وزير الأوقاف: الحضارة تولدت وتقدمت العلوم من خلال الاهتداء بإشارات القرآن الكريم

منذ 24 أيام
وزير الأوقاف: الحضارة تولدت وتقدمت العلوم من خلال الاهتداء بإشارات القرآن الكريم

الأزهري: العبد الصالح يحبه حتى الجمادات. عندما يحبك الله، يحبك كل شيء: السماء، الأرض، الجبال وحتى الكون من حولك.

تناول الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف في حلقة جديدة من برنامجه “اللؤلؤ والمرجان” كنوز وأسرار السورة الخامسة والعشرين من القرآن الكريم، واستكشف بعض الآيات والشواهد والعلوم والمعارف والقيم والأخلاق التي تحتويها هذه السورة.

وفي بداية الحلقة أشار وزير الأوقاف إلى أن أيام رمضان تمر سريعاً واقتراب نهاية الشهر الفضيل. وأضاف أن القلوب تتمزق بين مشاعر الفرح والسرور بانتهاء نعمة الله وبركاته – “ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم” – من جهة، والشعور بالحزن مع اقتراب نهاية أيام شهر رمضان المبارك من جهة أخرى. ودعا الله عز وجل أن يرحمنا ويديم علينا نعمته.

ثم تناول وزير الأوقاف الجزء الأول من الآية وهو قول الله تعالى: {ومن آياته الفلك تجري في البحر كالجبال} [الشورى 32]. اشرح أن معنى (وإلى آياته) دليل على عظمته، ودليل وحجج وقرائن على عظمة الألوهية، وأن معنى (يجرون في البحر كالأعلام) هي السفن التي تشق سطح الماء وتدخل البحار والمحيطات، ويقودها بحارة ماهرون يعرفون طرق البحار ويبحرون في ظلمات البحر بالنجوم.

وأكد أيضاً أن ذلك أدى إلى ظهور بعض العلوم المعقدة، إذ يقوم علماء الفلك والملاحة بمراقبة النجوم وحفظ أبراجها واستخدامها لتحديد الاتجاهات الأساسية.

ومن هذا المنطلق ظهرت عند المسلمين علوم عظيمة كعلم البحار والفلك والتنجيم.

ونقل الأستاذ أسامة الأزهري قصة أحد أعظم الرحالة في التاريخ وهو العبقري الكبير أحمد بن ماجد. كان هذا القبطان العظيم أحد أكثر البحارة المسلمين خبرة في التاريخ، وقاد المستكشفين الأوروبيين الأوائل. ويقال أنهم وصلوا من خلاله إلى رأس الرجاء الصالح وساحل كينيا وأبحروا إلى الهند.

لكي يصبح أحمد بن ماجد “أستاذًا كبيرًا” وشخصية بارزة في علم البحار، كان عليه أن يتقن العلوم المتقدمة ومعرفة علم الفلك والتضاريس والطقس والرياح والملاحة.

وأوضح وزير الأوقاف أن الحضارة ولدت من خلال آيات القرآن الكريم وتقدم العلم. يقول ربنا: {وآياتٍ ويهتدون بالنجوم} (النحل 16)، ويقول أيضاً: {ومن آياته الفلك في البحر كالجبال} (الشورى 32).

وأوضح أيضًا أن القرآن يقودنا بعد ذلك إلى صورة أخرى، فيقول: (إن يشأ يُسكن الريح فيستقرن على ظهرها إن في ذلك لآيات لِّلصَّابِرينَ الشَّاكِرينَ). (الشورى ٣٣)

وأكد وزير الأوقاف أن القرآن الكريم ينشط العقل ويشجع على التأمل والاستكشاف وتطبيق الفكر في العلوم المختلفة. في الماضي كانت السفن تبحر في المحيطات اعتمادا على قوة واتجاه الرياح، ولكن في عام 1809 هـ تم تسجيل براءة اختراع أول سفينة بخارية وكانت هذه نقطة تحول. أصبح بإمكان السفن الآن قطع مسافات في أيام بدلاً من أشهر، وتسارع الزمن، وتغيرت بنية المجتمعات، وتطورت علوم الاتصالات والنقل، وتغير توازن الاقتصاد. وأكد أن علينا أن نتقن هذه العلوم وأن نرفع راية القيادة عالياً لضمان حضارة أمتنا وبقائها.

وأشار وزير الأوقاف أيضاً إلى آية أخرى من سورة البقرة، والتي تذكر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبِيرَاتِ الإِثْمِ وَالْفَحْشَاءَ وَيَعْفُونَ عَنْ أَثْمِهِمْ} (الشورى 38). وربط هذه الآية بالآية التي قبلها، وقال إن العلماء المتخصصين في علوم البحار هم أنفسهم أهل التقوى الذين يتجنبون الكبائر والفواحش ويعفوون عند الغضب.

وأكد أيضًا أن هذه الآية تدعونا إلى ضبط النفس عند الغضب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الغضب جمرة في القلب، فإذا وجده أحدكم فليجلس، فإن كان قائمًا فليضطجع، فإن لم يذهب عنه الغضب فليتوضأ، فإن الغضب من النار، والنار لا تطفأ إلا بالماء».

وتناول الأزهري مقطعاً آخر من سورة الدخان، وهو قوله تعالى: (وَأَرْسِلْ الْبَحْرَ سَلْماً). {إِنَّهُمْ جُنْدٌ غَرِيقٌ} [الدخان: 24]. ثم يطلب منا القرآن أن نصف مصر فيقول: {كَمْ كَانُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَرَحْدٍ وَمَنَاصِبٍ وَنِعَمٍ كَثِيرَةٍ} (الدخان 25-27)، ويدعونا إلى التأمل في هذا الوصف الإلهي لمصر: جَنَّاتٍ وَرَعْيُونٍ وَرَعْدٍ وَمَنَاصِبٍ وَنِعَمٍ كَثِيرَةٍ. إنها صورة عظيمة لمصر، وعلينا أن نسعى لاستعادة مجدها من خلال العمل الجاد والتوحيد واستغلال ثروات بلادنا.

وتوقف وزير الأوقاف أيضاً عند قول الله تعالى: (أَهُم خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) لقد دمرناهم. {إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [الدخان: 37].

وأوضح أن التُبَّاع هم ملوك اليمن القدماء، وأن من بينهم ملكاً صالحاً اسمه تُبَّاع عاش قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو سبعمائة عام.

ولما وصل تبع إلى يثرب أراد خرابها، ولكنه سمع من الأحبار والرهبان أن هذه المدينة ستكون موطن هجرة نبي آخر الزمان، فاحترمها وكتب أبياتاً في حبه للنبي صلى الله عليه وسلم وصلت فيما بعد إلى الصحابي أبو أيوب الأنصاري.

وأكد الأزهري أن العبد الصالح يحبه حتى الجمادات. عندما يحبك الله، يحبك كل شيء: السماء، الأرض، الجبال وحتى الكون من حولك.


شارك