وزيرة التخطيط: التحديات العالمية تفرض على الحكومات تبني رؤى مرنة واستباقية

منذ 7 ساعات
وزيرة التخطيط: التحديات العالمية تفرض على الحكومات تبني رؤى مرنة واستباقية

شاركت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في منتدى سانت جالن السنوي المنعقد بجامعة سانت جالن في سويسرا. وشارك في المنتدى هينج سوي كيت، نائب رئيس وزراء جمهورية سنغافورة، والرئيس التنفيذي لشركة سيمنز، والرئيس التنفيذي لشركة سويس ري للتأمين. وشارك في المنتدى قادة الفكر وصناع القرار ورجال الأعمال من مختلف أنحاء العالم، بهدف تبادل الأفكار ومناقشة القضايا الملحة التي تشكل الحاضر وتؤثر على المستقبل.

وقالت المشاط إن هذا المؤتمر يعقد في وقت حرج يشهد فيه العالم حاليا تحولات جذرية في موازين القوة السياسية والاقتصادية، مصحوبة بتسارع غير مسبوق في وتيرة التطور التكنولوجي وتفاقم المشاكل البيئية والمناخية. إن هذه التحولات تؤدي إلى تغيير النظام العالمي وتتطلب من الحكومات والمؤسسات أن تتبنى رؤى مرنة واستباقية وأن تعمل معاً بشكل فعال لتحسين قدرتها على التكيف وتحقيق النمو المستدام.

وأكدت المشاط أن مراكز القوة التقليدية أصبحت أكثر ارتباطا بالأسواق الناشئة، وأن أنماطا جديدة من التفاعل الاقتصادي والسياسي ظهرت. وهذا يتطلب منا إعادة النظر في نماذج التنمية والتجارة السائدة والسعي إلى إيجاد حلول أكثر شمولاً وتكاملاً تتناسب مع طبيعة وتعقيد الوضع الحالي.

وأوضحت أن مصر تدرك أهمية مواءمة السياسات الوطنية مع التوجهات الإقليمية والدولية، مشيرة إلى أنه انطلاقا من هذه الرؤية تسعى الدولة إلى القيام بمبادرات استراتيجية تعزز موقعها الجغرافي كمفترق طرق بين القارات وتفتح آفاقا جديدة للشراكات الاستثمارية والتنموية.

وأكدت على الدور المحوري لوزارة التخطيط والتعاون الدولي في صياغة السياسات الاقتصادية للبلاد وتعزيز الشراكات الدولية لضمان مواكبة مسارات التنمية في مصر للتغيرات العالمية. وأكدت أنه رغم التحديات الاقتصادية العالمية، فإن مؤشرات الأداء الاقتصادي المصري تحسنت بشكل ملحوظ في الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، حيث ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.3%. وجاء هذا النمو مدفوعاً بالأداء القوي في العديد من القطاعات، وخاصة التصنيع غير النفطي، والنقل والتخزين، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة.

وأشارت إلى أن تنوع مصادر النمو يؤكد نجاح السياسات الحكومية في تحفيز القطاعات الإنتاجية وتعزيز النمو المبني على الابتكار والشمول. وأكدت أن الحكومة تؤمن بأهمية القطاع الخاص كشريك أساسي في عملية التنمية. اعتمدت الحكومة إصلاحات هيكلية وتشريعية لتحسين بيئة الأعمال وزيادة جاذبية الاستثمار، مما أدى إلى زيادة الاستثمار الخاص في حين انخفض الاستثمار العام.

وفيما يتعلق بتسريع التنمية وتعزيز التكامل الإقليمي والدولي، أشارت المشاط إلى إطلاق الوزارة الاستراتيجية الوطنية للتمويل المتكامل، والتي تهدف إلى تعبئة الموارد وربط تمويل التنمية بالأولويات الوطنية. ويساعد هذا الإطار على تعزيز التعاون مع مؤسسات التمويل الدولية وشركاء التنمية وتوجيه الموارد إلى القطاعات الرئيسية، وخاصة تنمية رأس المال البشري، والتحول الصناعي، وتنمية البنية التحتية المستدامة. كما تم استعراض أهم مخرجات منصة المشاريع الخضراء الوطنية، برنامج “نوفي”.

وفي سياق مماثل، ألقت المشاط كلمة في اجتماع منتدى سانت جالن بعنوان “مزيد من القوة، ومزيد من التحديات؟” “مسار الاقتصادات الناشئة في عالم متغير” – أكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي أن مسار مصر في السنوات الأخيرة كان وسيظل يتميز بالطموح والمثابرة، استناداً إلى رؤية واضحة للتنمية المستدامة. وأكدت على السعي لتحقيق مستقبل أكثر مرونة واستدامة على الرغم من الأزمات والضغوط العديدة التي يواجهها العالم.

وفي هذا السياق، أوضحت المشاط أن الحكومة بدأت في تنفيذ حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الشاملة في مارس/آذار 2024 بهدف تعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود في وجه هذه التحديات والانتقال إلى مسار التنمية المستدامة. وتشمل هذه الإصلاحات إعادة هيكلة نظام الدعم، وتنفيذ سياسة ضريبية أكثر انضباطا، والاستثمار في الطاقة المتجددة، وتحديث سوق العمل، وتوسيع التعاون الإقليمي.

كما سلطت الضوء على الخطوات الرئيسية التي اتخذتها الدولة لتحقيق هذه الأهداف الطموحة، بما في ذلك وثيقة استراتيجية ملكية الدولة، التي تهدف إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص إلى 65٪ من إجمالي الاستثمارات بحلول عام 2025؛ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج مساعدات مالية بقيمة 8 مليارات دولار لتحسين الاستقرار الاقتصادي الكلي وتحقيق قدر أكبر من مرونة سعر الصرف؛ واستراتيجية التمويل الوطنية المتكاملة، التي أدت إلى تعبئة أكثر من 12 مليار دولار أمريكي من التمويل منخفض الفائدة لدعم الحماية الاجتماعية والتحول الرقمي والنمو الأخضر. وأكدت أن هذه الجهود أثبتت تصميم الدولة على تحويل الأزمات إلى فرص وإرساء أسس متينة للتنمية الشاملة والمستدامة.

وفيما يتعلق بالتحولات الإقليمية، أشارت المشاط إلى أن انضمام مصر لمجموعة “بريكس+” يمثل تحولاً استراتيجياً في السياسة الاقتصادية والدبلوماسية. وقد أتاح هذا الانضمام لمصر فرصة الاندماج في تحالف يمثل نحو 37% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ويضم 46% من سكان العالم. وأكدت أن مصر أصبحت من خلال هذه العضوية لاعباً فاعلاً في بنك التنمية الجديد.

وأوضحت أن هذا المسار يمثل نقلة نوعية في التعاون بين دول الجنوب، ويساهم في التكامل الإقليمي، ونقل الخبرات، ودعم جهود التنمية في الدول النامية. وأكدت أن الحكومة المصرية تظل ملتزمة بتنفيذ الإصلاحات الاستراتيجية وتعزيز مشروعات البنية التحتية والتنمية المستدامة التي من شأنها تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحقيق النمو الشامل وترسيخ مكانة مصر في الاقتصاد العالمي.


شارك