رغم خفض الفائدة.. العائد المرتفع يسيطر على طلبات الاستثمار في أدوات الدين

ورغم قرار البنك المركزي مؤخرا بخفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 225 نقطة أساس، فإن البنوك والمستثمرين المشاركين في مزادات سندات الحكومة المصرية وأذون الخزانة يواصلون فرض أسعار فائدة تصل إلى 30%. ويعزو الخبراء ذلك إلى المخاوف بشأن التوترات الجيوسياسية المستمرة وتأثيرها على الاقتصاد، فضلاً عن احتياجات الحكومة المتزايدة للتمويل.
وفي اجتماعه في نهاية أبريل/نيسان، أعلن البنك المركزي خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 225 نقطة أساس للمرة الأولى منذ خمس سنوات. ومن المقرر أن تصل أسعار الفائدة لليلة واحدة على الودائع والقروض إلى 25% و26% على التوالي.
ويأمل العديد من الخبراء الاقتصاديين أن يؤدي خفض أسعار الفائدة الأخير من جانب البنك المركزي إلى تخفيف عبء الديون الحكومية. وبحسب بيان موازنة 2024-2025، فإن زيادة أسعار الفائدة بنسبة واحد بالمائة ستكلف الموازنة ما بين 75 و80 مليار جنيه سنويا.
ومع ذلك، حتى بعد خفض أسعار الفائدة، واصل المتعاملون الرئيسيون في أذون وسندات الخزانة المصرية المطالبة بأسعار فائدة مرتفعة في أحدث المزادات التي عقدها البنك المركزي نيابة عن وزارة المالية يومي الأحد والاثنين. وفي هذه المزادات، بلغت قيمة العطاءات 45 مليار جنيه مصري لسندات أجل 364 يوماً، و30 مليار جنيه لسندات أجل 182 و91 يوماً، و35 مليار جنيه لسندات أجل 273 يوماً. ووصلت أسعار الفائدة المطلوبة إلى 30.99 بالمئة، ما أجبر البنك المركزي على قبول عروض أقل من تلك المطلوبة. وتراوحت أسعار الفائدة المتوسطة بين 24.4% و27.8%.
قال محمد عبد الحكيم العضو المنتدب ورئيس قطاع البحوث بشركة أوستيل لتداول الأوراق المالية والسندات، إن استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، خاصة من جانب المستثمرين الأجانب الذين يشترون السندات من خلال المتعاملين الأساسيين، يرجع إلى زيادة المخاطر، وخاصة مخاطر العملة.
شهد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري تقلبات خلال الشهر الماضي بسبب تأثيرات الحرب التجارية. وتجاوزت العملة الأميركية مستوى 51.71 جنيه مصري للمرة الأولى قبل أن تستعيد خسائرها وتهبط دون 51 جنيهاً بنهاية أبريل/نيسان، ليسجل البنك المركزي سعر 50.87 جنيه مصري.
وكان محافظ البنك المركزي حسن عبدالله قد صرح في وقت سابق بأنه لا يستطيع تحديد سعر الصرف حالياً وأن البنك المركزي ملتزم بسياسة سعر صرف مرنة تعتمد على العرض والطلب على غرار العملات العالمية.
وأضاف عبد الحكيم أن خفض أسعار الفائدة على أذون وسندات الخزانة المحلية يعتمد على احتياجات البنك المركزي من الدولار. وأوضح أنه كلما انخفض الطلب على الدولار وزاد العرض، زادت احتمالات انخفاضه.
وبحسب البنك الدولي، بلغت الالتزامات الخارجية لمصر نحو 43.2 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري.
قالت نسرين عباس، أستاذة الاقتصاد ونائبة عميد كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، إن المكتتبين في أذون وسندات الخزانة يطالبون برفع أسعار الفائدة لأسباب عدة، منها المخاوف من تجدد الضغوط التضخمية، وحاجة الحكومة الماسة لتمويل عجز الموازنة. وأضافت أن إصدار كميات كبيرة من الأذون والسندات يفرض ضغوطا على المشترين للمطالبة برفع أسعار الفائدة.
قامت وزارة المالية بزيادة احتياجاتها التمويلية في موازنة السنة المالية القادمة 2025-2026 بنحو الربع مقارنة بالعام السابق؛ وبحسب التقديرات الأولية للميزانية، ستكون هناك حاجة إلى نحو 3.6 تريليون جنيه مصري لتغطية العجز في الميزانية للسنة المالية المقبلة.
وأشارت نسرين إلى أن البنك المركزي ربما يحتاج إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة على أذون وسندات الخزانة لإبقائها جذابة للمستثمرين الأجانب، خاصة في ظل رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة. وأضافت أن زيادة ثقة المستثمرين في العملة الوطنية والمالية العامة من شأنها أن تشجع على خفض أسعار الفائدة. ومن المتوقع أن تتراوح أسعار الفائدة بحلول عام 2025 بين 24 و27 في المائة.
وقال مصطفى شفيع، رئيس قسم الأبحاث في عربية أونلاين: “إذا خفض البنك المركزي أسعار الفائدة، فليس من الضروري أن تنخفض قيم أذون الخزانة والسندات أيضاً”.
وأوضح الشافعي أن ارتفاع أسعار الفائدة بشكل مستمر يرجع إلى مخاوف المستثمرين بشأن المخاطر الجيوسياسية في المنطقة. وأشار إلى أن انحسار الحرب التجارية، وتحسن توقعات صندوق النقد الدولي للاقتصاد المصري، و”تحويل ديون عدد من الدول إلى استثمارات”، سيؤدي إلى تراجع أسعار الفائدة التي يطلبها المستثمرون على أذون وسندات الخزانة خلال الأشهر المقبلة.