فنان جزائري: أحاول بلوحاتي إنقاذ أرواح شهداء غزة من النسيان

منذ 6 ساعات
فنان جزائري: أحاول بلوحاتي إنقاذ أرواح شهداء غزة من النسيان

اختار أبو الحق والدنا لدعم القضية الفلسطينية وقطاع غزة من خلال فن الرسم. استخدم موهبته في الحفاظ على ملامح وصور ضحايا الإبادة الجماعية في قطاع غزة وتثبيتها في الذاكرة. – أنجز والدنا لوحتين: واحدة تصور الطفلة الفلسطينية هند رجب التي قتلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 2024، وأخرى تصور مشاهد من حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة. – أبانا الرب: الصور ليست مجرد تعبير فني، بل هي وسيلة للتذكير والاحتجاج على واقع الناس في قطاع غزة.

 

لمواجهة صمت العالم ولامبالاةه، وتواطؤ وسائل الإعلام الغربية في الإبادة الجماعية في قطاع غزة، قرر الفنان الجزائري أبو الحق أبينا الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية وشعب قطاع غزة من خلال إنشاء لوحات فنية تخليداً لذكرى ضحايا الإبادة الجماعية.

أخذ والدنا ريشته إلى ساحات العاصمة الفرنسية باريس، ورسم وجوه ضحايا الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وكان يُغيّر لوحاته بين المظاهرات دعماً لفلسطين.

وكان والدنا يعتقد أنه استخدم موهبته “لإبقاء ملامح وصور الشهداء حية ومحفورة في الذاكرة، ولإبقاء القضية الفلسطينية حاضرة في وعي العالم”.

أنجز والدنا لوحتين: واحدة تصور الطفلة الفلسطينية هند رجب التي قتلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في 29 يناير 2024، وأخرى تصور مشاهد من حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة لمدة 22 شهرًا.

لا يشارك والدنا أحيانًا في المظاهرات المناهضة للإبادة الجماعية في غزة، والتي تُقام بين الحين والآخر في باريس، بل يحمل معه في كل مظاهرة اللوحتين تخليدًا لذكرى ضحايا القطاع الفلسطيني.

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة، تتضمن القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة كل النداءات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لإنهاء هذه الحرب.

خلّفت الإبادة الجماعية المدعومة من الولايات المتحدة أكثر من 204 آلاف قتيل وجريح في فلسطين، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود. إضافةً إلى ذلك، شُرد مئات الآلاف، وأودت المجاعة بحياة الكثيرين.

الفن ضد النسيان

وعمل الفنان الجزائري على اللوحتين لمدة 65 ساعة، محاولاً كما قال “إنقاذ أرواح الشهداء من النسيان من خلال الفن”.

وقال الفنان الجزائري لوكالة الأناضول، إنه يشارك في الفعاليات الداعمة لفلسطين منذ أن كان في الثالثة عشرة من عمره.

ولكنه يعتقد أن مشاركته الحالية في هذه الرسومات تهدف إلى “التأكيد على أن فلسطين صامدة وستبقى حية سواء أراد الاحتلال الإسرائيلي ذلك أم لا”.

تشويه الصورة

وفي سياق مماثل، انتقد الفنان الجزائري التصوير المتحيز للإسرائيليين في وسائل الإعلام، وخاصة الغربية.

قال لوكالة أنباء الأناضول: “يُصوَّر الإسرائيليون في وسائل الإعلام كأشخاص عاديين يذهبون إلى السينما ويتناولون الطعام، بينما يُصوَّر الفلسطينيون، الذين سُلبت أراضيهم، على أنهم برابرة. هذا التناقض دفعني لرسم وجوه الضحايا، على أمل أن تُنقذهم صورة من الاندثار”.

وأضاف: “ما يحدث في غزة ليس مجرد عدوان، بل إبادة جماعية. والأسوأ من ذلك أن عددًا كبيرًا من الحكومات والمؤسسات الإعلامية متورطة فيه بشكل مباشر أو غير مباشر، بما في ذلك الحكومة الفرنسية والرئيس إيمانويل ماكرون”.

– الشهيد الظل

أوضح أبينا أنه يعمل حاليًا مع مجموعة من الفنانين على تنظيم معرض فني حول موضوع “المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة”. سيعرض المعرض رسومات لنساء ورجال سقطوا في القصف الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني.

وأكد أبينا خلال محاضرته أن لوحاته “ليست مجرد تعبير فني، بل هي وسيلة للتذكير والاحتجاج على واقع الناس في قطاع غزة”.

قالت الفنانة الجزائرية عن هند رجب: “لقد وثقوا لحظة مقتلها بالصوت والصورة، ورسمت وجهها لأنها تمثل كل أطفال فلسطين الذين يُقتلون اليوم دون ذكر أسمائهم أو عرض صورهم في الإعلام الأوروبي. إنهم الشهداء في الخفاء”.

كانت هند رجب طفلة فلسطينية تبلغ من العمر خمس سنوات عندما قتلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي مع ستة من أقاربها في 29 يناير/كانون الثاني 2024، بقصف سيارة كانوا قد لجأوا إليها جنوب غرب مدينة غزة.

وتابع: “إن أوروبا تحمل عقدة الذنب بسبب الجرائم التي ارتكبتها ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن الفلسطينيين لم يكن لهم أي علاقة بهذه الجرائم، ومن غير المقبول أن يدفعوا الثمن”.

– فرشاة مع رسالة

وفي حديثها لوكالة أنباء الأناضول، أكدت أبينا أن الفن والسينما والأدب “أدوات أساسية في مقاومة التعتيم”.

وأضاف: “لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونشاهد هذه الإبادة الجماعية. لكلٍّ منا وسائله الخاصة، وأنا أستخدم فرشاتي لأرسم أولئك الذين اختفت صورهم من العالم”.

وعلق على لوحاته بدمج العديد من الرموز التي “تنقل رسائل عميقة”، من طبيب وصحفي إلى أم ترعى طفلها، ومن حنظلة (أيقونة فلسطينية وأحد أشهر الشخصيات التي رسمها ناجي العلي في رسوماته الكاريكاتورية) إلى مفتاح العودة، ومن غصن زيتون إلى دفتر مدرسي يرمز إلى طفولة مقتولة.

واختتم الفنان الجزائري قائلاً: “نرسم الشهداء حتى لا يُمحىوا من الذاكرة. ورغم كل محاولات المحو، ستبقى فلسطين حية في وجدان البشرية”.


شارك