كيف ردت مصر على طلبات صندوق النقد الدولي في المراجعة الخامسة؟.. فخري الفقي يجيب

منذ 4 ساعات
كيف ردت مصر على طلبات صندوق النقد الدولي في المراجعة الخامسة؟.. فخري الفقي يجيب

أكد فخري الفكي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن البعثة الخامسة لصندوق النقد الدولي تبحث حالياً عدة ملفات مهمة مع الحكومة المصرية تمهيداً لصرف الشريحة الخامسة من برنامج القرض.

وقال الفقيه إن أهم هذه الإشكاليات تتعلق ببرنامج المناقصات الحكومي، وأسباب البطء في تنفيذه، ومعايير الأداء الكمية والمؤشرات الهيكلية المطلوب تحقيقها.

وأوضح الفقيه أن الصندوق يركز من بين أمور أخرى على معدلات التضخم. ويعتبر البنك المركزي المصري هو المسئول عن هذه المعايير ويسعى إلى إدارتها بطريقة مستهدفة. وأضاف أن الصندوق قبل وصول مهمته الخامسة نصح بـ”الحذر” في السياسة النقدية عند اتخاذ قرار خفض أسعار الفائدة، وليس “الحذر” كما ذكرت بعض وسائل الإعلام عند مناقشة التقرير الأخير للصندوق.

وأشار الفقيه إلى أن صندوق النقد الدولي برر دعوته إلى الحذر بتوقع ارتفاع معدلات التضخم العالمية بسبب عوامل خارجية، بما في ذلك إجراءات التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد شركائه التجاريين. وقد يؤدي هذا إلى ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة، وانخفاض الاستهلاك، وبالتالي انخفاض الصادرات من الدول المنتجة مثل الصين. ومن شأن هذا أن يؤثر على الإنتاج العالمي ويؤدي إلى تباطؤ النمو واضطرابات في سلاسل التوريد، وبالتالي إلى ارتفاع معدلات التضخم العالمية.

وأضاف الفقيه أنه على الرغم من أن السيناريو المذكور أعلاه لم يتحقق حتى الآن، إلا أنه وارد بقوة في توقعات صندوق النقد الدولي، وقد يكون له تأثير على مصر كدولة مستوردة. قال: “نستورد سلعًا بقيمة تقارب 85 مليار دولار، ولا نصدر سلعًا غير نفطية بأكثر من 45 مليار دولار. وهذا يجعلنا مستوردين صافين، وبالتالي أكثر عرضة لتأثيرات التضخم العالمي”.

وأكد الفقيه أن صندوق النقد الدولي يرى أن على البنك المركزي المصري أن يتوخى الحذر في قراراته بخفض أسعار الفائدة، خاصة بعد أن بدأت معدلات التضخم المحلية في التراجع سنويا.

وتابع الفقيه أن لجنة السياسة النقدية من المقرر أن تعقد ستة اجتماعات في العام الجاري 2025، ومن المهم الأخذ بتوصيات صندوق النقد لتحقيق التوازن بين تحفيز الاقتصاد والسيطرة على التضخم.

وأشار الفقيه إلى أن تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في أبريل الماضي توقع أن يصل متوسط معدل التضخم في مصر في العام المالي الجديد 2025/2026 إلى نحو 12.5% (على متوسط 12 شهراً)، بينما تتوقع وزارة التخطيط أن يصل إلى 13%.

وفيما يتعلق بمعدلات النمو الاقتصادي، قال الفقي إن صندوق النقد الدولي خفض تقديراته للعديد من دول العالم، لكنه رفع توقعاته للنمو في مصر للعام المالي الحالي من 3.6% في مراجعته في يناير/كانون الثاني إلى 3.8% في أبريل/نيسان. كما رفعت الشركة توقعاتها للسنة المالية المقبلة من 4.1% إلى 4.3%.

وأشار إلى أن خطة وزارة التخطيط المقدمة لمجلس النواب تستهدف تحقيق معدل نمو 4.5% للعام المالي 2025/2026. ويعني هذا أن توقعات صندوق النقد الدولي قريبة من أهداف الحكومة، ومتوافقة في الوقت نفسه إلى حد كبير مع تقديرات التضخم الرسمية.

وقال إن البنك المركزي المصري يعمل على حماية نفسه من مخاطر التضخم المستورد من خلال تطبيق معايير الأداء الكمية والتي تتضمن مراقبة السيولة النقدية داخل الاقتصاد والائتمان المحلي الصافي للقطاعين العام والخاص.

وأوضح الفقيه أن البنوك تساهم في تمويل عجز الموازنة العامة من خلال القروض التي تقدمها لوزارة المالية. وأشار إلى أن وثيقة سياسة ملكية الدولة تهدف إلى زيادة صافي الائتمان للقطاع الخاص بنسبة أكبر من الائتمان للحكومة بهدف دعم النشاط الإنتاجي.

وأكد أن صندوق النقد الدولي، بالتعاون مع البنك المركزي ووزارة المالية، يتابع هذا المؤشر عن كثب لبحث حدود زيادة صافي الإقراض المحلي في إطار معايير الأداء الاقتصادي الكمي.

وأشار الفقيه إلى أن تجاوز التدفقات النقدية داخل الاقتصاد حدوداً معينة يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وأضاف أن خفض البنك المركزي لأسعار الفائدة شجع القطاع الخاص على الاقتراض نظراً لانخفاض تكلفة التمويل، وهو ما دفع البنوك إلى استثمار أموالها من خلال إقراض المستثمرين.

وأشار إلى أن سعر الفائدة انخفض مؤخرا من 27.25% إلى 25.25% لأن البنك المركزي يسحب السيولة الزائدة من البنوك من خلال عمليات الممرات، وبالتالي خفض التدفق النقدي في السوق.

وأكد أن صندوق النقد الدولي يتوقع تطورات في هذا الشأن خلال النصف الثاني من السنة المالية الحالية، حيث يشير مؤشرنا الحالي إلى أننا نستهدف زيادة طفيفة في صافي الإقراض المحلي نتيجة خفض سعر الفائدة.

وأوضح الفقيه أن كل زيادة بنسبة 1% في سعر الفائدة على سندات الحكومة تؤدي إلى زيادة أعباء الفوائد على الدين العام بما يزيد على 80 مليار جنيه سنويا. ومن المتوقع أن يؤدي خفض سعر الفائدة بنسبة 2.25% إلى تخفيف هذه الأعباء بما يقارب 180 مليار جنيه مصري، وهو ما يوفر تخفيفاً كبيراً للميزانية العامة.

وأشار الفقيه في كلمته إلى أن معايير الأداء الكمي تركز بشكل خاص على معدلات التضخم وصافي الإقراض للقطاع الخاص، حيث أن دعم الاستثمار والنشاط الاقتصادي غير الحكومي له أهمية كبيرة.

وأوضح الفقيه أن المناقشات شملت أيضاً مؤشرات هيكلية تتعلق بتعزيز دور القطاع الخاص. وأشار إلى أن المستهدف للعام المالي المقبل هو أن يستحوذ القطاع الخاص على 65% من إجمالي الاستثمارات في مصر، بينما تستحوذ الدولة على 35% فقط، بدلاً من التوزيع الحالي البالغ 50% بين الطرفين، وهو ما يتماشى مع أهداف وثيقة سياسة ملكية الدولة.

وفيما يتعلق ببرنامج الطرح العام الأولي الحكومي، أوضح الفقيه أن الصندوق ناقش مع الحكومة أسباب تأخر تنفيذ البرنامج.

وعزت الحكومة هذا التراجع إلى التحديات الإقليمية والدولية التي أثرت على مناخ الاستثمار، بما في ذلك الصراع في جنوب السودان، والاضطرابات في ليبيا، والتوترات في مضيق باب المندب. وبالإضافة إلى ذلك فإن انخفاض عائدات قناة السويس يعمل حاليا على إضعاف رغبة المستثمرين الأجانب في دخول السوق المصرية. وأكدت الحكومة أنها لن تبيع أصول الدولة “بسعر زهيد”، رغم استعدادها لمواصلة زيادة الانبعاثات.

وأضاف أن صندوق النقد الدولي أبدى تفهمه للظروف وتأثيرها على وتيرة الإصدار واقترح إدراج “بند تأجيل” مع مبرراته في ملف العرض الحالي وتقديمه إلى مجلس إدارة الصندوق.

وأكد الفقيه أنه في حال موافقة مجلس الإدارة على المراجعة، ستحصل مصر على الشريحة الخامسة بقيمة 1.2 مليار دولار، بالإضافة إلى الشريحة الأولى من تمويل “المرونة والاستدامة” الخاص بقيمة 1.3 مليار دولار أخرى، مع دفع نحو 350 مليون دولار كدفعة مقدمة. وسيتم بعد ذلك صرف ثلاث دفعات أخرى، وسيلي ذلك إجراء ثلاث مراجعات مع صندوق النقد الدولي.

وفيما يتعلق بسعر الصرف، قال الفقيه إن الصندوق أبدى ارتياحه للإجراءات المتخذة، موضحا أنه بسبب التوترات في باب المندب وخفض البنك المركزي لسعر الفائدة ارتفع سعر صرف الدولار مؤقتا إلى 51.70 جنيه مصري، مما أدى إلى خروج بعض رؤوس الأموال من الخارج. لكن في ظل الهدوء النسبي للوضع الدولي، عاود السعر الانخفاض إلى 50.17 جنيه.

وأشار الفقيه إلى أن الصندوق أوصى بأن يواصل البنك المركزي اتباع سياسة سعر الصرف المرنة وتركها لقوى العرض والطلب، مما سيساهم في القضاء على سوق الصرف الموازية.

وأكد الفقيه في تصريحاته أن أداء الحكومة المصرية يسير في الاتجاه الصحيح وفقا لمراجعات صندوق النقد الدولي. وأضاف أن موافقة مصر على مستوى الخبراء تعد مؤشرا قويا على موافقة مجلس الإدارة في واشنطن، حيث تحتاج مصر إلى تأمين ثلثي (65%) من أصوات المجلس التنفيذي للصندوق.

اقرأ أيضاً:

فخري الفكي: مصر ستتحول كلياً للمنح النقدية بدءاً من موازنة 2026-2027

تدرس شركة إيفولف القابضة طرح أدوات مالية جديدة لتوفير السيولة لصناديق الاستثمار.

فخري الفكي: كل خفض 1% لأسعار الفائدة يقلل عجز الموازنة بنحو 80 مليار جنيه مصري


شارك