في يومهم.. أطفال غزة بين القتل والتجويع والحرمان من حقوقهم

إن الأوضاع المعيشية والإنسانية التي يعيشها الأطفال في قطاع غزة كارثية. ويعيش الفلسطينيون في قطاع غزة حالة من الخوف والقلق الشديدين، ومحرومون من أبسط حقوقهم وضرورياتهم نتيجة الحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل منذ ثمانية عشر شهراً.
يفتقر نحو مليون طفل في قطاع غزة إلى الضروريات الحياتية بسبب إغلاق المعابر الحدودية وعدم وصول المساعدات الإنسانية أو الإمدادات الغذائية إلى قطاع غزة.
اليوم 5 أبريل هو يوم الطفل الفلسطيني والذي أقره الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 1995.
ويأتي يوم الطفل هذا العام في ظل حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة، والتي ارتكبت خلالها آلاف الجرائم بحق الأطفال الفلسطينيين.
خطر الموت
المجاعة والمرض وسوء التغذية تهدد حياة الأطفال في قطاع غزة. ومن المتوقع أن يصل عدد حالات سوء التغذية الحاد إلى 60 ألف حالة.
يشكل الأطفال دون سن 18 سنة ما نسبته 43% من إجمالي سكان فلسطين، والذي سيبلغ في نهاية عام 2024 حوالي 5.5 مليون نسمة، موزعين حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني على النحو التالي: 3.4 مليون في الضفة الغربية و2.1 مليون في قطاع غزة.
وبحسب الإحصائيات، اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 1055 طفلاً منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما يشكل انتهاكاً ممنهجاً لحقوق الطفل وخرقاً صارخاً للقانون الدولي.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عن استشهاد 17954 طفلاً، منهم 274 رضيعاً ولدوا وقتلو تحت القصف، و876 طفلاً دون سن العام، و17 طفلاً تجمدوا حتى الموت في خيام النازحين، و52 طفلاً ماتوا بسبب الجوع وسوء التغذية الممنهج.
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أصيب 113,274 شخصاً، 69% منهم أطفال ونساء، فيما لا يزال أكثر من 11,200 مدني في عداد المفقودين، 70% منهم أطفال ونساء.
وتشير التقديرات إلى أن 39,384 طفلاً في قطاع غزة فقدوا أحد الوالدين أو كليهما، بما في ذلك حوالي 17,000 طفل حرموا من كلا الوالدين، مما تركهم يعيشون حياة صعبة دون دعم أو رعاية.
ظروف مأساوية
يعيش هؤلاء الأطفال في ظروف رهيبة. ويضطر الكثيرون إلى البحث عن ملجأ في خيام ممزقة أو منازل مدمرة، ولا يحصلون عملياً على الرعاية الاجتماعية أو الدعم النفسي.
ولا تقتصر المعاناة على فقدان الأهل والسكن، بل يصاحبها أيضاً أزمات نفسية واجتماعية حادة.
بدون الأمان والتوجيه المناسب، يعاني الأطفال من مشاكل صحية عقلية خطيرة مثل الاكتئاب والعزلة والقلق المزمن. كما أنهم يعانون من اضطرابات التعلم والتطور الاجتماعي، وقد يصبحون ضحايا لعمالة الأطفال أو الاستغلال في بيئات قاسية لا ترحم.
من جانبها، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن 322 طفلاً قتلوا وأصيب 609 آخرون منذ أن استأنف جيش الاحتلال عمليات الإبادة الجماعية وخرق وقف إطلاق النار في 18 مارس/آذار الماضي.
وأضافت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل: “بعد انهيار وقف إطلاق النار، أُجبر الأطفال في غزة على العودة إلى دائرة مميتة من العنف”.
كشف تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، عن الواقع الكارثي الذي يعيشه الأطفال ذوو الإعاقة في قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي.
وذكر التقرير أن 15 طفلاً يتعرضون لإصابات دائمة يومياً نتيجة استخدام الأسلحة المتفجرة المحرمة دولياً. وبذلك يرتفع إجمالي عدد الإصابات إلى 7065 طفلاً، من بينهم مئات الذين فقدوا أطرافهم أو بصرهم أو سمعهم.
وسجل التقرير 4700 حالة بتر، منها 18% (846 حالة) حدثت للأطفال، مما زاد من تعقيد المأساة.
كارثة مزدوجة
ويواجه هؤلاء الأطفال كارثة مزدوجة: فهم يعانون من إعاقات جسدية ونفسية، تتفاقم بسبب انهيار النظام الصحي بسبب تدمير المستشفيات ورفض استيراد الإمدادات الطبية والأطراف الاصطناعية.
ويواجه نحو 7700 طفل حديث الولادة خطر الموت بسبب نقص الرعاية الطبية، حيث تعمل المستشفيات المتبقية بطاقة محدودة للغاية، مما يعرض حياة الأطفال للخطر. ونتيجة لعدم توفر الحاضنات وأجهزة التنفس الصناعي والأدوية الأساسية، تدهورت صحة المصابين، مما يزيد من احتمالات وفاتهم.
وأظهر تقرير الأمن الغذائي المرحلي المتكامل للفترة من نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى أبريل/نيسان 2025 أن ما يقرب من 1.95 مليون شخص في جميع أنحاء قطاع غزة من المتوقع أن يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، المصنف على أنه المرحلة 3 أو أعلى (أزمة أو أسوأ).
ويشمل ذلك ما يقرب من 345 ألف شخص من المرجح أن يواجهوا انعدام الأمن الغذائي الكارثي.
ومن المتوقع تسجيل ما يقرب من 60 ألف حالة سوء تغذية حاد بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 59 شهرًا في الفترة ما بين سبتمبر/أيلول 2024 وأغسطس/آب 2025.
ويعاني هؤلاء الأطفال من نقص حاد في العناصر الغذائية الحيوية، مما يؤثر بشكل كبير على صحتهم ونموهم. ويشمل ذلك 12 ألف حالة من سوء التغذية الحاد الشديد، وهو أسوأ أشكال سوء التغذية، والذي يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، بما في ذلك فشل الأعضاء أو الوفاة.
مليون طفل في قطاع غزة يحتاجون إلى الدعم النفسي والاجتماعي لأنهم “يعانون من الاكتئاب والقلق والأفكار الانتحارية نتيجة الإبادة الجماعية”. وفقًا لوكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر وأوضح أن الأطفال في غزة لا يستطيعون الذهاب إلى المدارس أو تلقي التعليم، ومن الصعب على الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة الحصول على الرعاية التي يحتاجونها.
من جانبها، أدانت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الأطفال في قطاع غزة، ودعت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى حمايتهم.
وقالت في بيان تلقته وكالة صفا بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني، إن جرائم الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين من قتل عمد واعتقال وتعذيب وحرمان من أبسط حقوق الإنسان كالغذاء والدواء والتعليم، تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم.
وأضافت: “يواصل الاحتلال الفاشي استهداف الأطفال بشكل ممنهج، ويستخدمهم كدروع بشرية، ويحرمهم من التعليم. وفي أراضينا المحتلة عام ١٩٤٨، تُبذل محاولات لسلب هويتهم الوطنية من خلال التلاعب بالمناهج الدراسية، ونشر الجريمة، وتدمير القيم”.
في 18 مارس/آذار، استأنفت إسرائيل حربها الإبادة الجماعية في قطاع غزة، مستهدفة الأطفال والنساء بشكل مباشر.
بدعم أمريكي، يرتكب جيش الاحتلال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جريمة إبادة جماعية في غزة، ما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 165 ألف شخص، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 11 ألف مفقود.