إيلي كوهين اللغز في الحياة والممات.. ومعركة الأرشيف والرفات

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاستيلاء على ملف الجاسوس الأشهر في إسرائيل، إيلي كوهين، من أرشيف جهاز المخابرات السوري بأنه انتصار كبير لأجهزة المخابرات، وهذا صحيح بالفعل. وهذا يقرب إسرائيل خطوة واحدة من هدفها النهائي في قصة “إيلي كوهين”: تحت ذريعة تكريمه، والحفاظ على رفاته وكل ممتلكاته، وفوق كل ذلك، محو العار التاريخي الذي خلفته قصة كشفه وإعدامه العلني.
وفي ظل الخلافات الحكومية حول نتائج المفاوضات مع حماس والضغوط الأميركية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وقبل ساعات فقط من الإعلان عن استئناف المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، زار نتنياهو أرملة الجاسوس الراحل، نادية كوهين، في منزلها يوم الأحد. وأعطاها نسخة من وصيته المكتوبة باللغة العربية، وعددًا من الصور الفوتوغرافية التي لم تنشر من قبل.
وتشير مقاطع الفيديو والصور التي نشرها مكتب نتنياهو إلى أن إسرائيل كانت تمتلك الملف منذ فترة طويلة، كما يتضح من التنظيم الدقيق وفهرسة وتوزيع الوثائق. ولكن تقرر الإعلان عن ذلك فقط أمس الأحد 18 مايو/أيار، وهو الذكرى الستين لإعدام إيلي كوهين في دمشق.
ولم تكشف إسرائيل عن هوية “جهاز الاستخبارات الشريك” الذي عملت معه للحصول على هذا الملف السري والخطير للغاية، والذي لم تنكشف أسراره منذ ما قبل عهد الأسد في سوريا. وهذا يثير تساؤلات جديدة حول مدى تغلغل إيلي كوهين في القيادة السورية في عهد الرئيس الراحل أمين الحافظ، ومدى تأثير المعلومات التي نقلها لإسرائيل على قدرات جيش الاحتلال ورؤيته الاستراتيجية لسوريا.
وتزعم المصادر العبرية أن كوهين، قبل القبض عليه وإعدامه، نجح في وضع الموساد في مركز الاستعدادات العسكرية السورية في مرتفعات الجولان والقنيطرة. ويزعم أيضاً أن الصور التي التقطها ـ وآخرها كان في الربع الأول من عام 1965 ـ لعبت دوراً إيجابياً في نجاح حرب الأيام الستة والهزيمة في يونيو/حزيران 1967.
في المقابل، يقلل السوريون من أهمية وأسطورة إيلي كوهين، بقيادة الرئيس السابق أمين الحافظ، الذي نفى مراراً وتكراراً، ولا سيما في مقابلته المطولة مع الصحافي في قناة الجزيرة أحمد منصور، أن يكون كوهين قد تسلل إلى القيادة السورية، أو أجرى أي اتصال معه، أو حتى عرفه شخصياً. وادعى أنه شاهده لأول مرة عندما زاره واستجوبه في السجن.
في المقابل، يزعم الإسرائيليون أن كوهين كان على وشك الانضمام إلى إحدى اللجان القطرية لحزب البعث، وأنه كان يتمتع بمعرفة واسعة وكان يعرف أمين الحافظ شخصياً منذ فترة وجوده في الأرجنتين.
في الواقع، حاول مسلسل “الجاسوس” الذي عرض على شبكة نتفليكس عام 2019، والمقتبس عن الرواية الإسرائيلية، الإشارة إلى وجود علاقة “ودية” أو “مهذبة” بين كوهين وزوجة مسؤول سوري.
أولاً: من هو إيلي كوهين؟
إيلي كوهين هو جاسوس إسرائيلي ولد في مصر عام 1924 تحت اسم إيلياهو بن شاؤول جندي كوهين لعائلة هاجرت إلى مصر من سوريا.
وتتضارب الأنباء حول ما إذا كان التحق بكلية الهندسة بجامعة القاهرة أم بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية. ولكن المؤكد أنه لم يكمل تعليمه وانضم إلى الحركة الصهيونية وهو في العشرين من عمره. وانضم أيضًا إلى شبكة تجسس إسرائيلية في مصر بقيادة أبراهام دار، المعروف باسم جون دارلينج.
وبقي كوهين في مصر رغم هجرة عائلته إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبحسب موقعه الرسمي، فإن سبب إقامته هو رغبته في مساعدة جهاز الاستخبارات الإسرائيلي. ارتبط اسمه بقضية لافون، عندما قام عملاء إسرائيليون بقصف المكتبة الأمريكية والمسرح البريطاني بمتفجرات النيتروجلسرين في عام 1954 في محاولة لتخريب العلاقات المصرية الأمريكية. تم اعتقال العملاء وتمت تبرئة كوهين لعدم وجود أدلة ضده.
هاجر كوهين إلى إسرائيل في عام 1957، وتزوج من يهودية عراقية وعمل مترجماً في الجيش الإسرائيلي. استقال في عام 1960 بعد أن رفض الموساد تجنيده. وهذا أجبر كوهين على ترك الجيش والعمل لفترة قصيرة كموظف تأمين.
وأوضح المؤرخ الإسرائيلي يوسي كاتس أن الموساد احتاج إلى كوهين بعد استقالته بسبب معرفته باللغة العربية، حيث كان الجهاز يطلق عملية استخباراتية في سوريا. تم تجنيد كوهين من قبل الموساد، وأعطي التدريب اللازم، وأعطيت له هوية مزورة: هوية رجل أعمال سوري يدعى كامل أمين ثابت.
كامل أمين ثابت: الجاسوس الأشهر في الشرق الأوسط
تم إعداد قصة خيالية عن إيلي كوهين، رجل أعمال سوري مسلم يدعى كامل أمين ثابت، الذي عاش في الأرجنتين وكان شغوفًا بوطنه سوريا. وتوطدت هذه العلاقة لاحقاً في سورية حتى انتقل إلى العاصمة السورية دمشق عام 1962. ووصلت علاقاته إلى أعلى مستويات القيادة، وخاصة في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية في سورية، وكان يسكن بجوار مقر قيادة الجيش.
وأراد الموساد أن يجعل ظهور كوهين يبدو ذا مصداقية، ولذلك بدأ بالتعاون مع الجالية السورية في الأرجنتين. وفي هذه الأثناء أنفق الكثير من الأموال على المبادرات الوطنية السورية، مما زاد من شعبيته بين السوريين في الأرجنتين.
كما تبرع كوهين لحزب البعث السوري الذي تم حظره في عام 1961، مما جعل كوهين، أو كامل أمين ثابت، من المقربين للحزب وقيادته العسكرية، التي تمكنت من القيام بانقلاب والاستيلاء على السلطة في سوريا.
استغل كوهين الوضع الجديد وقربه من الحزب الحاكم المنتخب حديثاً لغزو سوريا في عام 1962. وبذل جهوداً للاتصال بمسؤولي الحكومة وقادة الجيش، وخلال هذا الوقت كان يتبادل الرسائل باستمرار مع الموساد عبر هاتفه المحمول.
وبحسب التقارير العبرية التي أوردتها صحيفة نيويورك تايمز، فإن كوهين استخدم الكحول والعاهرات والحفلات في منزله للحصول على معلومات من السياسيين والمسؤولين.
هل حقق إيلي كوهين اختراقات استخباراتية لصالح إسرائيل؟
ومن المؤكد أن إيلي كوهين زود قوات الاحتلال بمعلومات مهمة حول أنواع الدبابات والطائرات المقاتلة التي استوردتها سورية من الاتحاد السوفييتي. كما تم إبلاغهم بخطة سورية لقطع مياه الأنهار عن الأراضي المحتلة، وخطط الجيش السوري لصد أي اعتداءات إسرائيلية محتملة.
وزاد كوهين من نشاطه الاستخباراتي إلى درجة أنه زار مرتفعات الجولان قبل احتلالها وقام بتصوير المواقع والتحصينات. كما أقنع القادة العسكريين في المنطقة بزراعة الأشجار في مرتفعات الجولان لتوفير الظل للجنود. لكن في واقع الأمر، كان قد استخدمها كمعالم لرسم خريطة دقيقة خدمت جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان في يونيو/حزيران 1967، بحسب المؤرخ سيمون دانستون.
لغز القضية
هناك روايات عديدة حول كيفية سقوط إيلي كوهين والظروف التي أدت إلى اعتقاله.
لكن قبل مناقشة هذه التقارير، تجدر الإشارة إلى أن العديد من المؤرخين الإسرائيليين انتقدوا تصرفات الموساد في قضية إيلي كوهين، ووصفوها بالمتهورة، وخاصة في النصف الثاني من عام 1964.
وقام الموساد على الفور بكشف السرية عن المعلومات حول سوريا التي أرسلها كوهين، ونشرتها الحكومة باللغتين العربية والعبرية. وهذا ما دفع القيادة السورية إلى الشك في وجود عميل أو أكثر، وبدء البحث عن جواسيس محتملين في المستويات المتوسطة والعليا من التنظيم.
والحقيقة الأخرى هي أن إيلي كوهين أصبح يشعر بانعدام الأمن بشكل متزايد في ضوء التغيير في القيادة العسكرية والعدد المتزايد من الضباط السوريين الذين كان عليه التعامل معهم، وخاصة في ضوء قربه من مقر سلاح الجو. لكن رؤساءه المباشرين في الموساد رفضوا إكمال المهمة.
وتقول قصة أخرى انتشرت في وسائل الإعلام العبرية، واستشهد بها الكاتب والمحلل عاموس بيرلموتر في عام 1985، إن إيلي كوهين كان ممزقاً بين رغبته في نسيان ماضيه، وقطع علاقاته بالموساد، والانخراط بشكل أكبر في المجتمع السوري بهويته الجديدة. لكن الموساد ضغط عليه للتخلي عن هذه الأفكار نهائيا، وذلك من خلال تكليفه بمهام إضافية.
ويمكن تلخيص التقاليد على النحو التالي:
الرواية الأولى، وهي الرواية الرسمية من سوريا، والتي أوردها أمين الحافظ بالتفصيل، تقول إن ضابط اتصالات يدعى محمد وداد بشير لاحظ استخدام تردد غير عادي لإرسال رسائل من المنطقة. واتصل بعدة سفارات للتأكد من ذلك. وبعد التحقيق في الأمر، استبعد ذلك، وتبين أن الرسائل كانت مرسلة من مكان آخر في المنطقة. وبعد ذلك تم التعرف على الممتلكات ومراقبتها. ووقع الهجوم في نفس اللحظة التي تم فيها إرسال رسالة أخيرة، مكتوبة باللغة الفرنسية، إلى الموساد. وذكرت الوكالة أن اجتماعاً لهيئة الأركان العامة السورية حضره أمين الحافظ. أصدر الموساد محتوى هذه الرسالة في عام 2020.
وبحسب الحافظ، فإن إيلي كوهين أصر خلال التحقيق الأولي على هوية كامل أمين ثابت، ورفض الكشف عن المنظمة التي ينتمي إليها. ولكن عندما جلس إليه الحافظ طلب منه أن يقرأ سورة الفاتحة، لأنه اعتبرها السورة التي يحفظها جميع المسلمين في كل الأديان والأعمار. لم يتمكن إيلي كوهين من حفظها واعترف لاحقًا بأنه يهودي وروى قصته كاملة.
أما الرواية الثانية ، وهي رسمية أيضاً من سوريا ولا تتناقض تماماً مع الأولى، فتقول إن الضابط أحمد السويداني، رئيس أركان الجيش السوري لاحقاً، أصبح مشبوهاً بسبب سلوك كامل أمين ثابت في بعض الاجتماعات العامة وارتباطاته بأشخاص مشبوهين تحت المراقبة. وقد قام بمراقبته لفترة قصيرة قبل أن يتم اعتراض إشارات الراديو، وهو ما زاد من الشكوك حوله بسبب إقامته في المنطقة المراقبة.
أما القصة الثالثة فهي من أصل مصري، رواها الأستاذ محمد حسنين هيكل ونشرت في عدد من الصحف المحلية ونسبت إلى مصادر مختلفة. وورد أن ضابطاً في المخابرات المصرية رأى إيلي كوهين في صورة لمجموعة من الجنود السوريين في مرتفعات الجولان. وتذكر ملامح وجهه، إذ سبق أن تعامل معه في قضية لافون، فأثار ذلك قلق الجانب السوري.
القصة الرابعة تأتي من السيدة فيلترود شيفلت، أرملة رفعت الجمال (رأفت الهجان)، وتتداخل جزئيًا مع القصة السابقة: تلخص أن رفعت الجمال، العميل المصري الشهير في إسرائيل، التقى إيلي كوهين في إسرائيل مع عدد من مسؤولي الموساد الذين قدموه كرجل أعمال إسرائيلي. وفي وقت لاحق رأى صورة له في إحدى الصحف تحت اسم كامل أمين ثابت. وكان برفقته عدد من الضباط السوريين والمصريين بقيادة الفريق الركن علي عامر قائد القوات العربية المشتركة. وأبلغ المخابرات المصرية، التي تولت الأمر بدورها.
وتفترض النسخة الخامسة أن الاتحاد السوفييتي كان على علم بالخلاف داخل القيادة السورية على أساس المعلومات التي تلقتها إسرائيل ونقلتها إلى موسكو عبر جواسيسها على الأرض. وخلصت الاستخبارات السوفيتية إلى أن هذه المعلومات لا يمكن أن تصل عبر القنوات العادية، بل إنها تشير إلى وجود خرق خطير في دمشق. تم تحديد دائرة الاستخبارات حسب التقرير السوفييتي.
القصة السادسة، وهي قصة إسرائيلية، تزعم أن عميلاً إسرائيلياً أصبح جاسوساً سوفييتياً وتمكن من اختراق قاعدة بيانات التجسس. وأبلغت موسكو دمشق عن إيلي كوهين، وأبلغت القاهرة عن الجاسوس الأقل شهرة فولفغانغ لوتز. يعتمد منطق هذه القصة على إلقاء القبض في وقت واحد على الجاسوسين وجواسيس إسرائيليين آخرين. تم الكشف عنها لأول مرة في فيلم وثائقي عام 2020 بعنوان “المقاتلة 566”.
الرواية الأقل شهرة… هل هي الأكثر منطقية؟
أما النسخة السابعة ، وهي الأقل شهرة ولكنها ليست خالية من المنطق والأدلة القاطعة، فقد قدمها الباحث الإسرائيلي نعوم نحمان تيبر، وهي تستند إلى سلسلة من الأحداث من وثائق الموساد والاستخبارات الأميركية. وقد عرض ذلك في كتابه “إيلي كوهين: الملف المفتوح”.
وتتلخص النظرية في أن المواطن السوري ماجد شيخ الأرض، الذي ساعد في جلب كوهين إلى سوريا دون معرفة هويته، كان “مخبراً منتظماً للمخابرات الأميركية” حتى عام 1959، وكان يزور السفارة الأميركية بشكل متكرر ويطالب بالمال مقابل المعلومات.
وفي نهاية عام 1964، عرّف الشيخ الأرض كوهين على الضابط النازي الألماني الهارب فرانز راديماخر، الذي كان يقيم سراً في سوريا تحت الاسم الرمزي “روسوليو”. كان كوهين يعتقد أنه جمع ثروة طائلة من خلال تكليفه بمهمة تعقب الضباط النازيين الهاربين الذين أرادوا الاستيلاء على إسرائيل واتهامهم بارتكاب جرائم ضد اليهود في ألمانيا النازية.
واستمرت الاشتباكات، ولم يتخذ كوهين الاحتياطات الكافية، مما أثار شكوك الاستخبارات العسكرية السورية. ولم يكونوا يعرفون شيئاً عن انتمائه أو المنظمة التي يعمل بها، خاصة وأن ماجد شيخ الأرض كان شخصية مشبوهة، وكان راديماخر أيضاً تحت المراقبة من قبل مصادر مختلفة.
ويستند التقرير إلى تصريحات المسؤولين السوريين الذين اعتقلوا كوهين. وتشير هذه المعلومات إلى أنهم لم يكونوا على علم بهوية كوهين عند اعتقاله، وأنهم فوجئوا عندما اكتشفوا أنه يمتلك جهاز إرسال. ولذلك، فإن الغرض من مداهمة منزله كان على الأرجح تحديد هويته والتحقق منها وليس اعتقاله على أساس معلومات قاطعة سابقة بأنه يهودي، أو لديه صلات بإسرائيل، أو كان يبث إشارات إذاعية.
ومن أقوال الشهود التي يمكن فهمها من ذلك شهادة أحمد السويداني نفسه. وقال إن كوهين نفى حيازة جهاز لاسلكي، لكن أحد حراس الأمن تعثر عن طريق الخطأ بستارة معلقة، وسقط فوقها جهاز لاسلكي كان قد تم إخفاؤه للتو.
• من اليمين إلى اليسار: ماجد شيخ الأرض، الصحفي جورج سيف، وإيلي كوهين
إسرائيل تتخذ خطوات عاجلة لإطلاق سراح إيلي كوهين
1- استرجاع ساعتك:
وفي يوليو/تموز 2018، أُعلن أن الموساد الإسرائيلي استولى على ساعة يد كوهين في سوريا، في إطار عملية خاصة لم يتم الكشف عن تفاصيلها. ومع ذلك، بحسب ميخال هوزر، المعلقة العسكرية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، قالت أرملة كوهين، نادية، إن ساعة كوهين تم شراؤها في مزاد عبر الإنترنت وأنها حصلت على الساعة في حفل خاص في مايو/أيار، قبل شهرين من الإعلان الرسمي عن استعادتها.
2. بث التلفزيون الإسرائيلي فيديو لإعدام كوهين:
في 21 سبتمبر/أيلول 2016، نشر موقع NRG الإسرائيلي مقطع فيديو قصيرًا يظهر لحظة إعدام الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين عام 1965. وقد أثار هذا الفيديو جدلاً في ذلك الوقت. واتهمت وسائل الإعلام المؤيدة لبشار الأسد والمعارضة إسرائيل بالتواطؤ والتعاون عندما نشرت فيديو الإعدام من خلال التلفزيون السوري الرسمي.
3- احضار المستندات
وفي السنوات الأخيرة، نشرت إسرائيل صوراً ووثائق مختلفة من أرشيف إيلي كوهين، بما في ذلك الوصية المكتوبة باللغة العربية، والتي تم الكشف عن أصلها أمس. ورفضت إسرائيل باستمرار الكشف عن مصادر هذه الوثائق. ومع ذلك، فإن تسلسل الأحداث وتوقيت ظهورها يشير إلى أن نسخًا من الأرشيف تسربت أثناء الحرب الأهلية السورية في أعقاب الانتفاضة ضد نظام الأسد. حتى يتكلل هذا المسار بالنجاح الكامل بالعملية التي تم الإعلان عنها أمس 18 مايو 2025.
4- محاولات استعادة الرفات
ومنذ عام 2018، تحدثت وسائل إعلام عبرية عن محاولات لتنسيق نقل رفات إيلي كوهين مع روسيا، لكن هذه العملية لم تتحقق بعد. ومن المعروف أن رفات كوهين تم نقلها بين مواقع مختلفة بعد تصاعد المطالبات الإسرائيلية بإعادتها، وشعور نظام الأسد بإمكانية استخدامها كأوراق مساومة لشيء ما. في 16 مايو/أيار، وقبل ساعات من الإعلان عن الأرشيف، نقلت صحيفة معاريف عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها: “أبلغ السوريون الإسرائيليين (في اجتماعات جرت مؤخرًا بوساطة قطرية وأمريكية) أنهم يبحثون عن رفات الجاسوس إيلي كوهين. كانت هذه مفاجأة مذهلة بالنسبة لهم، واعتبروها محاولة صادقة للقيام بلفتة طيبة سيكون لها بلا شك تداعيات عميقة على تل أبيب”.