مهرجان أسوان لأفلام المرأة يرصد صورة المرأة في السينما العربية

يتناول مهرجان أسوان الدولي التاسع لسينما المرأة، الذي يقام في الفترة من 2 إلى 7 مايو المقبل، صورة المرأة في السينما العربية من خلال تقريره السنوي، والذي سيصدره المهرجان في كتاب دوري ضمن فعاليات دورته التاسعة التي تقام في الفترة من 2 إلى 7 مايو المقبل.
وتحدث السيناريست محمد عبد الخالق رئيس المهرجان عن تقرير صورة المرأة في السينما العربية، قائلاً إنه بدأ مع الدورة الرابعة من المهرجان. وأشار إلى أن الفيلم ليس بالضرورة أن يتناول المرأة، بل يجب أن يظهر صورة متنوعة للمرأة في المجتمع.
وأشار إلى أن تقرير هذا العام جاء مختلفاً عن الأعوام السابقة، وتناول حالات ونماذج محددة من الأفلام المؤثرة التي تناولت قضايا المرأة خلال العام. وهو كتاب قام بتحريره محمد طارق وأمنية عادل وأعتبره كتاباً جديداً وإصداراً جديداً.
تحدثت الناقدة أماني عادل عن تقرير «العدسة والمرآة» الذي هدف إلى التقاط العديد من التفاصيل حول حضور المرأة في السينما العربية، خاصة في ظل سيولة صناعة السينما والتقاطعات والعولمة فيها. هناك العديد من المخرجين الذين يقدمون أفلامًا لا تتعلق بمجتمعاتهم، بل ببلدان ومجتمعات أخرى.
ورحبت بالدكتورة لمياء جيجة مديرة المركز الوطني للسينما والصورة في تونس، والتي قالت إنها معجبة بنساء أسوان وتعتبر أسوان مدينة ملهمة. وأكدت أنها شهدت حركة ونشاطًا فريدًا لم تشهده من قبل، مؤكدة دعمها للثقافة في كافة محافظات مصر وخاصة في الجنوب. وأعربت عن اعتقادها بأن ما وصلت إليه السينما التونسية اليوم، برجالها ونسائها، يعود إلى تكوين أجيال بأكملها في ثقافة التصوير الفوتوغرافي والمسرح.
وقالت إنه في عام 1975 قدمت المخرجة سلمى بكار فيلم فاطمة 75، وهو فيلم وثائقي لم يعجب السلطات آنذاك، وتم منعه لمدة 30 عاماً. يمكن اعتباره أول فيلم يجمع بين الفيلم الروائي الطويل والفيلم الوثائقي. وأكدت على أهمية هذا التكامل في تدريس لغة السينما لتمكين الشباب والنساء من إنتاج أفلام مناسبة للمشاركة في المهرجانات الدولية.
وأضافت لمياء أن المرأة لديها شغف بالسينما سواء من حيث الصوت أو الصورة أو تصميم الديكور، وأن ما تعيشه تونس اليوم هو نتيجة لهذه الاستثمارات في التعليم السينمائي من خلال التعليم والتدريب. وأشارت إلى فيلم تونسي يعرض هذا العام في مهرجان كان السينمائي، من إخراج نساء وتم إنتاجه في تونس. وأكدت أن وراء الأفلام كانت هناك منتجات وشريكات إنتاج عربيات مكنتها من توجيه أصدقائها وزميلاتها في المونتاج والكتابة وغيرها من المجالات، والمغامرة نحو رؤى مختلفة عن السائدة.
ودعت النساء إلى الاعتماد على لغة السينما العالمية، وتجاوز خصوصية المجتمع. وذكرت كمثال فيلم “السودان يا عزيزي” الذي أخرجه تونسي وليس سوداني ولكنه كان متعلما جيدا. لقد عكست روح الفيلم ما عاشه السودان خلال الثورة، وعبّرت عن الواقع بصدق وعمق في لغة الفيلم.
وأشارت الناقدة أماني عادل إلى السينما اليمنية والجوانب الجديدة لحقوق المرأة التي تتناولها. قالت هدى جعفر من اليمن إن علاقتها بمصر بدأت بحبها للفنان محمد منير. وأضافت أن المقال الذي ساهمت به في الكتاب كان عن فيلم “المنهك”. وأكدت أن الصراعات السياسية في اليمن أدت إلى تنوع في طريقة تناول السينما. وأعربت عن اعتقادها بأن التغيرات السياسية تؤدي إلى تغيرات اجتماعية تؤثر على صناعة السينما. وأكدت أن أول دار سينما افتتحت في جنوب اليمن عام 1959 وأن افتتاح دار سينما في عدن لم يحظ باستحسان شعبي كبير. وأوضحت أن فيلم “المرهق” هو الفيلم اليمني الثاني للمخرج عمرو جمال، وأنه يحظى بإقبال جماهيري كبير رغم الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد. تدور أحداث الفيلم حول وضع زوجين من الطبقة المتوسطة تدهورت حياتهما بسبب ظروف الحرب. لدى العائلة ثلاثة أطفال والمرأة حامل. بسبب ظروف المعيشة القاسية تلجأ إلى الإجهاض.
وأوضحت أن الفيلم لا يتحدث عن الإجهاض، بل عن الظروف في اليمن التي حرمت العديد من الأسر من الحصول عليه. تم إنتاج الفيلم في ظل ظروف صعبة وهو أول فيلم يمني يشارك في مهرجان برلين السينمائي. من المهم عرض الفيلم في المهرجانات العالمية، ولكنني أعتقد شخصياً أن التشابه في اللغة والثقافة العربية يجعل عرضه وتوزيعه في الدول العربية أكثر أهمية.
تحدثت لمياء جيجة عن فيلم “بنات الفاتح” للمخرجة كوثر بن هنية، وأكدت على صعوبة تجسيد دور حقيقي، وهو ما نجحت فيه هند صبري. يحتوي الفيلم على قدر كبير من العنف، لكن هذا العنف قد يكون في بعض الأحيان ميزة، حيث أنه يثير العديد من الأسئلة التي يساعد الجمهور على الإجابة عليها.
وأشار محمد عبد الخالق إلى أن عمرو جمال مخرج فيلم “المنهك” إنسان وتواجده في هذه الحالة يؤكد تضامنه مع القضايا الاجتماعية الحساسة والمهمة في بلاده. لقد همّش الأزمة، وليس الشخص، بل جعله محور الفيلم. وقال إن ما يحدث في غزة أمر لا يمكن وصفه، وبعد فترات طويلة من الغضب ومظاهر الرفض والاحتجاج والتضامن مع أهل قطاع غزة، اعتبره البعض الآن أمراً طبيعياً. وتساءل: “هل يرتبط هذا بالسردية العربية التي تقول إن الإنسان يوضع في وضع ملحمي مأساوي كما نرى في غزة؟” هل تنقل السينما والمسرح هذه الأزمات؟ هل هذه سمة من سمات السينما العربية؟
وأشارت أماني عادل إلى أن هذه السرديات قد تنشأ من أفكار في أذهان صناع الأفلام الذين يحاولون تأمين التمويل لتنفيذها، وأن التنفيذ يأتي بعد فترة طويلة من تصور الفكرة لأول مرة. ويحدث هذا أيضًا في السينما الفرنسية وأميركا اللاتينية.
وقالت: “في العام الماضي فقط، رأينا العديد من المخرجات يقدمن أعمالاً تستهدف الجمهور، وهو ما يعني أنهن يخاطرن أيضاً في دورة الربح والخسارة”.
وأشارت لمياء قيقة إلى أن محدودية الدعم والتمويل أدت إلى التركيز على تقديم قصص محلية يمكن أن تجد طريقها إلى العالمية، فيما قالت هدى جعفر إنه يبدو أن هناك هوساً بالاعتراف الدولي لدى بعض صناع الأفلام، مع العلم أننا في الشرق الأوسط عالميون مقارنة بمناطق وثقافات أخرى، لذلك يجب تقييم أعمال الآخرين بناءً على الأساليب الفنية مثل طريقة التصوير والمونتاج والتقنيات الحديثة، في حين أن الأفلام في العالم العربي تتناول عادة قضايا مثل التحرش والفقر والاغتصاب أو غيرها من المواضيع التي تبدو مثيرة للجدل، لذا فإن قيمتها تنبع من قدرتها على إثارة الجدل مهما كان الفيلم ضعيفاً على المستوى التقني. وقالت إن العناصر الجمالية والفنية هي المعيار للحكم على الأفلام، وليس الأسئلة التي تثيرها. إن الفيلم الذي يلبي المعايير الفنية والجمالية قادر على معالجة القضايا الاجتماعية وبالتالي سيكون أكثر تأثيرا. لكن هذا يتطلب وجود منتج محلي شجاع وضميري.
وأشار محمد عبد الخالق إلى الفرق بين مطالب المانحين والأفلام التي يتقبلها الجمهور ويحبها، مشيرا إلى فيلم احتفل به المانحون بينما لم يتحمله الجمهور حتى خمس دقائق. وأكد أنه لا يهتم بالتفضيلات الموضوعية للمانحين، بل بكيفية تنفيذها فنياً وجمالياً لجذب الجمهور. وقال: “أعتقد أننا بحاجة إلى العودة إلى جوهر السينما: هل هي فن أم وسيلة للتوعية ومعالجة المشاكل؟”
وأشارت هدى جعفر إلى فيلم «ساندوتش» للمخرجة عطيات الأبنودي، والذي يحكي قصة طفل يريد أن يصنع ساندوتش في قرية نائية بصعيد مصر. لكن خبز عباد الشمس الخاص بالطفل قاسٍ للغاية، لذا فهو يحاول ترويضه بطرق عديدة، ولكن دون جدوى. وقالت إن الفيلم رغم بساطته إلا أنه كان جميلاً للغاية لأنه تعمق في التفاصيل المحلية وقدمها بطريقة فنية وجمالية رائعة.
تحدثت الإعلامية رباب الشريف عن جهود صناع السينما العرب في صناعة جيل جديد، وأكدت على أهمية الموزعين والمنتجين في النهوض بالصناعة السينمائية ودعمهم مما يعطيها زخماً.
وفيما يتعلق بصورة المرأة في السينما العربية خلال العام الماضي، لاحظ المشاركون في التقرير تفسيرات متنوعة وذكية للأفلام الوثائقية والوثائقية التي تتناول قضايا المرأة. ونشهد أيضًا بشكل متزايد أفلامًا لمخرجات نساء تجذب الجيل الجديد، وهناك أفلام تصور الواقع بطريقة خيالية، مثل فيلم “شرق 12”. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من المبادرات الجريئة التي تحاول الجمع بين تفاعل الجمهور والإشادة النقدية. أصبحت هناك منصات وورش عمل تشجع المخرجات على تقديم أعمال سينمائية جديدة ومؤثرة بنهج إنساني وربما حتى نسوي.
وسلطت لمياء جيجة الضوء على دخول المرأة إلى عالم الإنتاج هذا العام، مؤكدة أن نسبة المنتجات في تونس وبقية الدول العربية مرتفعة جداً، وهناك نشاط ملحوظ في مجال الإنتاج وورشات كتابة السيناريو والإخراج.