حوار| سلوى محمد علي: لا أؤمن بالرسائل المباشرة.. والفن مرآة للحياة وليس منصة وعظ

منذ 5 ساعات
حوار| سلوى محمد علي: لا أؤمن بالرسائل المباشرة.. والفن مرآة للحياة وليس منصة وعظ

• كراهية الجمهور لي في مسلسل «فات الميد» دليل على نجاحي.. و«عبلة» ضحية المجتمع والتربية وليست ضحية الشر. كان الجزء الأصعب هو مشاهد الضرب، والتي أثرت عليّ بشكل كبير عقليًا وجسديًا.

تؤدي الممثلة سلوى محمد علي دور “عبلة” في مسلسل “فات الميد” المعروض حاليًا على قناة دي إم سي. وتلعب دور أرملة تعيل ثلاثة أطفال، وتتحكم بحياتهم وحياة شركائها عاطفيًا وأسريًا، بدافع الحب والمسؤولية الأسرية.

يتناول المسلسل، المؤلف من 30 حلقة، قضايا اجتماعية حساسة، كالطلاق والميراث والعنف الأسري، بجرأة وواقعية. كما يتعمق في الجوانب النفسية الدقيقة للعلاقات الإنسانية، كاشفًا كيف يمكن للمشاعر أن تُصبح أحيانًا عبئًا ثقيلًا على من حولها.

المسلسل بطولة أحمد مجدي، وأسماء أبو اليزيد، ومحمد علي رزق، ومحمود البزاوي، وحنان سليمان. وهو من تأليف عاطف ناشد وإسلام أدهم وناصر عبد الحميد، وإخراج سعد هنداوي.

قالت سلوى محمد علي لـ«الشروق» عن سبب حماسها للمشاركة في مسلسل «فات الميعاد»:

حتى بعد قراءة النص، شعرتُ وكأنني ألعب شخصيةً مكتوبةً بعنايةٍ وصدق، وعرفتُ أنني أرغب في تجسيدها. وتضاعف حماسي بفرصة العمل مع مخرجٍ مثل سعد هنداوي، الذي أثق به ثقةً تامة، ومع شركة إنتاجٍ ذات سجلٍّ حافلٍ بالإنجازات.

< ألم تكن خائفًا من تجسيد شخصية سلبية قد يكرهها الجمهور؟

على العكس، لم أتردد إطلاقًا، لأني أعتقد أن الجمهور أصبح أكثر وعيًا وإدراكًا بأن ما يُعرض على الشاشة تمثيل. أعتبر كراهية الجمهور للشخصية وتفاعلهم معها عبر مواقع التواصل الاجتماعي دليلًا على نجاح الدور وصدق تجسيده، لأنه وصل إليهم وأثار فيهم مشاعر حقيقية.

عبلة شخصيةٌ تتحكم بأطفالها وشركائها وتفرض سلطتها عليهم. كيف تعاملتِ مع هذه الحالة النفسية المعقدة؟

تعاملتُ مع عبلة من منظور واقعي، فقد رأيتُ شخصياتٍ مشابهةً في بيئتي، حتى وإن لم أختبرها بنفسي. لا تزال مجتمعاتنا العربية تعاني من هيمنة التفكير الذكوري، الذي يمنح بعض الرجال والنساء شعورًا زائفًا بالحق في فرض آرائهم على الآخرين. عبلة واحدةٌ من هؤلاء القدوة، فقد نشأت في بيئةٍ تمنحها شرعية التدخل والسيطرة.

هل كنتَ متعاطفًا مع عبلة؟ أم كانت قدوة سلبية تمامًا بالنسبة لك؟

بالطبع، شعرتُ بالتعاطف معها. لا يمكن لأي ممثل أن يؤدي دورًا مقنعًا ما لم يشعر بتعاطف حقيقي مع الشخصية. عبلة ليست شريرة بطبيعتها، بل هي، من وجهة نظرها، نتاج بيئة وتربية وثقافة معينة. تفعل ما تراه طبيعيًا وصحيحًا. كممثلة، مهمتي هي البحث عن الدوافع، لا الحكم على الشخصية.

< ما هي أوجه التشابه والاختلاف بينك وبين الشخصية؟

لا يقتصر التشابه على كوننا بشرًا نتصرف وفقًا لتربيتنا وتعليمنا. ففي نهاية المطاف، كل شخص هو انعكاس لبيئته وخلفيته الثقافية. مع ذلك، شخصيًا، لا أعتبر نفسي مشابهًا لعبلة في التفكير والسلوك.

ما هو أصعب مشهد صوّرته في المسلسل؟ وما هو حجم التأثير النفسي الذي تركه عليك؟

كانت أصعب المشاهد بالنسبة لي هي تلك التي تنطوي على عنف جسدي، وخاصةً الضرب. مع أن معظمها غير حقيقي، إلا أن تنفيذها يتطلب واقعية شديدة، وأحيانًا يحدث احتكاك فعلي، مما يجعلها مُرهقة عقليًا وجسديًا.

< كيف تصف تعاونك مع المخرج سعد هنداوي؟

كان العمل مع المخرج سعد هنداوي مُجزيًا للغاية. فهو يُجيد استخلاص أقصى طاقة من ممثليه وتحفيزهم على الانغماس في أدوارهم. كممثلين، نحمل في داخلنا مشاعر مكبوتة وغضبًا دفينًا. عندما نجد مخرجًا يُسخّر هذه المشاعر للدور، نشعر بالامتنان والشكر. إجمالًا، أظهر الفريق رؤى فنية رفيعة، مما أثر بشكل كبير على جودة النتيجة النهائية.

< من من زملائك فاجأك بأدائه أثناء التصوير؟

أعجبني أحمد مجدي كثيرًا، وأعتبر هذا الدور من أبرز أدواره حتى الآن، مما جعله من كبار الممثلين. كما أعجبني أداء أسماء أبو اليزيد، التي أرى فيها تصويرًا واقعيًا وملامح مصرية أصيلة، وخاصةً عينيها المعبرة. كما أفخر بزملائي محمد علي رزق، ومحمود البزاوي، وحنان سليمان، الذين عشت معهم طوال حياتي، والذين أكنّ لهم كل الاحترام والتقدير.

< هل تعتقد أن شخصية الأم المسيطرة يمكن أن تتغير من خلال الوعي الاجتماعي؟

آمل ذلك، لكنني لا أعتقد أن هذا سيتغير بسرعة. للأسف، لا يزال مجتمعنا يُفضّل الأولاد على البنات، وهذه الثقافة تُعزز شعورًا بالتفوق والسيطرة لدى الأمهات. التغيير ممكن، لكنه يتطلب وعيًا ونهجًا جديدًا في التربية، وهذا يستغرق وقتًا.

حظي المسلسل بإقبال كبير منذ عرضه الأول. هل توقعتِ هذا النجاح؟

نظراً لجودة النص والإخراج، توقعتُ أن يلفت عملي الأنظار، لكن التفاعل الهائل فاق توقعاتي. من أطرف التعليقات التي وصلتني على مواقع التواصل: “ما توقعت هالكلام يا عمة خيرية!”، وهذا أسعدني كثيراً، فهو يعكس حماس الجمهور لشخصية “عبلة”. كما يؤكد أن دوري في حلقات “شارع سمسم” لا يزال حاضراً في أذهان أجيال عديدة.

< ما هي الرسالة التي تريد إيصالها للجمهور من خلال “لقد فات الأوان”؟

لا أعتقد أن الفن يجب أن ينقل رسالةً بالمعنى التقليدي. إنه مرآة الحياة، غايته الجمال وتمثيل وجهات نظر مختلفة. ليس بالضرورة أن يكون له دور إرشادي أو تعليمي. برأيي، الفنان ليس قدوة، بل إنسانٌ كسائر أفراد المجتمع، يُصيب ويُصيب. ما يهمني هو جودة النص، وصدق الشخصية، ورؤية المخرج، وسلامة عناصر العمل.

< ما هي مشاريعك الفنية القادمة؟

أعمل حاليًا على مسرحية من فصل واحد، وهي لا تزال في مرحلة الكتابة. لا أريد الكشف عن أي تفاصيل بعد، لكنها ستكون مختلفة عن أي عمل قدمته سابقًا.


شارك