خبراء بيئة: دخلنا عصر التطرف المناخي وفشل هيئة الأرصاد في التنبؤ بأمطار القاهرة ينذر بكوارث

منذ 7 ساعات
خبراء بيئة: دخلنا عصر التطرف المناخي وفشل هيئة الأرصاد في التنبؤ بأمطار القاهرة ينذر بكوارث

في حالة جوية غير معتادة على المصريين في هذا الوقت من العام، فوجئ سكان القاهرة ومحافظات الدلتا بأمطار غزيرة وارتفاع في درجات الحرارة يوم الثلاثاء. أثارت هذه الظاهرة الجوية غير الاعتيادية لموسم الصيف جدلاً واسعاً حول طبيعة الوضع وقدرة الحكومة على التنبؤ بهذه التغيرات والتعامل معها.

انتقادات لوكالة الأرصاد الجوية وتحذيرات من عيوب النظام

انتقد صابر عثمان، الخبير الدولي في تغير المناخ ورئيس مجلس أمناء مؤسسة مناخ الأرض للتنمية المستدامة، الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية بشدة. وأكد أن الحادثة لم تكن مجرد خلل مؤقت، بل أظهرت خللًا هيكليًا عميقًا في نظام رصد وتحليل المناخ في مصر. وحذّر من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى كوارث يصعب التعامل معها مستقبلًا.

وقال عثمان لـ«الشروق» إن عدم قدرة الجهات الأرصادية على توقع هذه الموجة من الأمطار لم يكن تقصيراً فنياً يمكن تصحيحه، وإنما مؤشر على قصور خطير في أدوات الرصد، وفجوة واسعة بين واقع المناخ الحالي والآليات الرسمية للرصد والاستجابة له.

وأضاف: “اقتصر تقرير الهيئة على ذكر احتمال ضعيف لهطول أمطار خفيفة على الساحل الشمالي، متجاهلاً تماماً القاهرة الكبرى والدلتا، رغم أنهما الأكثر تضرراً”. وأشار إلى أن الأمطار فاجأت المواطنين والجهات المعنية، ما تسبب في حالة من البلبلة على الأرض.

– دعوة لمراجعة شاملة لعمل مكتب الأرصاد الجوية

وأكد أن هذه الأزمة ينبغي أن تُمثل فرصةً لإجراء مراجعة شاملة لأداء الوكالة وقدراتها. وتكمن المشكلة الأساسية في “نقص الإمكانات والتمويل”. وتحتاج الوكالة إلى ميزانيات ضخمة لتحديث بنيتها التحتية التكنولوجية، وتطوير برامج الحاسوب اللازمة لنمذجة المناخ، وتوظيف كوادر مؤهلة تركت الخدمة العامة بسبب انخفاض الأجور وضعف الحوافز.

ضرورة توسيع نطاق التواصل العام وإنشاء نظام لإدارة الكوارث.

ودعا إلى أساليب جديدة للتواصل مع الجمهور، قائلاً: “إن التنبؤات الجوية التقليدية بصورتها الحالية لم تعد مناسبة لأوقات الطقس المتطرف. يجب تطويرها لتكون أكثر وضوحًا وفهمًا للجمهور. وهذا يتطلب استخدام رموز ألوان ورموز مفهومة، مثل إشارات المرور، لتحديد مناطق الخطر وتصنيفها، وتمكين المواطنين من اتخاذ الاحتياطات اللازمة”.

وأكد أن الضرر الناجم عن تغير المناخ لم يعد نظريًا أو مستقبليًا، بل يحدث يوميًا: “تتأثر الزراعة، وتتراجع الثروة الحيوانية والسمكية، وتوجد مشاكل صحية عديدة. ومع ذلك، لا نملك نظامًا علميًا دقيقًا لرصد هذه الآثار، مما يمنع الدولة من المطالبة بتمويل عادل من صناديق المناخ الدولية”.

وفي ختام كلمته، أكد عثمان على ضرورة إنشاء نظام وطني متكامل لإدارة الكوارث المناخية يضم وزارة البيئة والسلطات المحلية والدفاع المدني ولجنة إدارة الأزمات الوطنية، ويعمل بتنسيق شامل لمعالجة ما وصفه بـ “العصر القادم من الأحداث الجوية المتطرفة التي ستزداد شدتها وتواترها”.

– تغير المناخ الحاد ومنطقة البحر الأبيض المتوسط في دائرة الضوء

في مراجعة أوسع للأحداث الجارية، ربطت عالمة البيئة والمناخ الدكتورة سوزان العوضي هذه الظواهر المتكررة بـ”تحول كبير في طبيعة المناخ العالمي”. وتزعم أن العالم قد دخل بالفعل مرحلة جديدة من “التطرف المناخي”، تتميز بحدوث ظواهر قاسية وغير عادية خلال فصول غير اعتيادية.

قالت العوضي لصحيفة الشروق: “إن الأمطار الغزيرة التي نشهدها اليوم، مصحوبةً بارتفاع درجات الحرارة، ليست حدثًا استثنائيًا، بل هي نتيجة طبيعية لعقود من الضغط البشري على كوكب الأرض، ولاختلال التوازن المناخي الطبيعي”. وأكدت أن هذا ليس تغيرًا تدريجيًا، بل هو تحول جذري في أنماط المناخ.

وأضافت: “هذه التغيرات ليست مفاجئة، بل لها جذور واضحة في السنوات الأخيرة. ويمكن إرجاعها إلى الفيضانات المفاجئة التي ضربت الإسكندرية خريف العام الماضي، بالإضافة إلى التأثيرات القوية لظاهرة النينيو وغيرها من الظواهر المناخية التي ساهمت في تفاقم حالة عدم الاستقرار الجوي”.

وأكدت أن منطقة البحر الأبيض المتوسط تلعب دورًا محوريًا في تشكيل هذا التغيير. فهي تشهد اضطرابات مناخية وجيولوجية، تشمل تقلبات الطقس، ومخاطر الزلازل، وتغيرات في قشرة الأرض، مما يزيد الظواهر المتطرفة تعقيدًا وخطورة.

– دعوة إلى اتخاذ إجراءات للتكيف مع المناخ وتحويل الخطاب البيئي إلى عمل عام.

وحذر العوضي من النظر إلى هذه المؤشرات على أنها مجرد موجات عابرة، قائلا: “إذا لم نبدأ في تطوير استراتيجيات واقعية للتكيف مع تغير المناخ الآن، بما في ذلك التخطيط الحضري الجديد وتحديث البنية التحتية، فإننا سنواجه مستقبلا غير مستقر مناخيا سيكون من الصعب التنبؤ به أو إدارته”.

واختتمت كلمتها بالدعوة إلى تطوير الخطاب البيئي من مجرد قضية توعية إلى جزء من السياسة العامة والحوكمة، مشيرة إلى أن “الطقس أصبح قضية سياسية واقتصادية وأمنية، ويجب على الجميع التعامل معه وفقًا لذلك”.


شارك