ضغط أمريكي وغضب يميني.. لماذا قرر نتنياهو إدخال المساعدات الإنسانية لغزة؟

واعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، بأن قراره باستئناف تسليم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة جاء نتيجة ضغوط مباشرة من حلفائه، وخاصة الولايات المتحدة. وقد كثفوا مؤخرا دعواتهم لتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من شهرين ونصف.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب انتقادات حادة وجهتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي حذرت من تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة. وقال المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إن واشنطن لن تقبل بالمجاعة في قطاع غزة. وأضاف أن إسرائيل أشارت إلى إمكانية استئناف عمليات التسليم، وهو ما أصبح ملموسا بعد ذلك.
وحذر مسؤولون عسكريون إسرائيليون أيضا من تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة خلال اجتماع مجلس الوزراء الأمني مساء الأحد. وأشاروا إلى أن الإمدادات الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة آخذة في النفاد، مما قد يؤدي إلى كارثة إنسانية تهدد بتقويض الأهداف العسكرية في القتال ضد حماس.
وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو أن القرار اتخذ “بناء على توصية الجيش الإسرائيلي ولأسباب عملياتية”. وتابعت: “إن إسرائيل ستسمح باستيراد كميات محدودة من الغذاء والسلع الأساسية لمنع أزمة الجوع التي قد تعيق استمرار القتال ضد حماس”.
لكن القرار قوبل باستياء كبير داخل الحكومة الإسرائيلية، وخاصة بين الوزراء اليمينيين المتطرفين. ودعا وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير إلى التصويت رسميا على القرار، لكن تم رفضه. وأثارت هذه الخطوة انتقادات حادة من اليمين، الذي اعتبر القرار بمثابة “تراجع في مواجهة الضغوط الدولية”.
وقال بن جفير في بيان له: “إن رئيس الوزراء يرتكب خطأ فادحا بإعطاء حماس الأكسجين الذي تحتاجه، في حين يجب علينا محاصرتها وليس إطعامها”.
وحاول مكتب نتنياهو تهدئة الاحتجاجات الداخلية بالقول إن استئناف تسليم المساعدات “مؤقت” ولن يستمر أكثر من أسبوع حتى تصبح مراكز توزيع المساعدات الجديدة في قطاع غزة جاهزة للعمل. وتقع هذه المراكز في جنوب قطاع غزة، وتخضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، وتديرها شركات أميركية خاصة.
وبحسب موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي، تجري الاستعدادات لإنشاء مؤسسة غزة الإنسانية، وهي آلية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لتنسيق استيراد وتوزيع المساعدات من أجل “ضمان الشفافية والحد من التلاعب”. ومن المتوقع أن تبدأ الآلية عملها في نهاية شهر مايو المقبل.
ونقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن مسؤول كبير قوله إن هذه المراكز ستعمل على فصل المساعدات الإنسانية عن سيطرة حماس وتوزيعها مباشرة على المحتاجين من خلال آلية يتم تنسيقها بين واشنطن وتل أبيب.
في هذه الأثناء، قالت الأمم المتحدة إنها تلقت إخطارا رسميا من إسرائيل بشأن استئناف محدود للمساعدات. وأكدت إيري كانيكو، المتحدثة باسم مكتب منسق الشؤون الإنسانية، أن المناقشات جارية لضمان وصول المساعدات إلى السكان المدنيين المحتاجين على الرغم من الظروف الأمنية المعقدة.
وأضاف المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن السلطات الإسرائيلية أبلغت المنظمة بنيتها استئناف تسليم كميات محدودة من المساعدات إلى غزة.
ومن المتوقع أن يتم الاتصال بمنظمات مثل برنامج الغذاء العالمي ومطبخ العالم المركزي، التي استهدفت غارة جوية إسرائيلية قافلتها في أوائل أبريل/نيسان، مما دفع المجتمع الدولي إلى تكثيف دعواته لضمان سلامة فرق الإغاثة.
ويرى المراقبون أن قرار نتنياهو يمثل أول استسلام علني للضغوط الدولية، وخاصة من الولايات المتحدة، منذ بدء الحرب. وقد يكون هذا مؤشرا على تغير تدريجي في موقف إسرائيل تجاه الأزمة الإنسانية في غزة، مع تزايد الانتقادات الدولية وتراجع الدعم الشعبي للعمليات المستمرة في جميع أنحاء العالم.