ما مدى جدية الدعوات الغربية بالاعتراف بدولة فلسطينية؟

منذ 5 ساعات
ما مدى جدية الدعوات الغربية بالاعتراف بدولة فلسطينية؟

في ظل تجدد النقاشات حول استعداد الدول الغربية للاعتراف بدولة فلسطينية، تُطرح تساؤلات حول جدية هذه المطالب وتطبيقها الفعلي. لماذا لا تُنهى الحرب في غزة أولًا، ثم تُطلق جهودًا دبلوماسية، بما في ذلك الاعتراف بدولة فلسطينية؟

يقود هذه الحملة ويروج لها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حاليًا. وخلال زيارته الأخيرة للمملكة المتحدة، دعا إلى اعتراف مشترك من فرنسا والمملكة المتحدة بدولة فلسطينية، باعتباره “السبيل الوحيد لتحقيق أفق السلام” بين إسرائيل والفلسطينيين.

قال ماكرون في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوم الخميس 10 يوليو/تموز: “أؤمن بحل الدولتين المستقبلي الذي سيسمح لإسرائيل بالعيش بسلام وأمن مع جيرانها”. وأضاف: “أؤمن بضرورة توحيد أصواتنا في باريس ولندن وفي كل مكان للاعتراف بدولة فلسطين وإطلاق العنان لذلك الزخم السياسي الذي سيقود وحده إلى أفق السلام”.

وفي اليوم نفسه الذي أدلى فيه ماكرون بهذه التصريحات، دعا 60 نائبا من حزب العمال البريطاني إلى الاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية في رسالة إلى وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي.

في الرسالة التي نشرتها صحيفة الغارديان، حذّر النواب، بمن فيهم ممثلون عن الوسط واليسار، من “تطهير عرقي” في قطاع غزة. وأشاروا إلى أن “عدم الاعتراف بفلسطين كدولة يعني التخلي عن سياستنا القائمة على حل الدولتين، ويخلق توقعات باستمرار الوضع الراهن، مما يؤدي إلى محو وضم الأراضي الفلسطينية”.

ماكرون والصوت الأوروبي

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة مع قناة فرانس 5 في أبريل/نيسان الماضي: “يتعين علينا العمل نحو الاعتراف وسنفعل ذلك في الأشهر المقبلة”، مضيفا أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

يأمل الفرنسيون أن تكتسب دعوة ماكرون للاعتراف بدولة فلسطينية زخمًا أكبر خلال مؤتمر الأمم المتحدة حول “حل الدولتين”. وقد أُجِّل المؤتمر إلى 28 و29 يوليو/تموز 2025. وكان من المقرر عقده في يونيو/حزيران الماضي، لكن الحرب بين إيران وإسرائيل أدت إلى تأجيله.

مع أن المراقبين يشيرون إلى استعداد أوروبا لدعم الخطوة الفرنسية في حال الاعتراف بدولة فلسطينية، يبدو أن الأمر لا يزال يعتمد على موافقة الولايات المتحدة ومباركتها. فقد حذرت واشنطن دولًا أخرى من الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية، وهددت بعواقب دبلوماسية في حال فعلت ذلك.

تتمتع فرنسا بنفوذ كبير في السياسة الدولية، وهي موطن لأكبر جاليتين يهودية وإسلامية. لذا، قد يكون للاعتراف تداعيات في جميع أنحاء أوروبا. صرّح وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي لرويترز: “إذا اتخذت فرنسا هذه الخطوة، فستحذو حذوها دول كثيرة”.

يرى المراقبون أن هذا الاعتراف الفرنسي يتطلب دراسة متأنية ومناقشة مواقف الأطراف الأوروبية. ونظرًا للاختلافات القائمة حول العديد من القضايا، يخشون أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الانقسامات في أوروبا. إلا أن الخلافات الأكبر ستكون على الأرجح مع الولايات المتحدة، أقوى وأهم حليف لإسرائيل.

فرنسا تبدو غير مبالية

ورغم المحاولات الإسرائيلية لمنع مثل هذا الاعتراف الفرنسي والتحذيرات الأميركية، فإن المسؤولين الفرنسيين يعتقدون أن فرنسا لن تتأثر بالانتقادات والضغوط الإسرائيلية والأميركية.

ونقلت رويترز عن مسؤول فرنسي كبير قوله: “إذا كانت هناك لحظة “مناسبة” في التاريخ للاعتراف بدولة فلسطينية، حتى ولو رمزيا فقط، فإنني أقول إن هذه اللحظة ربما جاءت”، مضيفا أن ماكرون ربما يرغب أيضا في ترك إرث في التاريخ قبل انتهاء ولايته الرئاسية في عام 2027.

يُذكر أن فرنسا والمملكة المتحدة وكندا أصدرت بيانًا مشتركًا في أبريل/نيسان الماضي، أعلنت فيه عزمها على الاعتراف بدولة فلسطينية. إلا أن مراقبين يرون أن كندا والمملكة المتحدة لا تبديان حاليًا حماسًا كبيرًا لمثل هذا الاعتراف.

تجدر الإشارة إلى أن بعض المراقبين يرون أن حل الدولتين على المستوى العربي يجب أن يرتبط بعملية تطبيع مستقبلية بين إسرائيل والدول العربية. وهذا يعني أن قيام دولة فلسطينية سيكون شرطًا أساسيًا لتطبيع كامل للعلاقات بين الدول العربية التي تنتظر عملية التطبيع مع إسرائيل.


شارك