ميدفست مصر.. يسرا اللوزي: مشكلة ابنتي شقلبت حياتي.. وعمرو جمال: تصالحت مع ضعفي

بقلم: منى الموجي
في إطار دورته السابعة، استضافت ميدفيست مصر حلقة نقاشية بعنوان “الهدوء النسبي في عالم متسارع التغير” يوم الخميس الماضي، 18 سبتمبر، في الجامعة الأمريكية بميدان التحرير. وشارك في الندوة الفنانة يسرا اللوزي، والمذيعة والممثلة ناردين فرج، والفنان عمرو جمال، والدكتورة منى الرخاوي، أستاذة الطب النفسي. وأدار الندوة محمد البسيوني، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة طيارة.
تناولت الجلسة قضايا التوازن والصحة النفسية في عالم متسارع الخطى. وتعلم المشاركون استراتيجيات لخلق مساحة للراحة، وإدارة التوتر، وحماية الصحة النفسية في ظل متطلبات الحياة العصرية الشخصية والمهنية.
بدأت الجلسة بكلمة لرئيس المهرجان، الدكتور مينا النجار، رحّب فيها بالمشاركين، وأشار إلى أن موضوع الجلسة الحالية هو “المحطات”. وأضافت: “من أهم المواضيع التي نناقشها ضيق الوقت (لا وقت ولا وقت لإضاعته). سأقدّم لكم ضيوف الجلسة، الذين أُقدّرهم تقديرًا كبيرًا: الدكتورة منى الرخاوي؛ وثانيًا، المُديرة الجميلة والحكيمة والصديقة القديمة لمهرجان ميدفيست، نرمين فرج؛ والفنان والصديق عمرو جمال؛ وضيفنا اليوم، عضوة لجنة تحكيم المهرجان، الأستاذة يسرا اللوزي؛ ومحمد البسيوني، الذي أستمتع بالاستماع إليه وهو يُحاور الجمهور”.
رحّب البسيوني بالحضور، وأعرب عن تقديره للإقبال الكبير، ووصف موضوع الجلسة بالحيوي. “نعيش في عصر السرعة. الناس في عجلة من أمرهم. لا وقت للفرح ولا للحزن. نسعى جاهدين للعمل، وليس لدينا وقت لأي شيء آخر أو لفهم ما نمر به.”
سأل البسيوني عمرو عن أهم محطة في حياته المهنية والشخصية، فأجاب: “أعتقد أن أهم محطة كانت مرحلة تصالحي مع ضعفي. تقبلته واعترفت بوجوده. إنها مرحلة انتقالية في حياتي. الحياة تتغير، وأنا كذلك. الضعف موجود، ولن أتغلب عليه، ولن تتغلب عليه القوة أيضًا. ما نقبله نستطيع أن نتعايش معه، لكن ما ننكره يقاومنا ويعرقلنا.”
أجابت يسرا على نفس السؤال: “أهم محطة في حياتي كانت عندما أصبحتُ أمًا. بدأتُ أُدرك أنه قبل أن يكون الإنسان مسؤولًا عن كائن بكل تفاصيله، فإنه يمتلك صفات مختلفة، ثم يتحول إلى شخص مختلف تمامًا. رحلت يسرا القديمة، وظهرت شخصية جديدة، تعرفتُ عليها. تغيرت أولوياتي، وتغيرت نظرتي للحياة. أن أصبح أمًا لطفل ضعيف السمع قلب حياتي رأسًا على عقب، وكان أول صدمة كبيرة في حياتي.”
بعد فترة، أدركتُ أنه كان أفضل ما حدث لي على الإطلاق. أصبحتُ نسخةً جديدةً من نفسي، النسخة التي لم أرد أن أكونها يومًا. بعد الولادة، ننسى أنفسنا. حتى لو لم تعمل الأم وظلت في المنزل، تشعر أنها لا تتأقلم، وإذا فعلت شيئًا لنفسها، تشعر بالذنب. أحيانًا نتجنب المشروبات لشراء شيء للأطفال. التضحيات مهمة، لكنني أؤذي نفسي في هذه العملية. لم أعد أعرف من أنا أو ما أريد، خاصةً وأنني كانت لديّ رؤية وطموحات حتى قبل أن أصبح أمًا. بعد فترة، تمكنتُ من إيجاد التوازن، والتخلص من الشعور بالذنب، ومواصلة مسيرتي. استغرق الأمر برمته وقتًا طويلاً وتطلب الكثير من العلاج النفسي، مع صعود وهبوط. أحيانًا أشعر وكأنني أم فاشلة، وأحيانًا أشعر وكأنني ممثلة فاشلة.
أوضحت أنها لجأت إلى العلاج النفسي منذ سنوات. كانت تشتت انتباهها أحيانًا، لكنها سرعان ما عادت إليه عندما أصبح العلاج جزءًا لا يتجزأ من حياتها. “لا داعي لأن أشعر باليأس لأذهب إلى هناك. أفعل ذلك لأتمكن من مواصلة حياتي بشكل طبيعي.”
تحدثت ناردين عن المراحل العديدة في حياتها التي تعتبرها نقاط تحول، وأضافت: “مررتُ بمراحل مختلفة في شبابي عما أمر به الآن. مع مرور الوقت وتقدمنا في السن، تتغير المعالم التي تعيقنا. عليك أن تنظر إلى داخلك وتفكر في الأمور الحاسمة التي ستغير شيئًا ما في حياتك”.
قالت الدكتورة منى الرخاوي إن جميع ضيوف المنصة كانوا قدوة حسنة، وجسّدوا الهدوء اللازم، فالبعض يخشى الصمت. وأضافت: “لكنني أُعلّم الأخصائيين الهدوء ومعرفة موقفهم. كان والدي يصرخ في وجهي دائمًا، لكنه لم يكن يصرخ مع المرضى. أرادني أن أعرف ما هو آتٍ وكيف أغيّر الوضع، لنفسي أو للطرف الآخر”.
فيما يتعلق باللحظة التي يجب فيها التوقف والاعتراف بوجود مشكلة تتطلب تدخلاً، قالت الدكتورة منى الرخاوي: “أختلف مع هذا الرأي. هناك من يكتشف أن ما كان يحبه في السابق أصبح يكرهه الآن. يبدأ جسده بالتذمر، ويتسارع قلبه، وتشعر عضلاته بعدم الارتياح، ويصبح مزاجه سيئًا، وتتغير علاقاته، وتتغير نظرته للحياة. هنا يجب أن أتوقف وأتأمل لحظة.”
علّقت يسرا على صعوبة حياة الممثلين والهجوم والتعليقات المستمرة على ظهورهم على مواقع التواصل الاجتماعي: “أحيانًا نقول إن هناك مرضى على مواقع التواصل يعانون من الظلم والكراهية تجاه الآخرين. الموضوع صعب جدًا، وأحيانًا أفضّل عدم التفاعل معه، لكننا نتأثر بتراكم ما سمعناه ونشعر بالحاجة إلى البكاء والصراخ”.
قال عمرو عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي: “في السنوات القليلة الماضية، أدركتُ أنني، وإن كنتُ أحب التمثيل، إلا أنني لستُ بارعًا في أمور أخرى تتعلق به. أغلقتُ حساباتي لفترة، وقلتُ لنفسي إنني أريد أن أكون كما أنا وأن أعود إلى طبيعتي. وبدأتُ أتصالح مع نفسي”.
وتابع: “أدرك أنني أعمل في قطاع معين، وأعيش بطريقة معينة، لكنني أحاول إيجاد التوازن. لا أستطيع أن أقول إنني أعرف، لكنني أحاول. أحيانًا أقول إنني لا أهتم، ثم أرى تعليقًا وأشعر بالانزعاج، لأنني في النهاية بشر”.
قالت يسرا إنها أحيانًا تخفف من آثار الأدوار الصعبة بالحمام المغربي: “عندما أرغب في التخلص من الدور، ألجأ إلى الحمام المغربي. أجده مُهدئًا”. وعلّق عمرو: “أشعر وكأن جسدي يحمل أشياءً ويريد التخلص منها. هذا مهم للصحة النفسية للممثلين، للتخلص من آثار الشخصيات التي يؤدونها”.
وأكدت الدكتورة منى أن الممثلين يستطيعون التغلب على تأثيرات أدوارهم من خلال التواجد في إطار جماعي وتذكر ذواتهم الحقيقية وليس التي يلعبونها.
وأكد النجوم أنهم دائماً يخصصون وقتاً لأنفسهم، سواء بالكتابة أو القراءة أو ممارسة الرياضة أو الرسم، لشحن بطارياتهم والابتعاد عن تأثير الشخصيات الصعبة التي يجسدونها في أعمالهم.
كشفت ناردين عما تعلمته من بناتها: “تعلمت من ابنتي عزمها على تحقيق ما تصبو إليه. سافرت في صغرها سعياً وراء حلمها بلعب كرة القدم في أمريكا. أحياناً أطلب منها العودة والتوقف، فتقول: “كيف تقولين هذا؟” ابنتي الصغيرة لا ترغب بالسفر. تبقى معي وقد علمتني اللطف. إنهن أعز صديقاتي، وأنا أحب ذلك. عندما رُزقت بأطفال في صغري، لم يكن هذا القرار صائباً، لكنني الآن أدرك أن لكل شيء جوانبه الإيجابية والسلبية.”
كشفت يسرا عما تعلمته من والدها الدكتور والفنان محمود اللوزي: “تعلمت من والدي محمود اللوزي الالتزام بالمواعيد، وأن الناس سواسية، وألا يتأثر المرء بآراء الآخرين أو المجتمع. استفدت أنا وأخي منه في بناء علاقات طيبة مع الناس. كما تعلمت منه معنى المسرح”.
عن معاناة ابنتها مع فقدان السمع: “من خلال مشكلة داليدا، تعلمتُ أهمية عدم التفكير في نفسي. في حالتها، الوقت عاملٌ بالغ الأهمية؛ فكلما مرّ الوقت، طالت فترة عجزها عن السمع. بعد أن تجاوزنا تلك المرحلة، تعلّمتُ المزيد عن وحدة الأسرة، ووجدتُ الدعم من جميع أصدقائنا المقربين. تعلّمتُ ألا أخجل منها، وأن أفخر بها، وأن أُثقّفها وأُنشّط الوعي. شعرتُ بدورٍ خاص في المجتمع، وأن عليّ مساعدة من لا صوت لهم. لقد أوصلني الله إلى مكانٍ أستطيع فيه قول ما أريد.”
نبذة عن ميدفيست مصر
انطلق مهرجان ميدفيست مصر عام ٢٠١٧، وأصبح حدثًا سنويًا يجمع صناع الأفلام والأطباء وعلماء النفس والجمهور، ليقدموا تجربة فريدة تجمع بين الفن والصحة، من خلال عروض أفلام من مصر والعالم، وحلقات نقاش وورش عمل. ويهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على دور السينما في تصوير التحديات الإنسانية، وخلق مساحة للتفاهم في المجتمع.