سوق البالة في مصر.. ملجأ للمواطنين وتهديد للمصانع المحلية

علامات تجارية بأسعار جذابة وجودة عالمية تنافس المنتجات المحلية
بسبب ارتفاع أسعار الملابس الجديدة، والتي أصبحت أعلى بكثير من أسعار الملابس المستوردة، يلجأ المواطنون إلى سوق الملابس المستعملة.
ويطالب المصنعون بمراجعة كميات الاستيراد المسموح بها.
الدعور: فرق السعر 100 بالمئة وحجم سوق المستعمل “مرعب”.
مع ارتفاع أسعار الملابس بنسبة تزيد عن 500% في السنوات الأخيرة، زاد الطلب المحلي على الملابس المستعملة. وأدى ذلك إلى انخفاض مبيعات المصانع المحلية بنسبة تزيد عن 75 في المائة خلال المناسبات الخاصة والموسمية، في حين تنخفض المبيعات في الأوقات العادية بنسبة تزيد عن 90 في المائة، بحسب العديد من المصنعين والتجار.
سوق “بالين” هو سوق للملابس المستعملة والمتوقفة عن الإنتاج من العلامات التجارية العالمية. يتم استيراد هذه المواد وفقًا للوائح حكومية معينة أو تهريبها إلى السوق المحلية من خلال وسائل مختلفة دون فرض رسوم جمركية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن سعرها منخفض بالفعل بسبب عمرها.
إحدى طرق استيراد مثل هذه الملابس إلى السوق المحلية هي بند “الاستيراد الشخصي”. لكن في نهاية أبريل/نيسان من العام الماضي، أصدرت هيئة الجمارك التعميم رقم 10 لسنة 2025، والذي يتضمن تعليمات بشأن استيراد الملابس المستعملة من الخارج.
ونص التعميم على ضرورة التزام كافة المنافذ الجمركية بالضوابط والإجراءات الواردة في التعميم الإجرائي رقم (13) لسنة 2021م لتحديد الكمية المسموح باستيرادها من الخارج للاستخدام الشخصي عن طريق البحر من الملابس المستعملة بما لا يتجاوز 150 كيلوجراماً سنوياً سواء كانت جديدة أو مستعملة.
ورغم محاولات الحكومة كبح جماح سوق الملابس المهربة، يرى محمود داور، رئيس شعبة الملابس الأسبق بغرفة تجارة القاهرة، أن هذه الجهود غير كافية، ويصف حجم السوق غير الرسمية بالمذهل.
وأضاف الداعور لـ«الشروق» أن الـ150 كيلوغراماً المسموح بها سنوياً للاستيراد الشخصي تعادل نحو 500 قطعة ملابس. وأوضح أن هذا المبلغ كبير جدًا ويشكل تهديدًا حقيقيًا للصناعة المحلية. لكن المشكلة الحالية لا تقتصر على الكمية المسموح بها، إذ يتم تهريب أطنان من الملابس سنويا.
وأشار إلى أنه من المستحيل تقريباً منافسة هذه المنتجات بسبب فروق الأسعار التي قد تصل إلى 100%. وأشار إلى أن أسواق السلع المستعملة أصبحت أكثر انتشاراً من أي وقت مضى، وأن شوارع بأكملها مخصصة حصرياً لبيع هذه المنتجات. كما أنها تحظى بشعبية كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي.
يتزايد إقبال المواطنين على سوق الملابس المستعملة مع ارتفاع تكاليف المعيشة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب وارتفاع أسعار الملابس الجديدة في سوق الملابس المستعملة أضعاف أسعار الملابس المستوردة.
من جانبه، أوضح خالد فايد نائب رئيس شعبة الملابس بغرفة القاهرة التجارية، أن الملابس المستعملة و«الاستوك» (الفائض من الملابس الجديدة من الماركات العالمية) أصبحت شائعة بشكل متزايد في السوق المحلي بعد جائحة كورونا. وأوضح أن هذه الفترة شهدت تدفقاً كبيراً لهذه المنتجات، حيث كانت تصدر من أوروبا والصين إلى الشارقة في الإمارات، ومن ثم إلى مصر.
وأضاف فايد لـ«الشروق» أن الجمعيات الخيرية هي بوابة تهريب الملابس المستعملة إلى مصر. وتقوم المنظمة باستيراد كميات كبيرة نيابة عن أعضائها ثم تبيعها للتجار في السوق المحلية.
وأشار إلى أن هذه السوق الموازية تتسبب في خسائر مالية فادحة لأصحاب المصانع، حيث تراجعت المبيعات في بعض الأحيان بنسبة تصل إلى 90 بالمائة، وبات العديد من المصنعين مهددين بالإغلاق.
وأرجع فايد فارق الأسعار بين المنتج المهرب والمحلي إلى ارتفاع تكاليف إنتاج الأخير، مشيراً إلى أن أجور العمالة والتشغيل والنقل ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الماضية.
من جهة أخرى، استطلعت «الشروق» آراء بعض المستهلكين الذين يشترون الملابس والأسهم المستعملة. وقالت إسراء محمد، التي لا يتجاوز عمرها 25 عاماً، إن القميص المصري الذي يباع في المحلات بـ500 جنيه مصري لا يتجاوز سعره في سوق المستعمل 150 جنيهاً مصرياً.
ويؤكد أحمد عطا الله، وهو سائق ثلاثيني، أن جودة ملابس البالة تتفوق بشكل كبير على الملابس المحلية. ويتابع: «جميع العناصر تأتي من ماركات عالمية معروفة».