ماذا نعرف عن تخصيص أرض “رأس شقير” والصكوك؟

منذ 23 أيام
ماذا نعرف عن تخصيص أرض “رأس شقير” والصكوك؟

نقلت مصر ملكية 174.4 مليون متر مربع من الأراضي المملوكة للدولة في منطقة رأس شقير على البحر الأحمر إلى وزارة المالية. ووفقًا للجريدة الرسمية، ستُستخدم هذه الأراضي لخفض الدين العام وإصدار سندات سيادية (صكوك).

ومن بين أدوات التمويل الجديدة المتاحة لوزارة المالية السندات السيادية (الصكوك) المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، والتي تهدف إلى جمع السيولة، إما عن طريق طرحها في الأسواق الدولية بالعملة الأجنبية أو في السوق المحلية بالجنيه المصري.

وبحسب بيانات الموازنة الجديدة، زادت وزارة المالية احتياجاتها من الاقتراض في العام المالي المقبل بنحو 25% إلى 3.575 تريليون جنيه في صورة أذون خزانة وسندات وصكوك وأوراق مالية أخرى، لتغطية دين وعجز الموازنة في العام الماضي.

يرى الخبير الاقتصادي هاني توفيق أن تخصيص الأراضي لوزارة المالية لا يمثل بيعًا، بل حق انتفاع للمستثمرين. وستُستخدم عائدات توريق الإيرادات المستقبلية لإصدار سندات لسداد الديون.

وتوقع أن يساعد هذا التخصيص في جمع تريليون جنيه مصري لسداد الدين الوطني.

قال الخبير المصرفي محمد عبد العال لموقع ايجي برس إن الأرض أملاك دولة، وقد خُصصت لوزارة المالية ولم تُباع، ما يعني أنه لا يجوز لوزارة المالية بيعها لشركات محلية أو أجنبية، سواءً حاليًا أو مستقبلًا.

ويرى أن الهدف الرئيسي من عملية الخصخصة هو استخدام هذه الأراضي لتقليص الدين العام للبلاد.

الاتجاه نحو الصكوك

في فبراير 2023، أصدرت وزارة المالية أول سندات سيادية (صكوك) بقيمة 1.5 مليار دولار أمريكي في بورصة لندن. وقد جذب هذا الطرح اهتمامًا واسعًا من المستثمرين، وتجاوزت طلبات الاكتتاب فيه أربعة أضعاف المبلغ المعروض.

قال وزير المالية أحمد كجوك إن مصر ستصدر هذا العام صكوكا سيادية بالجنيه المصري لأول مرة في تاريخها بهدف زيادة السيولة وتنويع مصادر الائتمان.

تمويل المشاريع وليس المبيعات

وفي حديثه لموقع ايجي برس، أوضح الخبير المصرفي محمد عبد العال، أن قرار نقل ملكية الأراضي لوزارة المالية بغرض إصدار الصكوك جاء استناداً إلى فلسفة تمويل المشروعات وفقاً للشريعة الإسلامية (أي الإجارة أو الشراكة أو المرابحة أو المضاربة) وليس بيعها لمستثمر محلي أو أجنبي.

وأوضح أن السندات الإسلامية تعد مصدراً جيداً ويمكن الترويج لها بسهولة محلياً ودولياً لأنها تحظى بقبول واسع في دول الخليج والأسواق العالمية.

أكد عبد العال أن الصكوك، على عكس السندات، لا تُشكل دينًا للدولة، إذ يشارك حاملها في أرباح وخسائر المشروع. كما تُوفر الصكوك تمويلًا جديدًا للدولة، وتُستخدم فوائض المشروع لتغطية عجز الدين.

عبء الديون

وتستهدف الخزانة خفض الدين العام إلى 80% بحلول نهاية يونيو/حزيران 2027، بعد أن انخفض من 96% في السنة المالية يونيو/حزيران 2023 إلى 89% في يونيو/حزيران 2024، بحسب بيانات الخزانة.

وبحسب وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ارتفع الدين العام المصري إلى 13.33 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر 2024.

وفي النصف الأول من السنة المالية 2024/2025، ارتفع عبء خدمة الدين – المكون من الفوائد وأقساط الديون الخارجية – إلى حوالي 21.3 مليار دولار من يوليو إلى ديسمبر، ويرجع ذلك أساسًا إلى ارتفاع أقساط الدفع، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.

وبحسب بيان للبنك المركزي، ارتفع رصيد الدين الخارجي بنحو 2.2 مليار دولار في النصف الثاني من العام المالي الجاري إلى نحو 155.1 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2024، مقارنة بنحو 152.88 مليار دولار بنهاية يونيو 2024.

الفرق بين رأس شاكر ورأس الحكمة

أشار محمد عبد العال إلى أن تخصيص رأس شقير في البحر الأحمر بنظام طرح الصكوك يختلف عن صفقة رأس الحكمة، إذ يعتمد الأول على الشراكة مع القطاع الخاص دون حقوق ملكية، بينما يعتمد الثاني على البيع المباشر للمستثمر.

وأوضح أن “الهدف ببساطة هو توفير الأراضي الممتازة، التي يمكن لوزارة الخزانة أن تستخدم عائداتها في الاستثمارات المباشرة أو المشتقة من خلال إصدار سندات حكومية، حيث يتم استخدام العائدات الصافية منها لخفض عجز الموازنة والدين الوطني”.

وفي فبراير/شباط 2024، وقعت مصر أكبر صفقة استثمارية مع الإمارات العربية المتحدة، بقيمة 35 مليار دولار، لتطوير رأس الحكمة، وهي مدينة تبلغ مساحتها 170 مليون متر مربع تطل على البحر الأبيض المتوسط.

في النصف الأول من العام الماضي، حصلت مصر على 24 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة. بالإضافة إلى ذلك، سُوّيت 11 مليار دولار من الودائع الإماراتية المستحقة لمصر.

إعادة هيكلة الديون

وأكد عبد العال أن تخصيص الأراضي لوزارة المالية، والسماح بإصدار السندات السيادية الإسلامية (الصكوك)، يخدم تحقيق عدد من الأهداف والمصالح الاستراتيجية المتكاملة، من بينها استخدام حصيلة السندات السيادية (الصكوك) في تمويل استثمارات وطنية ومشروعات اقتصادية جديدة أو إعادة هيكلة مشروعات قائمة.

– تخفيض أعباء خدمة الدين العام وزيادة آجال استحقاق محفظة الدين بما يتماشى مع استراتيجية الحكومة في خفض معدل نمو الدين العام.

وبحسب عبد العال، يتماشى هذا مع التوجهات الاقتصادية العالمية، لا سيما خفض أسعار الفائدة في بعض الدول. ومن شأن ذلك أن يُخفّض تكاليف التمويل من خلال أدوات كالصكوك، ويُلبّي الطلب المتزايد على أدوات التمويل الإسلامي، لا سيما في الدول ذات الاقتصادات الإسلامية القوية.

وبحسب عبد العال، سيعزز هذا الطلب على الأوراق المالية الحكومية وأدوات الدين العام، سواءً المقومة بالجنيه المصري أو بالعملات الأجنبية. كما سيلبي الطلب على صكوك التمويل المستدام، في ظل تزايد استخدام أدوات التمويل الأخضر، والاهتمام المتزايد بالمشاريع المستدامة والصديقة للبيئة، وإمكانية إصدار صكوك للمشاريع الرقمية.

وكان جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي قد قال في وقت سابق إن مصر بحاجة إلى خفض نسبة ديونها وتحسين إدارتها حتى يتمكن الاقتصاد من النمو وتحمل العبء.

وأوضح أزعور أن خفض ديون مصر يمكن أن يتحقق من خلال تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في المشروعات، وهو ما سيترجم إلى انخفاض تكاليف الديون، وهو إجراء ضروري وجوهري في ظل حالة عدم اليقين التي يعيشها العالم حاليا.


شارك