مجوعون منهكون.. أطباء بغزة يعيشون على محاليل لإنقاذ المصابين

منذ 3 ساعات
مجوعون منهكون.. أطباء بغزة يعيشون على محاليل لإنقاذ المصابين

ويعاني الأطباء والطاقم الطبي في مستشفى العيون من تضاعف العمليات ونقص الغذاء بسبب المجاعة في إسرائيل. د. محمد الطيب: خسرت 10 كيلوجرامات منذ مارس وأمشي أميالاً إلى المستشفى. مدير المستشفى عبد السلام صباح: أغلب الأطباء يأتون إلى العمل بمعدة فارغة ويفقدون الوعي في غرفة العمليات. د. مها دبان: أشعر بالتعب والدوار والصداع أثناء العمل، وازدادت دقات قلبي، وخسرت 8 كيلوغرامات.

في ممرات مستشفى العيون بمدينة غزة، تمتزج أصوات المعدات الطبية وأصوات أجهزة المراقبة في غرفة العمليات مع أنفاس الأطباء المنهكين الذين يسابقون الزمن لإنقاذ الجرحى.

تبدو وجوه الأطباء مليئة بالإرهاق الشديد، نتيجة الجوع الممنهج في إسرائيل والحصار الخانق لقطاع غزة، وهو جزء من حرب إبادة جماعية شنتها تل أبيب لمدة 22 شهراً.

ومن منطلق واجبهم الإنساني، يواصل الأطباء العمل لساعات طويلة في غرف العمليات تحت وطأة الحصار الذي جعل حتى رغيف الخبز سلعة نادرة، والسكر والبروتين أغلى من الذهب، بحسب ما قاله الأطباء لوكالة الأناضول.

ومؤخرا، حذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من أن “ثلث سكان قطاع غزة (نحو 2.4 مليون فلسطيني) لم يتناولوا الطعام منذ عدة أيام”.

ووصف الوضع الإنساني بأنه “غير مسبوق من حيث الجوع واليأس”.

وتؤكد الأمم المتحدة أن غزة تحتاج إلى مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية يومياً لإنهاء المجاعة التي تعاني منها البلاد نتيجة الحصار والإبادة الجماعية.

بدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة كل النداءات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لوضع حد لها.

أودت الإبادة الجماعية الإسرائيلية بحياة 61,430 فلسطينيًا، وجرحت 153,213، معظمهم من الأطفال والنساء. واختفى أكثر من 9,000 شخص، ونزح مئات الآلاف، وأودت المجاعة بحياة 217 شخصًا حتى يوم الأحد، بينهم 100 طفل.

في الثاني من مارس/آذار، أغلقت إسرائيل المعابر الحدودية مع قطاع غزة أمام المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية، في حين ازدحمت آلاف الشاحنات على الحدود، مما تسبب في مجاعة وصلت إلى أبعاد “كارثية”.

** فقدان الوزن

وقال محمد الطيب (33 عاما)، وهو طبيب عيون، لوكالة الأناضول، إنه يعمل في هذا المجال منذ 7 سنوات.

لكن العامين الماضيين كانا الأصعب، خاصة منذ مارس/آذار الماضي، عندما اضطر الطيب وزملاؤه إلى تحمل “مجاعة منهجية” أثرت على جميع المواطنين في قطاع غزة.

وأضاف “إننا نعمل بجهد مضاعف لأن متلقي المساعدات أصبحوا مستهدفين”، في إشارة إلى إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على الفلسطينيين الذين ينتظرون المساعدات الإنسانية النادرة.

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الأحد، عن وصول 35 شهيدًا و304 جرحى إلى المستشفيات خلال 24 ساعة لتلقي العلاج. وبذلك، يرتفع إجمالي عدد الشهداء والجرحى منذ 27 مايو/أيار إلى 1778 شهيدًا و12894 جريحًا.

وأضاف الطيب أن “رواتبنا تأتي كل شهرين أو ثلاثة كسلفة، وهي بالكاد تغطي سعر الدقيق”.

وأفاد بأن عدد العمليات الجراحية تضاعف من عملية واحدة شهرياً قبل الحرب إلى ثلاث عمليات يومياً اليوم، وأن معظمها يستغرق ما بين ساعة إلى ثلاث ساعات.

وأضاف الطيب: “بوجبة واحدة يومياً فقدت 10 كيلوغرامات منذ مارس/آذار الماضي”.

وأضاف: “أمشي عدة كيلومترات إلى المستشفى ولا أجد أي سكر أو بروتين. حتى النساء الحوامل والأطفال يفتقرون إلى التغذية اللازمة”.

** حلول للأطباء

وقال مدير عيادة العيون، عبد السلام صباح، لوكالة الأناضول، إن الوضع “صعب ومرير” بالنسبة للطاقم الطبي والإداري على حد سواء.

وتابع: “الأطباء يصابون بالإغماء في غرف العمليات بسبب الإرهاق ونقص الطعام، ونحن نعطيهم المحاليل الوريدية (السوائل الطبية) حتى يتمكنوا من مواصلة عملهم”.

وأوضح أن أغلب الموظفين يأتون إلى العمل بمعدة فارغة ولا يتناولون إلا وجبة واحدة في اليوم.

وقال الدكتور إياد أبو كرش، رئيس قسم التخدير في المستشفى منذ 25 عاماً، إن العمل مع سوء التغذية ونقص الغذاء أدى إلى إرهاق شديد بين الموظفين، خاصة مع زيادة ساعات العمل.

وقال أبو كرش لوكالة الأناضول إن العمليات الدقيقة التي تشمل إنقاذ البصر أو الأرواح تتطلب أقصى درجات التركيز والطاقة الكبيرة، لكن “وجبتنا متواضعة”.

** التعب والدوار

قالت الدكتورة مها دابان عن تأثير سوء التغذية على صحتهم وأدائهم: “نشعر بتوتر شديد ودوار وصداع أثناء العمل”.

“زاد نبض قلبي أيضًا، وخسرت ثمانية كيلوغرامات. فقدنا الفيتامينات والبروتينات بسبب الحصار”، تابع دابان.

ويختتم الطبيب الفلسطيني حديثه قائلاً: “جسمنا يحتاج إلى الغذاء، وبدونه لن أتمكن من حشد نفس الطاقة لإنقاذ المرضى”.

وافقت الحكومة الأمنية الإسرائيلية في ساعة مبكرة من صباح الجمعة على خطة لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، وهو ما سيؤدي إلى المزيد من الضحايا وإرهاق الطواقم الطبية.

لقد احتلت إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان لعقود من الزمن، وترفض الانسحاب من هذه الأراضي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود ما قبل عام 1967.


شارك