ماذا تمتلك إسرائيل في ترسانتها لاستهداف منشآت إيران النووية؟ وهل يكفي؟

ورغم أن واشنطن وطهران تتفاوضان حاليا على اتفاق نووي، فإن تقارير استخباراتية أميركية كشفت أن إسرائيل تخطط لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية من جانب واحد.
وبحسب شبكة “سي إن إن”، حذر مسؤولون أميركيون من أنه ليس من الواضح ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية قد اتخذت بالفعل قرارا بشأن شن هجوم على إيران.
أكد مصدر مطلع أن احتمالات شن هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية ارتفعت في الآونة الأخيرة. هناك مخاوف من أن تتمكن واشنطن وطهران من التوصل إلى اتفاق لا يتضمن التخلي الكامل عن البرنامج النووي.
لكن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية يصبح أكثر تعقيداً بسبب عدة عوامل. وتشمل هذه العوامل الاستخدام الحصري لهذه المنشآت من دون دعم أميركي، ونوع الذخائر التي قد يحتاجها الجيش الإسرائيلي للهجوم، والمدى الذي سيتم فيه تحصين هذه المنشآت.
الدعم الأمريكي
حذر مسؤولون أميركيون من أن هجمات إسرائيل على المنشآت النووية الإيرانية قد تؤدي إلى خلاف مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ومن شأن هذا أن يؤدي إلى إشعال صراع إقليمي أوسع نطاقا في الشرق الأوسط، وهو ما تحاول الولايات المتحدة منعه منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
في هذه الأثناء، يقول معهد دراسة الحرب، ومقره واشنطن، إن الخلافات بين واشنطن وطهران قد تعيق التوصل إلى اتفاق وتزيد من احتمالات التصعيد العسكري. ومن المستحسن أن يستمر التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل لتجنب التصعيد غير المقصود ضد إيران.
الذخيرة في الترسانة الإسرائيلية
وتحسبا لأي عدوان خارجي محتمل، قامت إيران بتعزيز منشآتها النووية وبنائها على عمق كبير تحت الأرض في مناطق جبلية. ويتطلب هذا استخدام ذخيرة خاصة لا يمكنها التسبب إلا بقدر ضئيل من الضرر للمهاجمين، لكنها لا تستطيع تدميرهم بالكامل، بحسب الخبراء.
لكن هذا لا يشكل عائقاً أمام إسرائيل، إذ تمتلك مجموعة متنوعة من الأسلحة الأميركية الخارقة للتحصينات التي أثبتت فعاليتها الكبيرة على عدة جبهات، مثل:
يملك جيش الاحتلال الإسرائيلي ضمن ترسانته العسكرية قنابل MK-84، وهي قنبلة غير موجهة تزن 907 كيلوغرامات، قادرة على اختراق عدة أمتار من الخرسانة المسلحة قبل تفعيل رأسها الحربي شديد الانفجار.
وكانت إدارة دونالد ترامب قد سمحت بشحنات من هذه القنابل إلى إسرائيل بعد أن حظر الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن تسليمها للجيش الإسرائيلي في مايو/أيار 2024، والذي استخدمها في قصفه المكثف لقطاع غزة.
إضافة إلى ذلك، يمتلك جيش الاحتلال الإسرائيلي قنبلة GBU-28، وهي قنبلة موجهة بالليزر مصممة لاختراق التحصينات العميقة. يبلغ وزنه أكثر من 2200 كيلوغرام وتم تطويره من قبل الجيش الأمريكي خلال حرب الخليج عام 1991.
لا تمتلك هذه القنبلة إلا ثلاث دول: الولايات المتحدة وإسرائيل وكوريا الجنوبية. وبحسب تقارير نشرتها مجلة “ميليتري ووتش” الدفاعية، فإن هذه الطريقة أثبتت فعاليتها في تدمير منشآت تحت الأرض تابعة لحركة حماس في قطاع غزة.
وتقول المجلة العسكرية إن قنبلة “جي بي يو-28” قادرة على اختراق ما يصل إلى ستة أمتار من الخرسانة أو ما يقرب من 30 متراً من الأرض قبل أن ينفجر الرأس الحربي.
وتتضمن الترسانة العسكرية الإسرائيلية أيضًا قنبلة JDAM المصنوعة في الولايات المتحدة، والتي يتم توجيهها بإحداثيات الأقمار الصناعية ومجهزة برأس حربي من الفولاذ من طراز BLU-109 لضمان اختراق أكبر للتحصينات.
وكانت قنبلة J-DAM جزءًا من حزمة أسلحة علقها الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، والتي تضمنت أيضًا قنابل MK-84.
ولكن ما يزيد من احتمالات إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بالمنشآت النووية الإيرانية هو قنبلة GBU-57 MOP، وهي أكبر قنبلة خارقة للتحصينات في حوزة إسرائيل، فهي قادرة على اختراق التحصينات حتى عمق 60 متراً في الأرض أو 200 قدم من الخرسانة.
ورغم أن الولايات المتحدة وافقت على بيع هذه القنبلة لإسرائيل، إلا أن الجيش الإسرائيلي لا يملك منصة جوية قادرة على حمل هذا الوزن الذي يزيد على 13.5 طن، مثل قاذفات الشبح الأميركية من طراز بي-2 سبيريت أو بي-21 رايدر.
المنشآت النووية الإيرانية: مدن تحت الأرض
ورغم وفرة الذخائر الخارقة للتحصينات في الترسانة الإسرائيلية، فإن الخبراء والمحللين يعتقدون أن التدمير الكامل للمنشآت النووية الإيرانية مثل نطنز وفوردو أمر غير مرجح.
وأكد باحثون في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، وهو مركز أبحاث دفاعي، أن امتلاك إسرائيل لقنابل جي بي يو-289 وجي بي يو-31 لا يشكل ضمانة لنجاح الهجمات ما لم يتم تنسيقها من خلال استخدام قاذفات خاصة، والإنذار المبكر من الأنفاق، ودعم الهجوم الجوي بالحرب الإلكترونية واستطلاع الهدف الدقيق.
وفي هذا السياق، ذكرت وكالة رويترز للأنباء في أبريل/نيسان أن أي هجوم عسكري باستخدام القنابل الخارقة للتحصينات على المنشآت النووية الإيرانية قد يمثل “نكسة مؤقتة” للبرنامج النووي الإيراني، لكنه لن “يعطل قدراته بشكل كامل طالما ظلت خبرة العلماء والمعدات الأساسية سليمة”.
وحذر خبراء من أن الهجوم قد يدفع طهران إلى تسريع تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو أو نقل خطوط الإنتاج إلى مواقع بديلة تحت الأرض أكثر تحصينا.
وأكد تقرير صادر عن نشرة العلماء الذريين في واشنطن أن المجمع النووي الإيراني منتشر ومحصن على نطاق واسع، مما يسمح له بالصمود في وجه “هجمات محدودة” بالقنابل الموجهة. وأوضح التقرير أن هذه المنشآت تمتد تحت الأرض عبر أنفاق وممرات تحميها من الانهيار بسبب الانفجارات المباشرة.