تزامنا مع الإبادة.. إسرائيل تشن حربا نفسية لإجبار الفلسطينيين على ترك غزة

معاريف: تجربة جباليا تظهر أن السكان عندما شاهدوا الدبابات غادروا منازلهم لإنقاذ حياتهم. القناة 12: الجيش الإسرائيلي يتوقع أن يؤثر توسع الهجمات على أعداد النازحين إلى الجنوب. والا نيوز: أبدى جيش الاحتلال الإسرائيلي خيبة أمله من قلة عدد المغادرين من مدينة غزة.
ولا تكتفي إسرائيل باللجوء إلى كل أشكال الإبادة الجماعية، بما في ذلك الهجمات الجوية والمدفعية العنيفة، والمجاعة، والحصار، بل تشن أيضاً حرباً نفسية لإجبار الفلسطينيين على مغادرة مدينة غزة والفرار إلى الجزء الجنوبي من قطاع غزة.
منذ بدء العملية العسكرية على المدينة في 11 آب/أغسطس، كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفه للأبراج السكنية والمنازل والملاجئ الطارئة، في محاولة لإقناع الفلسطينيين بوجود خيام وأغذية ومستشفيات في جنوب قطاع غزة وحث السكان على إخلائها.
ومع ذلك، يدرك أكثر من مليون فلسطيني أن جنوب قطاع غزة يتعرض أيضًا لقصف إسرائيلي عنيف، وأن حتى أبسط الضروريات الأساسية مفقودة. ورغم الدمار الواسع، يرفضون مغادرة المدينة.
في هذه الأثناء، أفادت وسائل إعلام عبرية، ومن بينها صحيفة معاريف، الثلاثاء، أن تقديرات الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن 350 ألفاً من سكان غزة البالغ عددهم مليون نسمة فروا إلى الجنوب، وسط دعاية للجيش تشجع وتحث الناس على الفرار.
جاءت هذه الادعاءات بعد ليلة دامية شهدها الفلسطينيون في المدينة، قُتل فيها 35 شخصًا وجُرح وفُقد آخرون. وأدى القصف الجوي والمدفعي المكثف، إلى جانب تفجير الروبوتات المتفجرة، إلى تدمير منازل ومبانٍ سكنية.
**الحرب النفسية
وكتبت صحيفة معاريف العبرية، في إشارة إلى الهجمات العنيفة مساء الاثنين، أن هدف إسقاط القنابل الضوئية كان “نشر الذعر بين سكان قطاع غزة وإحداث ارتباك بين قوات حماس”.
ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني إسرائيلي لم تكشف هويته قوله: “إن التجارب السابقة في جباليا تشير إلى أن السكان بمجرد أن شاهدوا الدبابات فروا خوفا على حياتهم وتركوا منازلهم”.
تنقل وسائل الإعلام الأجنبية معلومات من مصادر إسرائيلية، يتبين لاحقًا أنها كاذبة. لكنها جزء من الحرب النفسية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين.
وبعد أن نشرت هذه القنوات مزاعم حول وصول دبابات إسرائيلية إلى مدينة غزة، أكدت القناة 12 أن هذه المعلومات “كاذبة”.
لم يؤكد أي مصدر إسرائيلي تقرير شبكة CNN حول بدء هجوم بري. كما نفى مراسل وكالة الأناضول في غزة هذا الادعاء.
وتستغل إسرائيل هذه الأنباء التي تسبب الذعر بين الفلسطينيين لتقليص أعدادهم في مدينة غزة من خلال إجبارهم على المغادرة قبل بدء الهجوم البري المتوقع.
** الطرد في بداية الغزو
ونقلت القناة 12 عن مصدر أمني إسرائيلي قوله: “إن عدد الغزيين الذين تحركوا حتى الآن يسمح ببدء المناورة البرية”.
وأضافت: “يتوقع الجيش الإسرائيلي أن يستمر التصعيد الكبير في الهجمات في التأثير على عدد السكان المتجهين جنوبا من مدينة غزة، كما حدث في مواقع أخرى دخل فيها الجيش الإسرائيلي قطاع غزة”.
وأضافت: “وفقًا للتقديرات، من المرجح أن يبقى العديد من سكان غزة في المدينة حتى أثناء القتال. ومع ذلك، بالنسبة للسلطات الأمنية، فإن عدد النازحين حتى الآن كافٍ لشن عملية (برية)”.
وزعم موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي أن “إخلاء مدينة غزة وصل إلى ذروته”.
وبحسب مصادر عسكرية في القيادة الجنوبية، واصل العديد من الفلسطينيين فرارهم من مدينة غزة الليلة الماضية وتوجهوا جنوبًا. وتقدر القوات الإسرائيلية أن عدد النازحين سيستمر في الارتفاع خلال الساعات الأربع والعشرين القادمة، وفقًا لما ذكره.
ويتابع الموقع: “حتى الآن، ووفقًا لتقديرات الجيش الإسرائيلي، انتقل أكثر من 350 ألف فلسطيني إلى الجنوب”.
وتابع: “في الليلة السابقة، فرّ ما يُقدّر بعشرين ألف فلسطيني من غزة في ليلة واحدة. هذه المرة، لم ينتظر سكان مدينة غزة المركبات أو العربات، بل ساروا على أقدامهم خوفًا على حياتهم”.
وأضاف: “ومع ذلك، يعيش في المدينة نحو 650 ألف مواطن، ويشكلون دروعاً بشرية لحماس”، على حد قوله.
** خيبة أمل إسرائيلية
أفاد موقع “والا” الإخباري أن الجيش أعرب عن خيبة أمله من عدد الأشخاص الذين غادروا المدينة حتى الآن. وتشير التقديرات حاليًا إلى أن ما لا يقل عن نصف مليون شخص يتجهون جنوبًا. ومع ذلك، يتوقع الجيش مغادرة مئات الآلاف مع اشتداد القتال في أحياء المدينة.
في الأسابيع الأخيرة، كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي هجماته على الأبراج والمباني السكنية في قطاع غزة. ويقول مسؤولون فلسطينيون إن هذه السياسة تهدف إلى إجبار السكان على الفرار من المدينة إلى جنوب قطاع غزة.
وجاء ذلك بعد أن وافقت الحكومة الإسرائيلية في الثامن من أغسطس/آب على خطة اقترحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة.
في 11 آب/أغسطس، شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومًا على المدينة، بدءًا من حي الزيتون (جنوب شرق المدينة). وتضمّن الهجوم هدم منازل بالروبوتات المفخخة، وقصفًا مدفعيًا، وإطلاق نار عشوائي، وتهجيرًا قسريًا.
وفي الأسابيع التالية، نقل الجيش عملياته الجوية الواسعة وسياسة هدم المناطق السكنية إلى حي الصبرة في الجنوب، ثم إلى الأحياء الشمالية من المدينة، وبعد ذلك إلى الأحياء الغربية.
ومنذ تلك اللحظة وحتى مساء السبت، دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 3600 مبنى وبرج في مدينة غزة بشكل كلي أو جزئي، ودمر نحو 13 ألف خيمة تؤوي النازحين، بحسب بيان صادر عن مكتب الإعلام الحكومي.
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة، من قتل وتجويع وتدمير وتشريد، متجاهلة الدعوات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لوضع حد لها.
وأودت الإبادة الجماعية بحياة 64,905 فلسطينياً، وأصابت 164,926 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، كما أدت المجاعة إلى مقتل 428 فلسطينياً، بما في ذلك 146 طفلاً.