حوار| الفريق جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح: قدمنا لمصر خارطة طريق تنهي الانقسام وتحمي مصالح جميع الفلسطينيين

حماس جزء من النسيج الفلسطيني ونحن نقدم لها دعمنا للتسوية. لن تنجح خطة التوطين، ولن نترك فلسطين مهما فعلت إسرائيل. لقد لمسنا نوايا حماس الجادة وتلقينا رسائل إيجابية وودية سنبني عليها. نحن أساتذة في المقاومة المسلحة، لكن الطريقة الأكثر فعالية لمحاصرة الاحتلال في هذا الوقت هي من خلال المقاومة الشعبية الواسعة. • جواز السفر الفلسطيني هو أحد نتاجات اتفاقيات أوسلو. إن دفن الاتفاق هو هدف إسرائيلي، ولا ينبغي للفلسطينيين أن يشاركوا في تنفيذه. • نريد دولة بسلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد.. وعلى حماس أن تقبل التزامات منظمة التحرير الفلسطينية. • تشكل القضية الفلسطينية عنصراً ثابتاً في السياسة الخارجية والداخلية المصرية. تعيش القضية الفلسطينية حالياً أصعب لحظاتها التاريخية… وتواجه فلسطين محاولات طمسها من التاريخ والجغرافيا. • هناك أطراف إقليمية لها مصلحة في استمرار الانقسام ومنع المصالحة.
وفي حديث مفصل مع صحيفة الشروق، كشف أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح اللواء جبريل الرجوب، تفاصيل زيارة وفد الحركة إلى مصر، والتي أعلن عنها خلال لقاء مع وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي وعدد من المسؤولين المصريين في القاهرة. وتأتي الزيارة في إطار الجهود المصرية المتواصلة لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر على الأراضي الفلسطينية وتوحيد الصف الفلسطيني. وأكد الرجوب أن حركة فتح منفتحة على أي خيار يتم الاتفاق عليه مع حماس.
وفي الوقت نفسه أكد الرجوب أن حركة فتح تمد يدها لإنهاء الانقسام وتوحيد الجبهة الداخلية لمنع أي ذرائع للمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي. ويرى أن القضية الفلسطينية تمر حالياً بأصعب لحظاتها التاريخية، إذ تسعى إسرائيل إلى طمس فلسطين من التاريخ والجغرافيا وتغيير السياق الديمغرافي عبر التطهير العرقي والإبادة الجماعية. حول نص الحوار…
● حظيت الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد حركة فتح إلى القاهرة باهتمام كبير، خاصة وأنها جاءت في وقت حساس للغاية. ماذا جرى خلال لقائكم مع وزير الخارجية والمسؤولين المصريين؟
– في البداية أود أن أؤكد أن العنصر الثابت في السياسة الخارجية والداخلية المصرية هو فلسطين بكل تفاصيلها والقضية الفلسطينية التي تعيش حالياً أصعب اللحظات في تاريخها. ولذلك فإن الدوافع والمبادئ الشعبية والسلطوية التي تم التعبير عنها في مصر قبل أيام والتي ظهرت في ساحات العيد تعكس حقيقة الوضع وموقف الشعب والسلطوية في مصر.
تواجه فلسطين اليوم محاولات تجريدها من تاريخها وجغرافيتها، وحتى سياقها الديمغرافي. ويتم ذلك من خلال التهجير والتطهير العرقي، وخلق الظروف في قطاع غزة التي تنفر مواطنيه، ومواصلة سياسات الخنق في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وفي رأينا أن هذا هو دافع القيادة المصرية. وعقدت قمة طارئة، وقدمت رؤية ومشروعاً لإعادة الإعمار، وواصلت جهودها لوقف العدوان، وأطلقت مبادرات على كافة المستويات لفتح أفق سياسي. ويعكس كل ذلك الموقف المصري الرسمي والشعبي الذي يسعى إلى وقف العدوان وإنهاء الانقسام والتشرذم الفلسطيني الداخلي.
وهناك مبادرات وجهود مصرية لتوحيد الوضع الوطني الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد والوطن المعنوي لكل الفلسطينيين. لقد كانت حركة فتح ولا تزال العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية في الوعي الوطني والشعبي المصري. لا يمكن استعادة هيبة الوضع الفلسطيني إلا بتعزيز الشعب الفلسطيني وتوحيده داخل المنظمة، ولكن بعمود فقري وقاعدة قوية، من خلال البذور التي زرعتها حركة فتح.
وهذا نقاش جاد بيننا وبين الدولة المصرية لبلورة صيغة وطنية بقيادة فتح تنهي حالة الانقسام والتشرذم سواء على المستوى الوطني أو الفتحاوي الداخلي.
● هل تقصد أنكم قدمتم صيغة وطنية للوحدة الفلسطينية؟
نحن نتحرك على مسارين. نحن في فتح كانت لدينا مشكلة داخلية وتم طردنا من الحركة. وفي هذا الصدد أصدرنا مجموعة من الأنظمة التي تنص على أن العودة إلى الحركة غير مشروطة لأي شخص لم يرتكب جريمة، ولم يُتهم أو يُحاكم، ولم يكن له تأثير على الحركة من خلال عوامل خارجية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن العدالة والبراءة شرطان لعودته.
وفيما يتعلق بقضية الوحدة الوطنية الفلسطينية فإننا نعتقد أنها تبدأ بالتقارب السياسي والنضالي والتنظيمي بين فتح وحماس، مما يفسح المجال لحوار وطني شامل. إن هذا النهج السياسي مرتبط بإطار الحلول وقرارات الأمم المتحدة التي تسمح لنا بالحصول على دولة ذات سيادة كاملة وحل لمشكلة اللاجئين، وكذلك التحقق النضالي، لأننا في فتح مقتنعون بأن المقاومة الشعبية الشاملة يجب أن تكون خياراً استراتيجياً لكل الفلسطينيين. النهج التنظيمي يتعلق بأننا نريد دولة ذات سلطة واحدة وسلاح واحد وقانون واحد وجيش واحد، وأن يقبل إخوتنا في حماس التزامات منظمة التحرير الفلسطينية، والتي بموجبها تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.
● طالما أن بند المقاومة المسلحة لا يزال يشكل نقطة خلاف رئيسية في محاولات المصالحة الداخلية وتوحيد الوضع الفلسطيني، فأنتم تتحدثون عن المقاومة الشعبية وهم يتحدثون عن المقاومة المسلحة. إذن ما هو المخرج؟
ونحن كأبطال للمقاومة، وكأصحاب فكر المقاومة المسلحة، نعتقد أن المقاومة الشعبية الشاملة في هذه المرحلة هي الأكثر فعالية وتأثيراً وفعالية في محاصرة هذا الاحتلال الذي يسعى لجرنا إلى سفك الدماء.
● ولكن هناك من يرد على مخاوفكم من المقاومة المسلحة بالقول إذا كانت غزة تعرضت لمثل هذه الأحداث بحجة 7 أكتوبر فإن القوة المحتلة ترتكب جرائم مماثلة في الضفة الغربية دون أن يحدث 7 أكتوبر فيها. ما هو جوابك على هذا؟
وحدتنا تشير إلى الوسائل والغايات. نحن قادرون على محاصرة الاحتلال من خلال الاتفاق على الغايات والوسائل. نريد من الجميع أن يتصالحوا مع الماضي ويتركوه خلفهم بما يضمن خيار المقاومة الاستراتيجية التي تحاصر الاحتلال وتضر به. المراجعة يجب أن تأتي من الجميع والموافقة يجب أن تأتي من الجميع.
• السؤال في الشارع العربي هو: في مواجهة موجة الدم الفلسطيني، لماذا لا تقدمون يا فتح وحماس التنازلات لتحقيق المصالحة الداخلية وإنهاء الانقسام الذي يستغله الاحتلال لتحقيق أهدافه؟
وفي نظري فإن العائق الأكبر هو وجود أطراف عديدة ذات مصالح سياسية واقتصادية وأمنية تسعى إلى عرقلة وإحباط المصالحة. أولاً وقبل كل شيء الطاقم. وبالإضافة إلى ذلك، هناك بعض العناصر المتبقية التي يتعين علينا التغلب عليها بالتعاون مع حماس.
هناك أطراف خارجية لها مصلحة في ضمان بقاء دور من يدعمونها كما هو. ولا يجوز أن يتم ذلك على حساب المصالح الوطنية أو مشروع الدولة والاستقلال. ونأمل أن يراجع إخواننا في حماس مواقفهم، ونحن في فتح مستعدون لإجراء مثل هذه المراجعات، والالتقاء بهم في منتصف الطريق، وتجاوز أي ركود سياسي أو اجتماعي. ونحن منفتحون على أي خيار نتفق عليه، وإخواننا في حماس يدركون أهمية المقاومة الشعبية الشاملة للاحتلال من قطاع غزة إلى جنين اليوم.
ونحن في فتح نريد أن نتجاوز بعض الخيارات التي ربما كانت مفيدة في الماضي ولكنها لن تكون مفيدة في المستقبل (فيما يتعلق بالمقاومة المسلحة). واليوم يعلن العالم أجمع أنه يريد دولة فلسطينية، وأن الصراع لا يمكن أن ينتهي إلا من خلال إقامة الدولة. لكن في المقابل يطلب منك هذا العالم أن تعترف بقرارات الأمم المتحدة ويقول لك إن سفك الدماء لا يمكن أن يكون خيارك.
ألا ندرك أن نضالنا يجري في فضاء وطني يتطلب الوحدة الوطنية، وفي فضاء إقليمي يتطلب جبهة واحدة موحدة، وفي فضاء عالمي ينتظر منكم القبول بحقوقه ومفاهيمه وشرعيته؟ وهذا ما نقوله في فتح.
● في ضوء تصريحاتكم ورغبتكم في المصالحة، هل من الممكن أن تبادروا إلى دعوة حماس والفصائل الأخرى للحوار وحل الخلاف؟
وفي اجتماعنا مع الحكومة المصرية ووزير الخارجية المصري، قدمنا خارطة طريق تتضمن أسساً وآليات واضحة لتجاوز الانقسام الداخلي، بما يخدم ويحمي مصالح جميع الفلسطينيين.
● هل لا يزال هناك مجال لتشكيل حكومة وحدة فلسطينية؟
– الحكومة الموحدة هي تعبير عن حقيقة. نحن جميعا نريد أن نتفق على مبدأ وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة في حدود عام 1967، ووحدة النظام السياسي بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ووحدة قطاع الخدمات الذي تمثله الحكومة. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال الحوار والاتفاق. هناك إمكانية لتحقيق ذلك، والمصلحة تقتضي ذلك. لدينا نوايا صادقة ونحن مستعدون للتوصل إلى اتفاق. نمد يدنا لإخواننا في حماس.
● هل لمستم أيضاً أية نوايا جدية أو رسائل إيجابية من حماس في هذا الصدد؟
– نعم تلقينا أخباراً طيبة وإيجابية وسنحاول البناء عليها.
● كيف تقيمون حاليا فرص نجاح خطة إعادة الإعمار العربية؟
لن تنجح الخطة العربية إلا بوقف العدوان الإسرائيلي على كافة الأراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني بأكمله، وما لم يتم تهيئة الظروف لبناء أفق سياسي يعطي الأمل للفلسطينيين، وما لم يتم توفير الموارد المالية لإعادة بناء ما دمره الاحتلال. بدون ذلك لن يحدث شيء.
● من ناحية أخرى، هل تعتقد أن الحكومة الإسرائيلية بتشكيلتها الحالية مناسبة لهذا النوع من الحلول التي تتحدث عنها؟
هؤلاء هم النازيون الجدد. إنهم يشكلون تهديدًا للسلام العالمي بسبب عنصريتهم وفاشيتهم. وبالتالي فإن البديل الذي يطرح نفسه أمامنا هو أن يتحد العرب ضدهم.
● ما تقوله هنا هو كلام نظري رائع، ولكن على أرض الواقع هناك مواقف عربية مختلفة جداً. فما هو الحل؟
وأرى جوانب إيجابية، مثل انعقاد قمة الأزمة، وكانت النتائج جيدة. وباعتبارنا فلسطينيين، فإن دورنا هو فصل همومنا عن الصراعات العربية.
• لقد طرحت في السابق رؤية قلت إنها تأخذ في الاعتبار المخاوف الدولية والأميركية بشأن إدارة غزة وتستبعد حماس من إدارة غزة. هل تلقيتم أي ردود فعل دولية على هذا الاقتراح؟
ونحن نقول إن حماس جزء من النسيج الوطني الفلسطيني، ونأمل أن يقوم إخواننا في حماس بإجراء المراجعات وإيجاد توافق بين فتح وحماس سياسياً ونضالياً وتنظيمياً لضمان بيئة إيجابية لتوحيد الحالة الوطنية الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية وبرنامجها والتزاماتها. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال الحوار والإقناع وخلق الظروف اللازمة. هذا ما قلناه وهذا ما نقوله دائمًا.
• من ناحية أخرى، تعتقد حماس والفصائل الأخرى أن إسرائيل في ظل حكومتها الحالية لا تلتزم بأي اتفاقيات أو معاهدات، وخاصة اتفاقيات أوسلو. ولذلك فإنهم يعتبرون أن الاتفاق لم يعد صالحاً كأساس لتنظيم العلاقة. كيف تتعامل مع هذا؟
إذا بدأت المحادثات بيننا نحن الفلسطينيين من هذه النقطة، فأنا أعتقد أننا لن نصل إلى أي مكان، لأن جواز السفر الذي يسعى الجميع جاهدين للحصول عليه والسفر به هو نتاج أوسلو ووافقت عليه الأمم المتحدة.
وفي الممارسة العملية، كانت إسرائيل هي التي دفنت أوسلو. هل أنضم إليه كفلسطيني وأحقق أهدافه؟! ورسالتي إلى إخواننا في حماس وغيرهم هي: دعونا نعمل معاً لبناء الوحدة الوطنية، التي ستمكننا من حماية أربعة أمور: إقامة الدولة تبقى على الأجندة الدولية؛ وتظل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني؛ وتظل السلطة الفلسطينية شريكاً للمجتمع الدولي كأداة خدمية، وتوفر كل الموارد اللازمة لتوفير الموارد. وقراراتنا تبقى داخلية وتنبع من طموحاتنا. هذه هي المنصة التي نقترحها في فتح.
رسالتي لجميع الفلسطينيين هي أنه بدون الوحدة الوطنية الفلسطينية لن تكون هناك دولة فلسطينية. وهذا يرتكز على اعتماد قرارات الأمم المتحدة والقمم العربية التي تعطينا الحق في إقامة دولة ذات سيادة كاملة ضمن حدود عام 1967 وحل مشكلة اللاجئين.
● هناك مخاوف متزايدة من أن حكومة نتنياهو عازمة على مواصلة خطة النقل. هل تعتقد أن هذه الخطة لديها فرصة للنجاح في ظل الوضع الحالي؟
نتنياهو لن يوقف هذه الخطة، لكنها لن تنجح. لقد خططوا لذلك منذ عام 1948، على الرغم من أنهم قضوا علينا واحدا تلو الآخر. ولكن هذا الصمود الهائل للفلسطينيين ووجود 7.5 مليون فلسطيني في كافة أنحاء فلسطين التاريخية يرسل رسالة واضحة مفادها أن هذه الخطط قد فشلت.
● ولكن ألا يثير العزل الحالي للشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل مخاوف إضافية بشأن خطة النقل؟
الإسرائيليون يفعلون ما يفعلونه. دعونا نترك العزلة جانبا. هذه بلادنا ولن نتركها مهما فعلوا. لن نترك فلسطين