فرنسا تعترف بدولة فلسطين.. من تبقى خارج الإجماع العالمي؟

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، أن فرنسا ستعترف رسميا بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، في خطوة وصفت بالتاريخية.
وفي حساباته الرسمية على موقعي X وإنستغرام، صرّح قائلًا: “وفاءً بالتزامها التاريخي بتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، قررتُ أن تعترف فرنسا بدولة فلسطين. وسأعلن ذلك رسميًا في سبتمبر/أيلول المقبل أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة”.
وذكرت صحيفة “لا بروفانس” الفرنسية أنه إذا أقدمت باريس على هذه الخطوة فإنها ستصبح الدولة العضو الـ149 في الأمم المتحدة التي تعترف رسميا بفلسطين، بحسب وزارة الخارجية الفلسطينية.
وذكرت الصحيفة أنه من اللافت للنظر أنه رغم هذه التطورات الدولية، لا تزال قوى غربية كبرى، كالولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة واليابان وأستراليا، ترفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وهذا يعكس استمرار الانقسام العميق بين شمال عالمي متردد وجنوب عالمي داعم بشكل واضح.
* متى بدأ العالم يعترف بفلسطين؟
وبحسب الصحيفة الفرنسية، بدأ الاعتراف الدولي بدولة فلسطين عام ١٩٨٨، بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى. وفي ذلك العام، أعلن الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات قيام الدولة الفلسطينية خلال اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر. وكانت الجزائر أول دولة تعترف بها رسميًا، وفقًا للصحيفة الفرنسية.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن أكثر من 40 دولة، بما في ذلك الصين ومعظم الدول العربية، انضمت إلى المبادرة في الأسبوع نفسه.
في عام 2010، وفي أعقاب العدوان الإسرائيلي العنيف على غزة، انضمت معظم دول أميركا اللاتينية والوسطى إلى قائمة الدول التي اعترفت بفلسطين.
* من يعترف بفلسطين اليوم؟
بحلول منتصف عام ٢٠٢٥، ستعترف حوالي ١٤٩ دولة رسميًا بفلسطين، وهو ما يمثل ثلاثة أرباع أعضاء الأمم المتحدة. وتشمل هذه الدول جميع الدول الأفريقية تقريبًا، والغالبية العظمى من الدول الآسيوية، وجميع دول أمريكا الجنوبية والوسطى تقريبًا.
القوى الداعمة الرئيسية هي الهند والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا والمكسيك.
ولكن الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة واليابان وأستراليا لم تنضم إلى هذا الإجماع، وهو ما يعكس تحفظات سياسية تتعلق بعلاقاتها الوثيقة مع إسرائيل والتزامها بنموذج تفاوضي أثبت عدم فعاليته لسنوات.
* أوروبا منقسمة… لكن الخريطة تتغير
في أوروبا، لا تزال مسألة الاعتراف بدولة فلسطينية محل جدل. فحتى يوليو/تموز 2025، لم تعترف بدولة فلسطين سوى 12 دولة من أصل 27 دولة أوروبية.
كانت معظم هذه الدول تنتمي إلى الكتلة الشرقية السابقة، وقد اعترفت بفلسطين منذ إعلان استقلالها عام ١٩٨٨. وتشمل هذه الدول المجر، وبولندا، وبلغاريا، ورومانيا، وتشيكوسلوفاكيا السابقة، وقبرص، ومالطا. وقد جاء هذا الاعتراف قبل انضمام هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبي.
في عام ٢٠١٤، أصبحت السويد أول دولة ديمقراطية غربية داخل الاتحاد الأوروبي تعترف بفلسطين. وفي يونيو ٢٠٢٤، انضمت سلوفينيا وأرمينيا إلى هذا التوجه، عقب التصعيد الإسرائيلي الأخير في قطاع غزة. وسبقتهما إسبانيا وأيرلندا والنرويج في مايو ٢٠٢٤، ودعت جميعها إلى حل الدولتين بسيادة متساوية.
* فلسطين في الأمم المتحدة: عضو… ولكن بلا صوت
على الرغم من أن دولة فلسطين ليست عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة، فقد مُنحت صفة مراقب غير عضو في نوفمبر/تشرين الثاني 2012. وهذا يسمح لها بالمشاركة في معظم الاجتماعات ودراسة الوثائق، ولكنها لا تتمتع بحق التصويت.
وفي مايو/أيار 2024، دعت فرنسا الأمم المتحدة إلى منح فلسطين العضوية الكاملة، في إشارة أولى إلى تغير جذري في الموقف الفرنسي.
* فرنسا تغير المعادلة
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن فرنسا، القوة الأوروبية الكبرى والعضو الدائم في مجلس الأمن، قررت بعد سنوات من التردد الانضمام إلى الأغلبية العالمية التي تعترف بفلسطين.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه إسرائيل ضغوطاً دولية غير مسبوقة بسبب الكارثة الإنسانية في قطاع غزة واستخدامها المفرط للقوة.
ومن المؤكد أن التغيير الفرنسي في المسار قد يشكل، ولو مع التأخير، نقطة تحول في أوروبا ويدفع دولاً مثل ألمانيا وإيطاليا إلى إعادة النظر في مواقفها.