معابر مغلقة وحرب مستمرة.. إلى أين وصلت الأزمة الإنسانية في غزة؟

ويعاني أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة من إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية منذ أن أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق جميع المعابر الحدودية الرئيسية إلى قطاع غزة في أوائل مارس/آذار الماضي. وهذا هو الحصار الأطول الذي يشهده قطاع غزة على الإطلاق. وسط تحذيرات دولية من انتشار المجاعة بين الفلسطينيين.
وقد تزايدت الكارثة غير المسبوقة والقلق العالمي إزاء تدهور الوضع في قطاع غزة. بعد أن أغلق برنامج الغذاء العالمي مطبخه في دير البلح وسط قطاع غزة، والذي كان يطعم 5 آلاف شخص يومياً، بسبب الوضع الأمني وصعوبة إيصال المساعدات.
ورغم نفاد مخزونات الغذاء في قطاع غزة، أكد برنامج الغذاء العالمي أن لديه مخزونات كافية من الغذاء على المعابر الحدودية وأنها جاهزة للاستيراد إلى قطاع غزة. وطالبت قوات الاحتلال الإسرائيلي بفتح المعابر والسماح لطواقمها بالدخول. وأكد البرنامج أن “أسواق غزة فارغة، ونعتمد على المساعدات لإطعام مليون شخص شهرياً”.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تغلق فيها وكالات الأمم المتحدة مطابخها في غزة. قبل أيام أعلنت شركة “وورلد سنترال كيتشن” في بيان لها عن تعليق عملياتها في قطاع غزة بسبب نقص الإمدادات. وأكدت أن المطبخ لم يعد يحتوي على الإمدادات اللازمة لطهي الوجبات أو الخبز.
وفي إبريل/نيسان من العام الماضي، أعلن برنامج الغذاء العالمي أن مخزوناته الغذائية في قطاع غزة قد استنفدت بسبب استمرار إغلاق المعابر الحدودية. يعتمد مليونا شخص في قطاع غزة على المساعدات الغذائية بشكل كامل من أجل البقاء على قيد الحياة.
وأكد البرنامج أنه لم تدخل أي مساعدات إنسانية أو تجارية إلى غزة منذ أكثر من ثمانية أسابيع، حيث لا تزال جميع المعابر الحدودية الرئيسية مغلقة. ويعتبر هذا الإغلاق الأطول الذي يشهده قطاع غزة على الإطلاق، ويؤدي إلى تفاقم وضع الأسواق وأنظمة الغذاء الهشة بالفعل.
من جانبها، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) في أبريل/نيسان الماضي أن المساعدات الإنسانية جاهزة لقطاع غزة، وأنها تنتظر إعادة فتح المعابر الحدودية التي أغلقتها إسرائيل في وقت سابق.
وأدانت الأونروا إغلاق المعابر الحدودية، مشيرة إلى أن نحو 3 آلاف شاحنة تحمل مساعدات إنسانية تنتظر الدخول إلى غزة، وأن إسرائيل يجب أن ترفع الحصار.
وفي نهاية شهر مارس/آذار، اضطرت جميع المخابز الـ25 في قطاع غزة التي يدعمها برنامج الغذاء العالمي إلى الإغلاق بسبب نقص دقيق القمح والوقود اللازم للطهي، ولم تعد الطرود الغذائية التي تم توزيعها على الأسر، والتي احتوت على حصص غذائية لمدة أسبوعين، كافية.
وبدون الحصول على إذن إسرائيلي لاستيراد المساعدات الإنسانية، لن تتمكن وكالات الأمم المتحدة من القيام بعملها الحيوي في قطاع غزة.
الوضع الطبي في مستشفيات غزة وصل إلى مستوى كارثي. ويمنع استيراد الإمدادات الطبية والمساعدات والأدوية الحيوية، وتتعرض المستشفيات والمراكز الصحية لهجمات ممنهجة من قبل سلاح الجو الإسرائيلي.
وقال مدير مستشفى بوزارة الصحة في قطاع غزة محمد زقوت إن القصف الإسرائيلي والمجازر بحق المدنيين الفلسطينيين تتصاعد في مختلف أنحاء قطاع غزة، وإن المستشفيات أصبحت غير قادرة على علاج الحالات الصعبة بسبب نقص الإمكانات الطبية والكوادر اللازمة.
الاتهامات الإسرائيلية
وتستخدم قوات الاحتلال الإسرائيلي الغذاء كسلاح للضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لتسليم سلاحها والامتثال للمطالب الإسرائيلية بإنهاء الحرب المستمرة منذ 18 شهراً. منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، قُتل أكثر من 53 ألف فلسطيني وجُرح أكثر من 120 ألف آخرين في هذه الحرب.
وبحسب قناة “كان” الإسرائيلية، تزعم إسرائيل أن حماس تقوم بسرقة المساعدات الإنسانية عبر الحواجز التي أقامتها في غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي عام 2005 وسيطرة الحركة على قطاع غزة عام 2007.
واتهم السفير الأميركي في تل أبيب مايك هكابي حركة حماس أيضا بالسيطرة على المساعدات الإنسانية في قطاع غزة. ورفضت الحركة هذه الإتهامات. وقال إن ذلك “بعيد عن الحقيقة”.
تعتبر حماس الاتهامات الأمريكية “تكرارًا للأكاذيب الإسرائيلية التي كشفتها جميع منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة في غزة، ويستخدمها السفير أيضًا لتبرير مشاركته في الخطط الإسرائيلية للتهجير والإخضاع بالتجويع”.