انطلاق فعاليات المؤتمر العلمي السنوي الثاني لمركز معلومات الوزراء حول الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية في مصر

منذ 19 ساعات
انطلاق فعاليات المؤتمر العلمي السنوي الثاني لمركز معلومات الوزراء حول الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية في مصر

بدأت اليوم أعمال المؤتمر العلمي السنوي الثاني لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء بالتعاون مع كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة. تنطلق فعاليات المؤتمر تحت عنوان “الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية في مصر: الطريق إلى النمو المستدام” على مدار يومين في العاصمة الإدارية الجديدة تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي وإشراف الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة. ويشارك في المؤتمر عدد كبير من المفكرين والخبراء والباحثين وأساتذة الجامعات والطلاب، بالإضافة إلى ممثلي الأجهزة التنفيذية والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية.

وتضمنت الجلسة الافتتاحية كلمة مسجلة لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، تم بثها في المؤتمر. وأعرب في البداية عن سعادته بالمشاركة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العلمي السنوي الثاني لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وهو شراكة مرموقة بين إحدى المؤسسات الأكاديمية المرموقة في مصر ومؤسسة فكرية حكومية رائدة.

وأشار مدبولي إلى أن المؤتمر العلمي السنوي لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، يعقد في وقت حرج على مستوى العالم، إذ يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤاً كبيراً في النمو الاقتصادي. ونتيجة لتصاعد التوترات التجارية وعدم اليقين السياسي غير المسبوق، أصبحت قدرة الحكومات في مختلف أنحاء العالم على معالجة هذه التحديات المعقدة معرضة للخطر بشكل كبير.

وأشار مدبولي إلى أن النظام الاقتصادي العالمي الذي عملت في إطاره دول العالم على مدى الثمانين عاماً الماضية، والذي يرتكز على مبادئ التعاون الاقتصادي والتعددية الدولية، يخضع حالياً لإعادة تصميم. ويبشر هذا بدخول الاقتصاد العالمي إلى عصر جديد، ولا تزال عواقبه الاقتصادية غير واضحة حتى الآن.

وأضاف مدبولي في كلمته أن جلسات المؤتمر والأوراق البحثية المتنوعة التي ستناقش فيه من المنتظر أن تساعد الدولة المصرية في مسيرتها نحو تنفيذ سياسات اقتصادية من شأنها التغلب على التحديات والاختلالات التي تواجه الاقتصاد المصري وتؤدي إلى سياسات اقتصادية أكثر فعالية وكفاءة. بهدف دعم مسيرة النهضة الاقتصادية في بلدنا الحبيب مصر.

واختتم رئيس مجلس الوزراء كلمته بتقديم الشكر والتقدير لجميع القائمين على تنظيم هذا المؤتمر، وعلى رأسهم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وكذلك لجميع المشاركين. وتمنى النجاح للمؤتمر، مؤكداً أن الحكومة المصرية تتطلع إلى التوصيات التي سيخرج بها هذا المؤتمر لاتخاذ القرارات اللازمة.

وتضمنت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أيضًا كلمة مسجلة للدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تم بثها. وأشارت فيها إلى أن مصر أحرزت تقدما كبيرا في عملية الإصلاح الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة. ويهدف هذا البرنامج إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، والقضاء على الاختلالات الهيكلية، وتحسين قدرة الاقتصاد على الصمود في وجه التحديات.

وأشارت المشاط إلى أن هذه العملية تتعمق عاما بعد عام وتحظى باعتراف متزايد من المجتمع الدولي والمؤسسات الاقتصادية العالمية. لقد رفعت مؤسسات كبرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مؤخرا توقعاتها للنمو الاقتصادي في عامي 2025 و2026، ولكنها في الوقت نفسه خفضت توقعاتها للنمو في العديد من البلدان حول العالم بسبب التعقيد المتزايد للمشهد الاقتصادي الدولي. ويؤكد ذلك فعالية سياسة الإصلاح التي تنتهجها الدولة المصرية وثقة الشركاء الدوليين في مسارها.

وأضافت أن الدولة المصرية تريد تحويل نموذجها الاقتصادي لتحقيق نمو مستدام يرتكز على القطاعات القابلة للتداول والموجهة للتصدير. ويجب أن يتم ذلك من خلال تشجيع الاستثمار، وجذب الصناعة المحلية، وتنفيذ التدابير المتكاملة التي تعمل على تحسين نمو الاقتصاد وقدرته على امتصاص الصدمات.

وأشارت إلى أن الحكومة المصرية نفذت سلسلة من إجراءات الإصلاح الاقتصادي والهيكلي منذ مارس 2024، وهو ما انعكس في ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، ليصل إلى 4.3%، مقارنة بـ2.3% في الفترة المقابلة من العام المالي السابق.

وأكدت المشاط أنه رغم المؤشرات الإيجابية إلا أن مكونات هذا النمو والقطاعات التي سجلت أكبر نمو هي الأهم. وجاء النمو في الربع الثاني مدفوعاً بقطاع الصناعات التحويلية غير النفطية، الذي سجل معدل نمو بلغ 17% للربع الثالث على التوالي، مقارنة بانخفاض بلغ 11% في الفترة المقابلة من السنة المالية السابقة. وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك نمو في قطاعات النقل والتخزين والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مما يعكس تأثير الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية ودعم النمو الموجه نحو التصدير.

من جانبه، أعرب الدكتور أسامة الجوهري مساعد رئيس الوزراء رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، عن سعادته بافتتاح فعاليات المؤتمر في العاصمة الإدارية الجديدة وبالتعاون مع مؤسسة أكاديمية مرموقة، ممثلة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وأكد حرص المركز على تعزيز شراكاته البحثية مع العديد من المؤسسات الأكاديمية. ويهدف إلى دعم العمل البحثي، ورفع إنجازات الباحثين إلى مستوى معترف به دوليا، وتطوير مساهمات بحثية راسخة ذات قيمة مضافة.

وأشار الجوهري إلى أن انعقاد المؤتمر السنوي هذا العام تحت عنوان “الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية في مصر: الطريق إلى النمو المستدام” يعكس اهتمام المركز كمركز بحثي رائد بالمساهمات البحثية الهادفة إلى تقديم توصيات عملية لصناع القرار ودعم جهود الدولة المصرية لمواصلة عملية الإصلاح على كافة المستويات. وأشار إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في وقت مهم للغاية. إن هناك حاجة متزايدة إلى إصلاحات هيكلية ومؤسسية شاملة تعمل على إعادة تشكيل أسس النمو الاقتصادي وتعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود في وجه الصدمات المتتالية. وتشمل هذه التحديات، من بين أمور أخرى، التحديات التي يواجهها النظام الاقتصادي العالمي والأسس التي أرساها في أربعينيات القرن العشرين، وارتفاع التعريفات الجمركية العالمية الفعالة إلى مستويات قياسية لم يشهدها الاقتصاد العالمي منذ عقود، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.

وأضاف: “تتجلى أهمية المؤتمر أيضًا في تنوع المساهمات البحثية التي يتضمنها، سواءً من باحثين متميزين أو خبراء اقتصاديين. ويشارك في جلسات المؤتمر، التي تنقسم إلى ست جلسات بحثية تتناول ستة محاور للإصلاح الهيكلي والمؤسسي، بالإضافة إلى خمس حلقات نقاشية تدعم أعمال المؤتمر، ثلاثون باحثًا و27 أستاذًا جامعيًا و25 خبيرًا اقتصاديًا متميزًا”.

وأضاف الجوهري أن انعقاد هذا المؤتمر الذي يعد منصة بحثية مشتركة تجمع الأكاديميين وصناع القرار في مصر يؤكد أهمية قنوات التواصل والتفاعل المستمر بين الحكومة والمجتمع الأكاديمي. وليس هناك دليل أفضل على ذلك من نتائج الجلسة الأولى للمؤتمر، والتي حملت عنوان “صنع السياسات في أوقات المخاطر وعدم اليقين”، والتي تضمنت توصيات مهمة لتعزيز عملية صنع القرار في مصر في العديد من المجالات ذات الأولوية، وخاصة في أوقات تزايد المخاطر وعدم اليقين، ودعم مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على مواجهة الأزمات.

وأكد أهمية نتائج هذا المؤتمر وإعلان توصياته. دعم جهود ومساعي الحكومة المصرية لمواصلة عملية الإصلاح الهيكلي والمؤسسي الواردة في برنامج عمل الحكومة المصرية.

وفي كلمة له عبر الفيديو كونفرانس، استعرض الدكتور محمود محيي الدين، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والمبعوث الخاص للأمم المتحدة لأجندة التمويل 2030، آفاق الاقتصاد المصري بعد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي. وأشار إلى أن أولويات مصر في إطار البرنامج الحالي مع صندوق النقد الدولي تتمثل في النمو والتشغيل وتراكم الاستثمار وتمويل التنمية وإدارة الدين العام والسيطرة على عجز الموازنة ومكافحة التضخم وتحقيق نقلة نوعية في الصادرات وخلق بيئة اقتصادية متكافئة ومنافسة عادلة وتوطين وتسريع التنمية المستدامة.

وأضاف أن تحقيق النمو المستدام والشامل يتطلب تطوير السياسات العامة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي. ويتم تحقيق ذلك من خلال السيطرة على عجز الموازنة العامة وتفعيل السياسة النقدية بمكافحة التضخم وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويضاف إلى ذلك التركيز على التراكم الطويل الأجل من خلال الاستثمارات في البشر، والبنية الأساسية التكنولوجية والمادية، والاقتصاد الأخضر. وعلاوة على ذلك، يتم تعزيز الاقتصاد من خلال الاستثمارات في تحسين القدرة على امتصاص الصدمات الاقتصادية والجيوسياسية، وفي التنويع الاقتصادي، وفي التعاون الإقليمي، وفي تحسين القدرة التنافسية.

وأشار أيضاً إلى أن تحقيق النمو المستدام والشامل يتطلب توطين التنمية المستدامة. ويتطلب ذلك تطبيق نهج تنافسي للاستثمار المحلي في المحافظات، يرتكز على زيادة إنتاجية عوامل الإنتاج وتحسين بيئة الاستثمار للقطاع الخاص، مع تعزيز الاستثمار العام والشراكات من أجل تطوير منظومتي التعليم والصحة وصيانة المرافق العامة. وأكد أيضا على أهمية الحكم الرشيد من خلال إدخال الإصلاحات المؤسسية وخلق فرص العمل وتحسين نوعية النمو. من جانبه أشار الأستاذ الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة إلى أنه في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تواجه مصر والعالم العربي والعالم ككل، فإن هناك حاجة إلى إصلاحات هيكلية ومؤسسية في العديد من القطاعات لمواجهة هذه التحديات وتحقيق الرخاء للسكان. وكما أكدت الأمم المتحدة على ضرورة إجراء إصلاحات مؤسسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، أطلقت الحكومة المصرية المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للإصلاح الهيكلي في عام 2016 والمرحلة الثانية في عام 2021.

وأضاف أن المؤتمر المشترك لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة يعد منصة علمية لمناقشة القضايا الحرجة وتبادل الأفكار والخبرات بين الأكاديميين والباحثين وصناع القرار. علاوة على ذلك، يعد هذا المؤتمر أداة علمية لدعم جهود الإصلاح الوطني. ويهدف المؤتمر إلى تقديم توصيات عملية وقابلة للتطبيق بناء على مساهمات بحثية وجولات نقاشية. وأكد أن أهمية هذا المؤتمر تكمن في ربطه بين الخبرة الأكاديمية لجامعة القاهرة والدور التطبيقي العملي لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار كمؤسسة وطنية رائدة.

وأوضحت الدكتورة أمنية حلمي، رئيسة المؤتمر وأستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ونائبة العميد السابقة للدراسات العليا والبحث العلمي، أن هدف هذا المؤتمر هو مناقشة الجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة المصرية نحو الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية والمؤسسية في مواجهة التحديات العالمية المعقدة ومتعددة الأوجه وغير المسبوقة، بدءًا من جائحة كوفيد-19 في عام 2020، ومرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022 وأزمات سلسلة التوريد الناتجة عنها، فضلاً عن الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة والغذاء العالمية. ويتناول التقرير أيضا التوترات الجيوسياسية الإقليمية في الشرق الأوسط، وأخطرها الحرب الدائرة في غزة في عام 2023، فضلا عن تصاعد الحمائية التجارية، مما يشكل تهديدا كبيرا لمصداقية النظام الدولي المتعدد الأطراف.

وأضافت أن المؤتمر سيشارك فيه 30 باحثاً اقتصادياً و27 أستاذاً جامعياً و25 خبيراً اقتصادياً كرؤساء جلسات وورش عمل ومعلقين بحثيين، عبر ست جلسات بحثية وخمس جولات نقاشية.


شارك