كيف استخدمت إسرائيل برنامج ذكاء اصطناعي لإقناع ترامب بضرب إيران؟

كشفت مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية أن شن إسرائيل حربًا على إيران وقرار الولايات المتحدة الانضمام إليها استند إلى حد كبير إلى معلومات استخباراتية مستمدة من تنبؤات برنامج ذكاء اصطناعي قدمته تل أبيب للبيت الأبيض. وأشارت إلى أن وكالات الاستخبارات الأمريكية لم تتمكن من التحقق من دقة هذه التنبؤات.
** برنامج الفسيفساء
أوضحت المجلة الأمريكية في تقرير مفصل أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية كلفت شركة المراقبة العالمية “بالانتير” عام ٢٠١٥ بمساعدتها في مهمتها لمراقبة برنامج الأسلحة النووية الإيراني. وتمثل جوهر هذه المهمة في برنامج ذكاء اصطناعي يُسمى “موزاييك”.
وفقًا للمجلة، كان الهدف إنشاء آلية إنفاذ أكثر فعالية لمراقبة خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، التي صاغتها إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما. فبدلاً من تكليف عشرات المحللين بتحليل مئات، إن لم يكن آلاف، صور الأقمار الصناعية وتقييم أهداف مثل المنشآت النووية الإيرانية، أرادت الوكالة تبسيط العملية. وأضافت المجلة أن شركة بالانتير طورت منتجًا يمكّن الوكالة من القيام بذلك: برنامج موزاييك الذي تبلغ تكلفته 50 مليون دولار، والذي يفحص أكثر من 400 مليون نقطة بيانات للتنبؤ بمسار الأسلحة النووية الإيرانية.
** كيف يعمل البرنامج؟
وفقًا للمجلة الأمريكية، طُوّر نظام الذكاء الاصطناعي التنبؤي هذا في الأصل لأغراض مكافحة الإرهاب والاستخبارات. ويستند في استنتاجاته إلى تحليل صور الأقمار الصناعية، والسجلات التجارية، والبيانات الوصفية، ومنشورات مواقع التواصل الاجتماعي المتعلقة بالهدف. ولذلك، يُقال إنها تقنية رائعة.
شركة Palantir هي شركة مقاولات رئيسية لوكالة المخابرات المركزية. وأوضحت المجلة الأميركية أن إسرائيل استخدمت نسخة معدلة من البرنامج نفسه في حروبها في غزة ولبنان، مشيرة إلى أن برنامج موزاييك مستوحى من النظام القديم الذي باعته شركة بالانتير للجيش الإسرائيلي. أطلق منتقدو برنامج موزاييك عليه اسم “تقرير الأقلية اليورانيوم”، في إشارة إلى فيلم “تقرير الأقلية”. ووصف أحد النقاد العرض الذي قدمه المخرج الأميركي الشهير ستيفن سبيلبرغ، والذي يتم فيه القبض على المجرمين ومعاقبتهم قبل ارتكاب جرائمهم، بأنه “ذريعة” لفرض العقوبات والهجمات على إيران.
** مصدر معلومات تل أبيب ووسيلة ترامب لإقناعه
وأشارت المجلة الأميركية إلى أنه بعد انتهاء الحرب مؤقتاً بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة وإيران من جهة أخرى، يتساءل كثيرون لماذا ومتى وكيف اندلعت الحرب. وأشارت المجلة إلى أن تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية، صرحت في شهادتها أمام الكونغرس في مارس/آذار الماضي، بأن وكالات الاستخبارات الأميركية تعتقد أن إيران لا تمتلك أسلحة نووية، وأن طهران تخلت عن سعيها للحصول على أسلحة نووية منذ عام 2003. ومع ذلك، بعد حوالي ثلاثة أشهر من هذا التصريح، قدّمت إسرائيل معلومات استخباراتية جديدة لإدارة ترامب. ووفقًا لمعظم مصادر الاستخبارات الأمريكية، لم يكن لدى أي وكالة استخبارات أمريكية القدرة على التحقق من المعلومات الإسرائيلية، ناهيك عن التشكيك في مصدرها الحقيقي وبالتالي صحتها. من جانبه، أكد الدبلوماسي البريطاني السابق أليستير كروك أن المعلومات الاستخباراتية التي استخدمتها تل أبيب لإقناع البيت الأبيض بالتهديد الوشيك الذي تشكله الأسلحة النووية الإيرانية جاءت من تحليلات البيانات الوصفية التي أجراها برنامج موزاييك التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبحسب كروك، فإن قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في الثاني عشر من يونيو/حزيران بشأن “عدم امتثال” إيران لالتزاماتها النووية كان بمثابة مقدمة مخططة للهجوم الإسرائيلي المفاجئ على طهران في اليوم التالي. وتشتبه المجلة الأميركية في أن نظام الذكاء الاصطناعي التنبؤي “موزاييك” لعب دورا رئيسيا في إقناع ترامب المتردد بأن 13 يونيو/حزيران هو الوقت المناسب لمهاجمة إيران. تعتبر مجلة “ناشيونال إنترست” أن إشعال حرب إقليمية كبرى بناءً على تنبؤات الذكاء الاصطناعي أمرٌ بالغ الخطورة، لا سيما وأن الذكاء الاصطناعي بحد ذاته تقنية حديثة نسبيًا لا تزال قيد التطوير. وتشير الصحيفة أيضًا إلى أنه، كما كتبت، لا توجد طريقة لمعرفة مدى فعالية هذه التقنية في التنبؤ بتطوير الأسلحة النووية في دولة غامضة وغير قابلة للتنبؤ مثل إيران.