، عندما شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي غارة جوية على المستشفى الأوروبي في خان يونس، جنوب قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين والمرضى، برر نتنياهو نفسه القصف علنًا.
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن المستشفى كان بمثابة “مخبأ لنشطاء حماس” ووفر “حماية لأنشطة عسكرية سرية”. وفُهم هذا التصريح آنذاك كمبرر مباشر للهجوم على منشأة طبية، ويكشف ازدواجية المعايير في الخطاب عن سياسة انتقائية في وصف الأهداف وتحديد المسؤوليات.
أطلق الإرهابيون الإيرانيون صباح اليوم صواريخ على مستشفى سوروكا في بئر السبع وعلى المدنيين في وسط البلاد.
سنطالب الطغاة في طهران بالثمن كاملاً.
– بنيامين نتنياهو – بنيامين نتنياهو (@netanyahu) 19 يونيو 2025
وصف وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، الهجوم على مستشفى سوروكا خلال الهجوم الإيراني بأنه “جريمة حرب مكتملة الأركان”، ووصف أمينه العام، آية الله علي خامنئي، بأنه ديكتاتور جبان يأمر بقصف المنشآت الطبية. وزعم أن إسرائيل قادرة على مهاجمة أهداف استراتيجية في طهران، وفقًا لما ذكرته وسائل إعلام عبرية.
ولكن وزير الدفاع الإسرائيلي هو نفس الشخص الذي برر الهجوم على المستشفى الأوروبي في خان يونس بغزة في مايو/أيار الماضي بتصريح قاطع: “لن نسمح لحماس باستخدام المستشفيات ومرافق المساعدة كملاجئ آمنة ومقر للإرهابيين”.
اتهم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي النظام الإيراني باستهداف المراكز المدنية والمستشفيات بهجماته الصاروخية، واصفا هذا السلوك بأنه محاولة “لتبرير أفعاله الإرهابية بذرائع كاذبة وفارغة”، على حد تعبيره.
غرّد أدرعي عبر حسابه الرسمي على تويتر قائلاً إن النظام الإيراني يُطلق صواريخه العدوانية على مراكز مدنية ومستشفيات. ويرى في هذه الاستراتيجية وسيلةً للتغطية على الضربات الموجعة التي تلقاها منظوماته الاستراتيجية. وأضاف أن هذا هو أسلوب المهزومين الذين سيستمرون في تلقي الضربات تلو الأخرى.
يطلق النظام الإيراني الجبان صواريخه العدوانية على المراكز المدنية والمستشفيات ثم يحاول تبرير عمله الإرهابي بذرائع كاذبة وفارغة.
وللتغطية على الضربات المؤلمة التي تلقتها منظوماتها الاستراتيجية، فإنها تستهدف المدنيين والمنشآت المدنية.
هذا هو نهج المهزوم الذي سيظل يعاني…– أفيشاي أدرعي (@AvichaiAdraee) 19 يونيو 2025
إن قصف المستشفيات والمرافق المدنية الذي يندد به أدرعي الآن هو أمرٌ سبق أن برر به في قطاع غزة، حيث قُتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين. وأعلن أن بعض مستشفيات القطاع “أهدافٌ لإسرائيل لأنها تُستخدم من قِبل الجماعات المسلحة”، ودعا السكان إلى الابتعاد عنها واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامتهم، على حد تعبيره.
#عاجل: تواصل قوات الاحتلال وقوات الأمن العام الاشتباكات في منطقة مستشفى الشفاء، والتي تتزامن مع منطقتي الأمل والقرارة.
خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، قضى المقاتلون على عشرات المخربين، واكتشفوا بنى تحتية وأسلحة إرهابية في منطقة المستشفى. كما أُلقي القبض على مئات المخربين… pic.twitter.com/KIGa8GdpZO
– أفيشاي أدرعي (@AvicayAdraee) 27 مارس 2024
ومن بين أبرز ممثلي الحكومة الإسرائيلية وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن جفير، الذي قال بعد الهجمات الصاروخية الإيرانية على عدة مناطق في تل أبيب صباح اليوم إن الحملة الإسرائيلية ضد إيران كانت “الأكثر عدالة في تاريخ البلاد”.
وأضاف بن جفير في منشور على منصة إكس: “النازيون الذين يطلقون الصواريخ على المستشفيات وكبار السن والأطفال، لو كانوا يمتلكون أسلحة نووية، لما ترددوا لحظة في استخدامها”، في إشارة إلى إيران.
بن غفير، المعروف بكراهيته للفلسطينيين وتبريره لقتلهم، نشر منشورًا صادمًا عندما قصف الاحتلال الإسرائيلي مستشفى المعمدان الأهلي في غزة. قال: “الشيء الوحيد الذي يجب السماح بدخوله إلى غزة ما دامت حماس لا تُفرج عن أسراها المحتجزين هناك ليس غرامًا واحدًا من المساعدات الإنسانية، بل مئات الأطنان من المتفجرات من سلاح الجو”.
كما سيطر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على المشهد، إذ اتهم إيران بارتكاب “جرائم حرب” ضد المدنيين، ودعا إلى “مقاضاة طهران دوليًا” عقب قصف مستشفى سوروكا. ويتناقض رده الحالي بشكل صارخ مع موقفه السابق بشأن قصف المستشفيات في قطاع غزة. ففي السابق، أيّد ساعر حق تل أبيب في الحصول على تفسير قانوني واضح لقصف المرافق الطبية، مستشهدًا بمبررات مثل: “تستخدم حماس المستشفيات لتخزين الأسلحة وللأنشطة العسكرية”.
وفي مارس/آذار الماضي، طالب جدعون ساعر بـ”وثائق قانونية” لدعم موقف إسرائيل أثناء الهجوم على المستشفى الأوروبي في خان يونس، واتهم حماس باستغلال مرافق المساعدات لانتهاك القانون الدولي.
وفي أبريل/نيسان، وجهت إليه اتهامات رسمية في بريطانيا بعد أن طلبت منظمة هند رجب إصدار مذكرة اعتقال بحقه، مدعية أنه كان وراء سياسة القصف والعقاب الجماعي ضد المدنيين.
أدلى وزير التعليم الإسرائيلي يوآف كيش بتصريحٍ خطابيٍّ بارز، إذ زعم أن إحدى الهجمات الإيرانية أصابت روضة أطفال بالقرب من مستشفى سوروكا، وحذّر من تجاوز الخط الأحمر عند مهاجمة المنشآت المدنية. ورغم موقفه الحالي، فقد دافع سابقًا عن الهجمات الإسرائيلية على المستشفيات في قطاع غزة، مدعيًا أن “معسكراتٍ عسكرية” لحماس تقع تحت الأقبية. وقال: “لن نسمح لحماس باستخدام المستشفيات ومرافق الإغاثة كملاجئ آمنة ومقراتٍ للإرهاب”.
يُذكر أنه في الساعات الأولى من صباح الخميس، تعرّض مستشفى سوروكا، أكبر منشأة طبية في جنوب إسرائيل، لأضرار جسيمة جراء هجوم صاروخي إيراني على مبنى عسكري إسرائيلي. جاء ذلك خلال واحدة من أشد موجات التصعيد بين الجانبين.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” أن الهجوم استهدف مجمع “غاف يام نيغيف” التكنولوجي، الواقع بجوار مستشفى سوروكا، والذي يضم مركز القيادة والاستخبارات C4i التابع لقوات الدفاع الإسرائيلية.