المفتي يستقبل وفدا من أئمة سبع دول في ختام تدريبهم بأكاديمية الأزهر العالمية للتدريب

استقبل فضيلة الأستاذ الدكتور نذير عياد، مفتي الديار المصرية ورئيس الأمانة العامة لدور ومؤسسات الإفتاء في العالم، وفداً من المتدربين من أكاديمية الأزهر الدولية للتدريب. ويأتي ذلك في إطار التعاون بين المؤسسات الدينية في مصر ودورها في نشر المعرفة الإسلامية الوسطية.
وضم الوفد 57 متدربا من سبع دول هي: الجزائر، اليمن، السودان، توغو، تنزانيا، الهند وإندونيسيا.
ورحب فضيلة المفتي بالوفد، معرباً عن سعادته بالزيارة التي قال إنها تعكس اهتمام علماء العالم بالاستفادة من منهج الأزهر المعتدل. وأكد أن دار الإفتاء المصرية مؤسسة علمية عريقة ولها دور محوري في نشر الفكر الوسطي ومحاربة الفتاوى الضالة التي تساهم في زعزعة استقرار المجتمعات.
وأكد أن التنوع العلمي والثقافي للمتدربين المشاركين في هذا اللقاء دليل واضح على أن الأزهر الشريف هو المظلة الجامعة لكل من يرغب في التعمق في العلوم الإسلامية بمنهج سليم وسطي بعيد عن التطرف والانعزالية.
وأشار إلى أن هذا اللقاء يعكس التقدير الذي تحظى به دار الإفتاء المصرية كمؤسسة فتوى رائدة ليس محلياً فحسب، بل إقليمياً ودولياً، حيث تمثل نموذجاً ناضجاً في مجال الفتوى يجمع بين الأصالة والابتكار.
وأضاف أن اللقاء يوفر فرصة للتكامل والتعاون بين المؤسسات الدينية في مصر والدول الأخرى، ويعزز نقل الخبرات العلمية والقانونية، ويزود المتدربين بمعرفة أشمل لكيفية إجراء العمل الإفتائي وفق منهجية علمية منضبطة.
وخلال اللقاء، قدم فضيلة المفتي شرحاً مفصلاً لأهم إدارات دار الإفتاء المصرية التي تقدم خدمات الفتوى المختلفة. وأشار إلى أن دار الإفتاء تضم عدة إدارات متخصصة تصدر الفتاوى شفاهة وكتابة وهاتفاً وإلكترونياً. وتعمل هذه الإدارات على إيصال الفتاوى بسرعة ودقة عبر مختلف القنوات، وضمان وصول الفتاوى الدقيقة إلى طالبيها أينما كانوا.
كما استعرض دور إدارة البحوث الشرعية وفروعها القانونية التي تعنى بإعداد الدراسات الشرعية المتخصصة التي تسهم في تجديد الفكر الديني، وكذلك إدارة الإفتاء للمحاكم والمؤسسات التي تقدم الدعم القانوني والقضائي للجهات القضائية والمؤسسات الرسمية. وتطرق أيضاً إلى دور إدارة الإرشاد الزواجي التي تعنى بحل النزاعات الأسرية والاجتماعية وفق منهجية شرعية تحقق العدالة والتوازن.
وأكد سعي دار الإفتاء نحو التحول الرقمي والاستفادة من التقنيات الحديثة لتوسيع خدماتها عالمياً. كما أطلقت عدداً من التطبيقات والمنصات الإلكترونية للمساعدة في نشر الفتاوى الصحيحة، مثل تطبيق “فتوى برو” الذي يهدف إلى التواصل مع المجتمعات الإسلامية، وخاصة في الغرب، وكخطوة أولى مساعدتها في الحصول على فتاوى دينية معتدلة باللغتين الإنجليزية والفرنسية. وأشار أيضاً إلى منصة “آي فتوى” وهي أول منصة رقمية متخصصة في علم الفتوى تجمع بين الإعلام والتحليل والبحث العلمي، وتوفر قاعدة بيانات علمية موثوقة تساعد في ضبط الفتاوى وفق معايير علمية دقيقة.
وتحدث سماحة المفتي عن الأمانة العامة لهيئات ومؤسسات الإفتاء في العالم والدور البارز الذي تلعبه على المستوى الدولي. وأوضح أنها منصة عالمية تضم 111 عضواً من المؤسسات والهيئات الإفتائية من أكثر من 108 دول. ويهدف إلى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين المفتين حول العالم، ومناقشة القضايا الفكرية وموضوعات الفتوى المعاصرة، ونشر البحوث والدراسات العلمية التي تسهم في تنظيم العمل الإفتائي دولياً.
ونوه أيضاً بجهود الأمانة العامة في إصدار العديد من الإصدارات العلمية المهمة التي من شأنها تعزيز فهم قضايا الفتوى المعاصرة، والمساهمة في نشر الفكر الإسلامي المعتدل القائم على تعزيز الواقع المعاصر والنظر إليه بعين الاعتبار.
وفي كلمته تطرق المفتي إلى دور المراكز العلمية التابعة لدار الإفتاء المصرية، مشيراً إلى أن هذه المراكز تعد أدوات علمية متخصصة تعالج القضايا الفكرية والاجتماعية من منظور إسلامي وسطي. ومن أشهر هذه المراكز مركز السلام لدراسة التطرف، وهو منصة أكاديمية متخصصة في مكافحة الفكر المتطرف وتعزيز قيم التسامح والاعتدال. ويعتمد المركز على دراسات معمقة وبرامج تدريبية تهدف إلى نشر الفهم الصحيح للإسلام ومحاربة ظاهرة التطرف بالأساليب العلمية السليمة.
وأشار أيضاً إلى مركز الإمام الليث بن سعد للفتاوى المتعلقة بالتعايش الذي تم إنشاؤه مؤخراً، وهو مركز أكاديمي مخصص لتعزيز الفقه المتعلق بالتعايش والسلام، ومحاربة خطاب الكراهية من خلال برامج تدريبية خاصة، وتعزيز البحث الأكاديمي في هذا المجال.
وسلط المفتي الضوء على إدارة التدريب في دار الإفتاء المصرية، مشيرا إلى أن المؤسسة تولي أهمية كبيرة لبرامج التدريب والتأهيل. ويقدم المركز برامج خاصة لتعزيز مهارات موظفيه في إصدار الفتاوى، ويلتزم بمشاركة خبراته مع طلاب الشريعة الإسلامية من مختلف أنحاء العالم. ويهدف البرنامج إلى تحسين قدرتهم على معالجة القضايا القانونية الحالية باستخدام منهجية علمية سليمة.
من جانبهم، أعرب أعضاء الوفد عن بالغ سعادتهم بهذا اللقاء وتقديرهم للعمل الرائد الذي تقوم به دار الإفتاء المصرية في مجال الفتوى والتعليم الإسلامي، مشيدين بالمستوى الأكاديمي الرفيع الذي تتميز به المؤسسة.
وأكدوا أن هذه الزيارة كانت فرصة ثمينة للاطلاع عن كثب على الدور الرائد لدار الإفتاء في نشر الفكر الوسطي ومواجهة التحديات الفكرية المعاصرة.