الإنزال الجوي للمساعدات في غزة.. عندما تتحول الإغاثة أحيانًا إلى أداة للقتل

يُشير الإسقاط الجوي للمساعدات الإنسانية إلى إيصال إمدادات الإغاثة إلى مناطق الكوارث جوًا. وقد استُخدمت هذه الطريقة مؤخرًا في قطاع غزة، وأثارت جدلًا حول مدى ملاءمتها وفعاليتها، نظرًا لصغر حجم الكميات المُسلّمة مقارنةً بالشاحنات البرية، وخطر وقوع حوادث خطيرة.
متى نلجأ إلى الإنزال الجوي؟
إن الإنزال الجوي ليس الحل الأمثل للمساعدات، بل يستخدم كملاذ أخير عندما لا يمكن توصيل المساعدات عن طريق البر، إما بسبب الصراع أو الكوارث التي تمنع مرور الشاحنات البرية.
أيهما أفضل: الإنزال الجوي أم النقل البري؟
وتعتبر الشاحنات البرية أكثر فعالية، في حين تتطلب عمليات الإنزال الجوي دقة شديدة لمنع وصول المساعدات إلى المناطق السكنية أو أيدي العدو، ولضمان وصولها إلى المحتاجين وعدم سقوطها في المسطحات المائية أو المناطق غير الآمنة.
إن عمليات الإنزال الجوي أكثر تكلفة، ولا توفر إمدادات الإغاثة اللازمة بكميات كافية مقارنة بعمليات التسليم البري، ولا تسمح بتقييم واقعي للاحتياجات بسبب عدم وجود تواجد مباشر في الموقع.
في الماضي، وقعت عمليات إنزال جوي فاشلة متكررة أسفرت عن خسائر فادحة في الأرواح. يسلط التقرير التالي الضوء على أبرز هذه الحالات.
العراق 1916: أول تجربة إنزال جوي إنساني
شنت بريطانيا العظمى حملةً ضد العثمانيين في العراق. حوصر نحو 8000 جندي بريطاني في كوت العمارة من ديسمبر/كانون الأول 1915 حتى استسلامهم في أبريل/نيسان 1916، وهُددوا بالموت جوعًا.
ألقت الطائرات البريطانية الأرز والعدس والدقيق، لكن لم يصل إلى المدينة سوى 7000 كيلوغرام منها. ألقى العثمانيون بعضًا منها بالرصاص، بينما سقط الباقي في نهر دجلة.
سوريا 2016: الإنزالات الجوية في قبضة داعش
في عام ٢٠١٦، نفّذ برنامج الغذاء العالمي أول عملية إنزال جوي للمساعدات الإنسانية على ٢٠٠ ألف مدني يعيشون في مدينة دير الزور المحاصرة من قِبل داعش. إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل بسبب صعوبات فنية، ووصلت المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة داعش.
غزة 2024-2025: المساعدات تقتل الجوعى بدلًا من إنقاذهم
يعاني سكان قطاع غزة من المجاعة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بسبب العدوان الإسرائيلي. وشمل ذلك حصارًا وحظرًا شبه كامل للمساعدات البرية، مما أدى إلى وفاة 126 فلسطينيًا جوعًا.
في حالات نادرة، سمحت الحكومة بعمليات إنزال جوي محدودة لإمدادات الإغاثة. إلا أن هذه العمليات لم تكن كافية لإنقاذ ملايين الأشخاص، وحملت مخاطر كبيرة.
في 27 يوليو/تموز، أعلن الاحتلال وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار، مما سمح بتفريغ سبع شحنات مساعدات، شملت دقيقًا وسكرًا ومعلبات، وصلت ليلًا. وقد أصيب أحد عشر فلسطينيًا بجروح جراء سقوط المساعدات على خيام النازحين.
في أكتوبر 2024، توفي طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات عندما سقطت حقيبة مساعدات على رأسه أثناء نومه.
في مارس/آذار 2024، سقطت طرود المساعدات على مبنى سكني بعد فشل مظلاتها، مما أدى إلى مقتل خمسة فلسطينيين على الأقل.
كما ضلت طرود المساعدات التي كانت مربوطة بالمظلات طريقها، فسقط بعضها في البحر بسبب تغير اتجاه الرياح، وبعضها الآخر داخل المستوطنات في قطاع غزة.