البنوك تتحوط من مخاطر خفض الفائدة على معدل الربحية من خلال زيادة معدلات التوظيف

• المصادر: نشاط متوقع في الإقراض للأفراد والشركات وفي توسيع قاعدة العملاء.
قالت مصادر مطلعة لـ«الشروق للأعمال والتمويل»، إن البنوك العاملة في مصر تعمل على تخفيف مخاطر خفض أسعار الفائدة على ربحيتها من خلال تعديل أسعار الادخار، واتخاذ إجراءات لتحفيز الإقراض، وتوسيع قاعدة عملائها، وزيادة الاستثمارات في أدوات الدين طويلة الأجل.
وفي الاجتماع الثاني للجنة السياسة النقدية هذا العام، خفض البنك المركزي المصري سعر الفائدة الرئيسي للمرة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات، بواقع 225 نقطة أساس من أعلى مستوى له على الإطلاق. ونتيجة لهذا التخفيض، انخفضت أسعار الفائدة لليلة واحدة على الودائع والقروض وسعر الفائدة الرئيسي لدى البنك المركزي المصري إلى 25% و26% و25.5% على التوالي.
وأوضح ممثل أحد البنوك الخاصة أن البنوك تعمل حالياً على استراتيجية تعتمد على اختبار الضغوط على محافظها الاستثمارية لخفض أسعار الفائدة وتأثيرها على الربحية، كما فعلت في الماضي عندما ارتفعت أسعار الفائدة.
ومن بين الإجراءات التي اتخذتها أغلب البنوك في بداية العام، إدخال أدوات الادخار ذات أسعار الفائدة المتغيرة ــ المرتبطة بسعر الفائدة في الممر الذي يحدده البنك المركزي ــ بدلا من العوائد الثابتة. ويعني هذا أن عبء تكاليف الفائدة ينخفض تلقائيا مع كل قرار يتخذه البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة.
وأضاف أن البنوك لم تعد تقدم أدوات ادخار طويلة الأجل بفائدة ثابتة مثل التي يقدمها البنك الأهلي المصري وبنك مصر المملوكان للدولة بآجال ثلاث سنوات أو أكثر. ويأتي ذلك في إطار الخطط الرامية إلى تخفيف الضغوط المتوقعة على الربحية من خلال خفض أسعار الفائدة.
ويتم تعويض أسعار الفائدة المتغيرة على المدخرات بأسعار الفائدة المتغيرة على القروض، بحيث تتوافق تكاليف الودائع والقروض مع كل إجراء يتخذه البنك المركزي في إطار سياسة واحدة.
قرر أكبر بنكين حكوميين في البلاد من حيث الأصول، وقف إصدار شهادات الادخار عالية العائد، والتي تقدم عوائد سنوية تصل إلى 23% للسحب اليومي، أو 23.5% للسحب الشهري، أو 27% للسحب السنوي، اعتبارًا من اليوم. كما تقرر خفض العائد على شهادات الادخار لأجل ثلاث سنوات لجميع الآجال بنسبة 2%.
وأوضح موظف في أحد البنوك المملوكة للدولة أنه في حين يمكن للبنوك أن تقدم أدوات ادخار متوسطة وطويلة الأجل بعوائد ثابتة، فإنها تحتاج إلى تعويض هذه العوائد بقروض بأسعار فائدة ثابتة لتجنب مخاطر التكلفة مع خفض أسعار الفائدة في الوقت نفسه.
وبحسب رئيس قسم المعاملات الدولية في أحد البنوك المملوكة للدولة، فإن إدارة الأصول والخصوم في البنك تهدف دائماً إلى تقليل مخاطر ارتفاع أو انخفاض أسعار الفائدة. ويضيف أن بعض البنوك تقوم بتخصيص مخصصات للتحوط ضد مخاطر خفض أسعار الفائدة على الأصول والخصوم.
وأضاف أن قدرة البنوك على الاستجابة السريعة لتغيرات أسعار الفائدة سوف تؤثر على ربحيتها، التي كانت تعتمد بشكل كبير على أسعار الفائدة المرتفعة خلال العامين الماضيين.
وأوضح أن البنوك بدأت تركز على الاستثمارات طويلة الأجل ذات العائد المرتفع والتخلص من الاستثمارات قصيرة الأجل، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة على ودائع العملاء. وبحسب بيانات البنك المركزي المصري، تضاعفت أرباح أكبر 10 بنوك تجارية في مصر إلى 420.5 مليار جنيه بنهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، مقابل 212 مليار جنيه بنهاية عام 2023.
وتشمل البنوك الرئيسية البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، والبنك التجاري الدولي، وبنك القاهرة، والبنك العربي الأفريقي الدولي، وبنك قطر الوطني، وبنك أبو ظبي الأول، وبنك فيصل الإسلامي، والبنك الزراعي المصري، وبنك HSBC.
وعزا محلل في أحد بنوك الاستثمار، طلب عدم الكشف عن هويته، الزيادة الكبيرة في صافي أرباح البنوك إلى ارتفاع أسعار الفائدة بنسبة 8% العام الماضي.
وأضاف أن أسعار الفائدة ارتفعت بنحو 15 إلى 20 في المئة بسبب استثمارات البنوك في سندات الخزانة. ارتفع صافي دخل الفوائد بنسبة 54% من إجمالي الأصول بنهاية العام الماضي. وهذا هو السبب الرئيسي وراء نمو الأرباح الصافية للبنوك. وارتفعت العمولات أيضًا بنسبة تزيد عن 30% خلال نفس الفترة. وبالإضافة إلى ذلك، ساهمت إعادة تقييم أصول والتزامات البنوك بما يتماشى مع الدولار بعد تعويم سعر الصرف في مارس/آذار الماضي في زيادة نمو القروض والودائع.
وقال المحلل المالي إن معدلات نمو صافي الأرباح من المرجح أن تتراجع بنهاية العام الجاري مع استمرار البنك المركزي المصري في خفض أسعار الفائدة. ومن شأن هذا بدوره أن يؤدي إلى انخفاض هوامش الفائدة الصافية لدى البنوك، ولكن في الوقت نفسه إلى زيادة معدلات نمو الائتمان في الأمد المتوسط.
توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن تحافظ البنوك المصرية على مرونتها وربحيتها المرتفعة في عام 2025، رغم التخفيضات الكبيرة في أسعار الفائدة التي يتوقعها البنك المركزي في العام ذاته.
وقال مسؤول القروض في أحد البنوك الخاصة إن البنوك بدأت في توسيع تمويلها للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر لتوسيع قاعدة عملائها والاستفادة من أسعار الفائدة الثابتة على هذه المشاريع.
وأضاف أن البنوك تعمل على توسيع التمويل غير المباشر، مثل مستندات التحصيل وخطابات الاعتماد وخطابات الضمان، لزيادة دخلها من الرسوم والعمولات كمصدر إضافي للإيرادات بعد خفض سعر الفائدة.
وأضاف أن خفض أسعار الفائدة له جانب إيجابي أيضا. ويتجلى ذلك في الارتفاع المتوقع في أسعار الإقراض للشركات والأفراد، في حين يتراجع الضغط الناجم عن ارتفاع تكاليف الفائدة، مما يساهم في زيادة فرص العمل في قطاع الصناعة والزراعة والسياحة.
قال محمد الإتربي، رئيس جمعية المصرفيين المصرية، إن قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة بنسبة 2.250% جاء في مصلحة المقترضين والشركات.
وأوضح أن البنك المركزي رصد انخفاضا في التضخم الذي وصل الآن إلى 13.5% بعد أن كان يتجاوز 35% في السابق، ووصف خفض سعر الفائدة بأنه قرار ممتاز من البنك المركزي.
وأشار إلى أن هذا القرار سيخفض تكلفة الاقتراض على العملاء بنسبة 2.250%، وأن القرار مهم أيضاً لخدمة الديون، خاصة عندما تكون النسبة منخفضة.
وأكد أن قرار البنك المركزي من شأنه أن يعزز الاستثمار بشكل كبير ويخفف الأعباء التمويلية على المقترضين.
وفي أحدث تقرير لها عن مصر، توقع بنك جولدمان ساكس أن يقوم البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة الرئيسية بشكل كبير إلى نحو 13% بحلول نهاية العام.