تحليل: فضيحة قطر جيت قد تكون ضربة موجعة لـ نتنياهو

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تحليلاً حول تأثير فضيحة “قطر جيت” على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
مددت المحكمة المركزية الإسرائيلية اعتقال مستشاري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يوناتان أوريش، وإيلي فيلدشتاين، لمدة ثلاثة أيام. وتأتي مذكرة التوقيف في إطار تحقيقات قضية “قطر جيت”. ويتعلق الأمر بشبهة تلقي أموال من قطر بهدف تعزيز مصالح الرجلين داخل الحكومة.
ويمثل إصدار أوامر الاعتقال بحقهم خطوة مهمة إلى الأمام في القضية المستمرة منذ أكثر من شهرين، على الرغم من أن نتنياهو الذي أدلى بشهادته لا يعتبر رسميا مشتبها به. ووصف رئيس الوزراء التحقيق بأنه حملة ذات دوافع سياسية ضده ونفى الاتهامات.
وبحسب تحليل صحيفة هآرتس فإن قضية الطائرة القطرية والتغيرات السياسية والاجتماعية التي سبقتها في إسرائيل تعكس واقعا مضطربا مرتبطا بشكل مباشر بنهج بنيامين نتنياهو وسلوكه السياسي في العقود الأخيرة.
أعرب الرئيس الإسرائيلي السابق رؤوفين ريفلين في كتاباته عن انزعاجه من التحول الذي شهده حزب الليكود بعد صعود نتنياهو إلى السلطة، وخاصة خلال فترة المناقشات المكثفة حول اتفاقيات أوسلو.
ورغم أن ريفلين كان معارضاً للاتفاقيات، إلا أنه كان قلقاً إزاء استعداد نتنياهو التام لنزع الشرعية عن المعارضين اليمينيين وخطابه القاسي، مما أدى إلى تراجع حاد في النقاش العام.
وفي حين ظل نتنياهو في السلطة، فقد عمل على إضفاء الشرعية على خطاب الخيانة، وخاصة من خلال استخدام عبارات مثل “الخونة اليساريين”، والتي تستخدم على نطاق واسع وتقبل في الدوائر السياسية. وتواجه منظمات حقوق الإنسان أيضًا اضطهادًا متزايدًا، سواء من خلال القيود المفروضة على تمويلها أو من خلال الحملات الإعلامية والتشريعية التي تهدف إلى تقويض عملها وتشويه سمعة نشطائها.
وفي انتخابات عام 2015، قدم نتنياهو مثالا صارخا لهذا الاتجاه. وفي حملته الانتخابية، ربط اليسار بالإرهاب بشكل مباشر. وظهرت شاحنات تحمل أعلام داعش تسأل عن الاتجاهات إلى القدس، ولا تتلقى سوى “روابط” كإجابة. ولم يكن هذا الادعاء مجرد خدعة دعائية انتخابية، بل كشف عن محاولة لتصوير اليسار باعتباره تهديداً وجودياً، مما ساهم في تعميق الاستقطاب داخل المجتمع الإسرائيلي.
والمثير للسخرية أن هذه الدعاية كان لها تأثير معاكس على أرض الواقع. خلال فترة ولاية نتنياهو، وقعت هجمات قاتلة بالشاحنات على الإسرائيليين دون اتخاذ تدابير فعالة لمنعها. والأسوأ من ذلك أن التحقيقات الأخيرة كشفت أن مكتبه يقيم علاقات مالية وسياسية مع قطر، التي تعتبر الممول الرئيسي لحماس. ورغم أن هذه العلاقات كانت مبررة في السابق باعتبارها جزءا من اتفاقيات إقليمية مشتركة، فإن استمرارها بعد مذبحة السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أثار استياء واسع النطاق في إسرائيل.
إن قضية الطائرة القطرية التي تورط فيها اثنان من مستشاري نتنياهو المقربين، تشكل رمزاً للإفلاس الأخلاقي وتكشف عن هشاشة النظام الحاكم وانعدام التضامن مع الضحايا. ورغم أنه لم يتم توجيه اتهامات رسمية ضد نتنياهو حتى الآن، فإن دائرته المقربة مهددة، وخاصة بسبب المخاوف من أن يصبح أحد مساعديه، يوناتان أوريتش، شاهدا رئيسيا.
وعلى الرغم من محاولات الحكومة التقليل من أهمية المشكلة وترويج فكرة أنها “قانونية ولكنها مثيرة للاشمئزاز”، فإن التداعيات السياسية أعمق بكثير، وخاصة في ضوء تراكم الفضائح السابقة، وأبرزها قضية الغواصة. إن بقاء نتنياهو في السلطة على الرغم من كل هذه الاتهامات قد يكون مؤشرا على تآكل الثقة العامة والمعايير الديمقراطية.
ولكن قد تكون شركة الخطوط الجوية القطرية بمثابة نقطة تحول، مما سيجبر حتى مؤيديها الأكثر ولاء على إعادة النظر في دعمهم لها مع اقتراب لحظة انهيارها المحتمل.