شمال غزة.. مشاهد توزيع المساعدات تفند ادعاءات إسرائيل بسيطرة حماس عليها

واصطف مئات السكان للحصول على المساعدات من وكالات الأمم المتحدة لأول مرة منذ أشهر.
– فلسطيني: ذهبت إلى مركز التوزيع لاستلام طرد دقيق بعد أن وصلتني رسالة على هاتفي.
تدحض لقطات فيديو ادعاء إسرائيل بأن حركة حماس تسيطر على توزيع المساعدات الإنسانية للفلسطينيين الجائعين في شمال قطاع غزة.
أظهرت المقاطع، من بين أمور أخرى، عشرات الشاحنات المحملة بمساعدات من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وهي تدخل شمال قطاع غزة. وقد نجحت قوات محلية تابعة للعائلات والعشائر في قطاع غزة في ضمان وصول المساعدات يوم الأربعاء، لأول مرة منذ شهور. وبدأ التوزيع يوم الخميس تحت إشراف المنظمات الدولية والمنظمات الشريكة.
قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، مساء الأربعاء، منع دخول المساعدات الإنسانية إلى شمال قطاع غزة، بحجة سيطرة حركة حماس على المنطقة.
وأمر نتنياهو كاتس والجيش بوضع خطة خلال 48 ساعة لإنهاء ما قال إنه سيطرة حماس على المساعدات، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
ورفض مكتب الإعلام الرسمي في غزة في بيان له هذه الادعاءات، قائلاً: “نرفض رفضاً قاطعاً الادعاءات الكاذبة لرئيس وزراء الاحتلال المجرم نتنياهو ووزير حربه كاتس، بشأن سيطرة الحكومة وحماس المزعومة على المساعدات الإنسانية في شمال قطاع غزة”.
وأضاف: “كانت العائلات والعشائر الفلسطينية هي التي قامت بتأمين قوافل المساعدات في شمال قطاع غزة، دون تدخل من الحكومة الفلسطينية أو أي جماعات أخرى، لتوفير بقايا الطعام لمئات الآلاف من المدنيين الجائعين”.
ساعدت العشائر الفلسطينية، الأربعاء، في تأمين تسليم شاحنات تحمل مساعدات إنسانية إلى مخازن برنامج الغذاء العالمي في مدينة غزة، خوفاً من أن تتعرض الشاحنات للنهب من قبل عصابات تعمل “تحت ستار الجيش الإسرائيلي”، وفقاً لمسؤولين حكوميين.
منذ صباح الخميس، اصطف مئات الفلسطينيين شمال مدينة غزة أمام عدة مراكز توزيع مساعدات لاستلام طرود غذائية وأكياس دقيق وزن كل منها 50 كيلوغرامًا. ويجري التوزيع بإشراف برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، بعد تلقي رسائل نصية تتضمن معلومات مفصلة عن آلية التوزيع.
وقد برز هذا المشهد في قطاع غزة للمرة الأولى منذ الاضطرابات التي شهدتها المنطقة في أوائل شهر مارس/آذار الماضي، عندما أغلقت إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة ومنعت بشكل كامل دخول المساعدات الإنسانية والأغذية.
ومنذ 27 مايو/أيار الماضي، اقتصر توزيع المساعدات على ما يسمى “مؤسسة غزة الإنسانية”، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، ويتم ذلك عبر عدد محدود من القوافل في جنوب ووسط قطاع غزة.
وخارج إشراف الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية، بدأت تل أبيب بتوزيع المساعدات الإنسانية في 27 مايو/أيار الماضي عبر ما يسمى “مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي هيئة رفضتها الأمم المتحدة.
ويجري توزيع المساعدات في “مناطق عازلة” في جنوب ووسط قطاع غزة، لكن الخطة تظهر بشكل متزايد علامات الفشل: إذ يؤدي تدفق الناس الجائعين وإطلاق الجيش الإسرائيلي النار على الحشود بشكل متكرر إلى تعطيل التوزيع.
التوزيع المنظم
وفي أحد مراكز توزيع المساعدات في مدينة غزة، أعرب عدد من السكان عن فرحتهم بعودة “آلية منظمة” لوصول المساعدات وتوزيعها بعد أشهر من الحرمان والمعاناة.
وأوضح حسام حامد، مدير برنامج التوزيع في مؤسسة إنقاذ المستقبل، أن دورهم هو “دعم عملية توزيع المساعدات من خلال إنشاء قوائم المستفيدين باستخدام نظام التسجيل الذاتي المعتمد مسبقًا من برنامج الأغذية العالمي”.
وأضاف حامد في مقابلة مع وكالة أنباء الأناضول: “سيتلقى المستفيدون رسائل على هواتفهم تتضمن تاريخ ووقت التسليم. وهذا يضمن عملية توزيع منظمة وسلسة ويحفظ كرامة المواطنين”.
وقالت السيدة المسنة أم محمود نويجة للأناضول إنها توجهت إلى مركز التوزيع لاستلام طرد الدقيق بعد تلقيها رسالة نصية تعبر عن “فرحتها الغامرة” بنجاح تأمين المساعدات وبدء توزيعها.
أوضحت المرأة المسنة أنها أرملة ترعى تسعة أطفال أيتام وأحفاد. وقالت إنها “لم تتلقَّ أي دعم من هذا النوع منذ خمسة أشهر”.
وقالت: “طوال هذه الفترة كنت أبكي دماً، في ظل حاجتنا الماسة لكسب الرزق وافتقارنا إليه، وخاصة عدم وجود مصدر دخل أو معيل لي ولأسرتي”.
وتابعت: “صرخت فرحاً عندما تلقيت خبر حصولي على هذه المساعدة”.
نأمل في مزيد من المساعدة
من جانبها قالت سيدة محلية: “إن الفقر والمعاناة في غزة وصلت إلى مستويات خطيرة للغاية بسبب الحرب الإسرائيلية وما رافقها من ارتفاع في الأسعار، وانقطاع الموارد المالية عن غالبية السكان”.
وأضافت أثناء وقوفها في الطابور مع النساء اللواتي ينتظرن المساعدة، دون أن تذكر اسمها، أنها صرخت فرحاً عندما تلقت الرسالة بالذهاب لتلقي المساعدة.
وأعربت السيدة الستينية عن أملها في أن “تستمر هذه الآلية وتصل إلى جميع العائلات وسكان قطاع غزة”، مضيفة: “هذا ما نريد استمراره، بدلاً من أن يموت أطفالنا في بحثهم عن المساعدة” (بحسب الآلية الإسرائيلية الأميركية).
رفضت هيئة شؤون العشائر في قطاع غزة، صباح اليوم الخميس، المزاعم الإسرائيلية حول سيطرة حركة حماس على المساعدات الإنسانية.
وقالت الوكالة في بيان لها: “جميع المساعدات مؤمنة بالكامل وتحت إشرافنا المباشر. ويتم توزيعها حصريًا عبر المنظمات الدولية”.
دعت مجلس الأمن الدولي إلى إرسال وفد لمراجعة عملية توزيع المساعدات وضمان تنفيذها بشكل سليم وشفاف. وأكدت أن “الاحتلال يحاول تضليل الرأي العام الدولي، وزرع الفتنة، وصنع “مصائد موت” للمدنيين الجائعين”.
وأكدت أن “المساعدات التي وصلت إلى غزة لا تمثل سوى قطرة في بحر احتياجات الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى المنكوبين”.
تكريس الفوضى
واتهم أمجد الشوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، إسرائيل بمحاولة “الحفاظ على الفوضى والعنف من خلال تشديد السيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية النادرة في مواجهة الإبادة الجماعية المستمرة”.
وقال الشوا في تصريح لوكالة الأناضول: “إسرائيل تحاول إبقاء الفوضى والاضطراب في غزة، ولا تريد أن تتوافق عملية توزيع المساعدات عبر مراكز التوزيع وقواعد البيانات مع المعايير الإنسانية”.
وفي تعليقه على قرار إسرائيل منع وصول المساعدات إلى شمال قطاع غزة، قال الشوا: “حسب ما شاهدناه فإن تأمين دخول شاحنات المساعدات إلى شمال قطاع غزة أمس كان نتيجة جهود بعض العشائر والعائلات”، مضيفاً: “وصلت المساعدات إلى مخازنها ويجري توزيعها عبر بعض المؤسسات وفق قوائم ومواعيد معتمدة مسبقاً”.
وتابع: “تحاول إسرائيل تخريب المنظومة الإنسانية في قطاع غزة بمنع دخول المساعدات عبر الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، واستبدالها بشركة أمنية أمريكية، ما يُشعل فتيل العنف الداخلي بين مواطني قطاع غزة”.
وشدد الشوا على ضرورة “تعزيز دور الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وخاصة الأونروا، وكذلك منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية التي تعمل في قطاع غزة منذ عقود”.
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة، تتضمن القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة كل النداءات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لإنهاء هذه الحرب.
خلّفت الإبادة الجماعية المدعومة من الولايات المتحدة أكثر من 188 ألف قتيل وجريح في فلسطين، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 11 ألف مفقود. هذا بالإضافة إلى مئات الآلاف من النازحين والمجاعة التي أودت بحياة الكثيرين، بمن فيهم الأطفال.
تحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ 18 عاماً، مما أدى إلى تشريد نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل 2.4 مليون فلسطيني تقريباً بعد تدمير منازلهم في حرب الإبادة.