من موائد الفايكنج إلى عيد الفطر.. قصة “البكالا” في مصر -صور

منذ 3 شهور
من موائد الفايكنج إلى عيد الفطر.. قصة “البكالا” في مصر -صور

يحتفل المصريون بعيد الفطر بتناول السمك المملح أو المدخن أو المجفف. ومع ذلك، فإن هذه الأطباق تتجاوز عادات الأكل الاحتفالية؛ وهي مصدر غني بالمعادن وتساهم في بقاء الإنسان ومحاربة الأمراض المزمنة.

البقالا: التاريخ والمعنى

الحريد المجفف أو السمك المجفف يعرف عند أهل السويس ومحبيها بـ “البكالة”. يأتي هذا الاسم القديم من أقصى شمال غرب أوروبا. يتمتع هذا الطبق بتاريخ وخلفية تكشف عن أهمية الأسماك المجففة ودورها في تاريخ الدول الأوروبية منذ العصور الوسطى.

دور الفايكنج في تغيير التاريخ

في العصور القديمة، كان تجفيف الأسماك مصدرًا رئيسيًا للغذاء خلال رحلات الفايكنج والتوسع الاستعماري. وقد استخدموا هذه التقنية للحفاظ على الأسماك خلال رحلاتهم البحرية الطويلة، مما وفر لهم مصدرًا غذائيًا غنيًا ومستدامًا.

يمكن تخزين الأطعمة المجففة طوال العام

التجفيف، وهي طريقة قديمة لحفظ الأسماك دون استخدام النار، تسمح للناس بالاستمتاع بطعام صحي لمدة عام. كل ما عليك فعله هو ترك الأسماك خارجًا أو على متن قارب وسيكون لديك سمكة مجففة جاهزة للأكل.

فيتامين د من سمك القد

على الرغم من وجود نقص في فيتامين د في الدول الاسكندنافية بسبب عدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة، إلا أن سمك القد يعد مصدرًا غنيًا بهذا الفيتامين، الذي يحمي الأطفال من الكساح وهشاشة العظام.

يحتوي سمك القد الموجود قبالة سواحل النرويج على فيتامين د ولحوم دهنية غنية باليود والصوديوم والبروتين. ويحتوي الكبد أيضًا على الأحماض الأمينية والأحماض الدهنية أوميجا 3، الضرورية لصحة الجلد والعظام والمفاصل والجهاز الهضمي.

قصة قديمة من قبل القرن العاشر

تعود أهمية سمك القد في النرويج إلى ما قبل القرن العاشر الميلادي، عندما شكل أساسًا لمصايد الأسماك المستدامة وموردًا مهمًا للمستوطنين الأوائل على الساحل النرويجي.

سفن الفايكنج

يمكن تجفيف سمك القد وحفظه دون أن يفقد نكهته، مما يجعله مثاليًا للتصدير والنقل لمسافات طويلة. كانت سفن الفايكنج محملة بسمك القد المجفف، مما مكنهم من السفر دون انقطاع.

تجارة سمك القد

في القرون التي تلت رحلات الفايكنج، تم تداول وبيع سمك القد النرويجي المجفف في أوروبا. وتم تبادلها مقابل سلع مختلفة مثل النبيذ والتوابل والحبوب والملابس والمجوهرات.

التراث المصري

في المناطق الساحلية للبحر الأحمر في مصر، يتم تجفيف الحريد لحفظ الأسماك. ويعتبر هذا جزءًا من التراث الثقافي وطريقة للتعامل مع هذا النوع من الأسماك.

سمك مجفف

كان الحريد المجفف معروفًا على ساحل البحر الأحمر وخليج السويس في مصر ويشكل جزءًا من تقاليد معالجة الأسماك المحلية هناك.

استيراد سمك القد النرويجي

تم إدخال سمك القد إلى المجتمعات الأوروبية في مصر كطعام شهي أثناء الاحتلال البريطاني وكان يُعرف هناك باسم “البكالوريا”. وكان مطلوبًا أيضًا على موائد الأغنياء كرمز للرفاهية والازدهار.

ويقول محمود نجم، بائع الأسماك في السويس، إن شهادة الثانوية العامة أدخلت إلى مصر عن طريق التجار الأوروبيين. ونقلته السفن من النرويج وأيسلندا والدنمارك إلى مصر عبر ميناء الإسكندرية، وكان أهل الإسكندرية أول من عرف السمكة بهذا الاسم.

الطريقة الفرعونية

ويضيف نجم أن السمك المجفف لم يكن بغريب على أهل مصر وخاصة أهل السويس، فهو عادة فرعونية قديمة يعرفها أهل القلزم (الاسم القديم للسويس) والمناطق المجاورة على ساحل البحر الأحمر وخاصة مدينتي القصير وسفاجا. وكانوا يفضلون ولا زالوا يفضلون الحريد المجفف، وهي طريقة لحفظ الأسماك لفترات أطول، أكثر من عام.

ومع ذلك، كان التمليح الرطب، مثل تمليح الفسيخ والسردين في حاوية مغلقة، أكثر انتشاراً وشعبية في الدلتا والمحافظات الساحلية الشمالية الممتدة من العريش في سيناء إلى غرب الإسكندرية.

حظر الاستيراد

بعد ثورة 1952، تغير الوضع في مصر. ويقول نجم إنه في عام 1954 أصدرت حكومة الثورة قراراً بمنع استيراد العديد من السلع، بما في ذلك شهادات الثانوية العامة، بهدف تعزيز الإنتاج المحلي وصناعة الأسماك المملحة في مصر، وخاصة الفسيخ الذي تأثر بالطلب المتزايد على سمك القد المستورد.

استخدام اسم “باكالا”

وفي وقت لاحق، أصبح اسم “البقالة” يُستخدم عمومًا في مصر لوصف السمك المجفف، سواء كان حريدًا أو أنواعًا أخرى من الأسماك المجففة.

حريد فرهودي

كونه من أنواع الأسماك الصلبة فهو الأنسب للتجفيف لأنه يتميز بكثافة لحمه وجودة نوعه ويمكن تخزينه لفترة طويلة قد تصل إلى سنة ونصف. كما أن كثافة لحم السمك الأبيض تجعله مفيداً ويزداد محتواه البروتيني بعد تجفيف السمك من الماء.

أطباق السمك

ويخبرنا عبدالله زغلول، بائع السمك في السويس، أنه عند تجفيف الحريد يتم فتح السمكة على طول ظهرها وإزالة الأحشاء والخياشيم. ثم يتم غسل السمك بماء البحر. ثم يتم إضافة ملح البحر إلى السمك ويتم إغلاقه لمدة ست ساعات حتى يتمكن من امتصاص الملح وإخراج الماء.

الشمس والهواء

ويضيف زغلول أنه يتم بعد ذلك إطلاق الأسماك في الهواء، ويفضل أن يكون ذلك مباشرة أمام البحر. يضرب الهواء اللحم الأبيض ويجففه، وفي نفس الوقت يعرضه لأشعة الشمس والرياح.

وفي الليل، يتم حفظ الأسماك في غرف مغلقة وتستغرق عملية التجفيف ما يصل إلى شهر، مما يؤدي إلى فقدان الأسماك ثلثي وزنها.

عملية التحضير

بعد التجفيف يتم غمر الحريد في الماء لإعادته إلى حالته الطبيعية. يتم بعد ذلك طهيه وإعداده بمكونات مختلفة لإبراز النكهة المميزة للأسماك المجففة.

الأسعار

ويباع الحريد المجفف بسعر مرتفع نسبياً بسبب عملية التجفيف الطويلة والفقد الكبير في الوزن الذي يحدث، حيث يتراوح سعر الكيلوجرام الواحد من الحريد بين 500 إلى 600 جنيه مصري.


شارك