قاذفات وحاملات الطائرات.. لماذا تحشد أمريكا قوتها بالشرق الأوسط؟

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، “نحن على وشك توجيه ضربة قاضية لإيران”، في إشارة إلى البرنامج النووي الإيراني وإمكانية توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية. وجاء ذلك بعدما أعطت واشنطن الضوء الأخضر لنشر حاملة الطائرات “يو إس إس كارل فينسون”، التي كان من المقرر أن تنضم إلى حاملة الطائرات “يو إس إس هاري إس ترومان” الموجودة بالفعل في المنطقة، بحسب بيان للبنتاغون.
ولم يحدد بيان البنتاغون هدفا محددا، لكنه قال إن نشر حاملات الطائرات يهدف إلى “مواصلة تعزيز الاستقرار الإقليمي، وردع العدوان، وحماية التدفق الحر للتجارة في المنطقة”. ويتزامن ذلك مع الهجمات الأميركية على اليمن ضد جماعة الحوثي أنصار الله، والتي جاءت في أعقاب هجمات على سفن وقوارب أميركية متجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر.
وفي الوقت نفسه، جاءت تهديدات ترامب بشن هجمات قصف مباشرة في سياق مناقشته للبرنامج النووي الإيراني. وأعرب عن استعداده للدخول في مفاوضات مباشرة مع إيران للتوصل إلى اتفاق جديد، لكن إيران ردت بالسعي إلى محادثات غير مباشرة مع واشنطن. وبدأ الرئيس الجمهوري بعد ذلك في إطلاق سلسلة من التصريحات التي أعرب فيها عن رغبته في التوصل إلى اتفاق، وحذر من عواقب الفشل.
ماذا قال ترامب عن البرنامج النووي الإيراني؟
وقال ترامب في مقابلة مع المذيعة ماريا بارتيرومو على قناة فوكس نيوز، إن الولايات المتحدة على وشك توجيه ضربة عسكرية مباشرة ضد إيران. وأكد أن واشنطن لا يمكن أن تسمح لنظام المرشد الأعلى الإيراني بالحصول على سلاح نووي، وهو ما من المرجح أن يحدث في المستقبل القريب.
وفي تصريحاته، صوّر ترامب نفسه كشخص يضع السلام والحل الدبلوماسي فوق كل شيء آخر. وقال إنه يفضل اتفاق السلام على أي خيار آخر، لكنه أشار إلى أن الحل العسكري من شأنه أن يحل المشكلة التي تواجه واشنطن.
هل إيران هي الهدف؟
رغم تصريحات ترامب بأنه يفضل الحل السلمي، إلا أن هدف إرسال القوات الأميركية إلى الشرق الأوسط ليس السلام. وذكرت صحيفة “إسرائيل اليوم” أن هناك مؤشرات متزايدة على أن القوات الأميركية والإسرائيلية تستعد لشن ضربة عسكرية ضخمة ضد البرنامج النووي الإيراني.
وقد نقلت الحكومة الأميركية بالفعل ست قاذفات شبح من طراز بي-2 سبيريت، أي ثلث أسطولها، إلى قاعدة دييغو غارسيا الجوية في أرخبيل تشاغوس الذي تسيطر عليه بريطانيا في المحيط الهندي. تتمتع هذه الطائرات ذات التقنية العالية بالقدرة على حمل قنابل ضخمة من طراز GBU-57، والتي يمكنها تدمير المنشآت النووية العميقة التي طورتها إيران على مر السنين.
وكشفت صور الأقمار الصناعية الأسبوع الماضي أيضًا عن أسطول مكون من ست طائرات ناقلة من طراز ستراتوتانكر من شأنها أن تسمح لقاذفات بي-2 بالتحليق إلى إيران وإكمال مهمتها والعودة إلى دييغو غارسيا – وهي رحلة تبلغ مسافتها 8000 كيلومتر، حسبما ذكرت صحيفة صنداي غارديان.
منذ وصول ترامب إلى السلطة، وضعت إسرائيل آمالاً كبيرة على تحقيق هدفها المتمثل في تدمير ما يسمى “محور الشر الإيراني”. ولتحقيق هذا الهدف، شنت هجمات غير مسبوقة ضد حزب الله اللبناني، الذي فقد جزءاً كبيراً من قدراته خلال المواجهات مع تل أبيب، وانتهت باغتيال زعيمه حسن نصر الله وسياسيين آخرين رفيعي المستوى. وركزت تل أبيب بعد ذلك هجماتها بشكل مكثف على قطاع غزة، بزعم أنها تهدف إلى تدمير قدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وبعد ذلك بدأت إسرائيل بالقضاء على إيران بنفسها.
وأكد مسؤول عسكري إسرائيلي لصحيفة صنداي تايمز خطة إسرائيل ضد إيران شريطة عدم الكشف عن هويته، قائلا إن إسرائيل نجحت في تقليص التهديد الذي تشكله حماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن بشكل كبير، مما أدى إلى عزل إيران بشكل فعال. ويأتي هذا في وقت تخطط فيه تل أبيب منذ أشهر لشن ضربة عسكرية كبيرة ضد إيران، والتي يبدو أنها جاءت في الوقت المناسب تماما نظرا لتنصيب دونالد ترامب، بحسب الصحيفة البريطانية.
ويتفق الخبيران العسكريان فلاديسلاف شوريجين وألكسندر زيموفسكي على ذلك. وذكر تقرير لصحيفة موسكوفسكي كومسوموليتس الروسية أن الولايات المتحدة حشدت قواتها البحرية والجوية حول طهران للتحضير لهجوم شامل يستهدف في المقام الأول المنشآت النووية الإيرانية، فضلا عن الجيش والبنية الأساسية للنظام. وحددوا منتصف أبريل/نيسان موعدا لبدء العملية الأميركية الكبرى.
وبحسب الخبيرين العسكريين، فإن وصول القوات الأميركية والإسرائيلية سيتم بين 9 و11 أبريل/نيسان. ويقولان إن الهجوم يتم بأعلى مستوى من الجاهزية، بهدف تنفيذ هجمات منسقة على أهداف استراتيجية في إيران.
وكشف تحليل خبراء عسكريين أن التخطيط العملياتي الأميركي في مراحله النهائية، وأن أكثر من 80 طائرة مقاتلة أميركية ستشارك في الهجوم، بما في ذلك نحو 70 طائرة قادرة على تنفيذ الهجوم الأول على أهداف في إيران. ويضم التشكيل الجوي أيضًا طائرات شبحية استراتيجية قادرة على حمل ذخيرة GBU-57A/B MOP (قنبلة خارقة للذخيرة المعيارية). هذه القنبلة هي واحدة من أقوى القنابل الموجودة في الترسانة الأمريكية، حيث يبلغ وزنها 13.6 طنًا ويمكنها اختراق الخرسانة التي يصل سمكها إلى 60 مترًا.
وجاءت المناقشة حول هجوم أميركي إسرائيلي محتمل في أعقاب تقرير استخباراتي أميركي صدر في فبراير/شباط الماضي، والذي قال إن إسرائيل تستعد لمهاجمة البرنامج النووي الإيراني في الأشهر المقبلة. ورغم أن التقرير لم يقدم إطارا زمنيا محددا للهجوم، إلا أنه أشار إلى أنه سيحدث خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2025.
وقال تقرير صادر عن مديرية الاستخبارات في هيئة الأركان المشتركة ووكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية إن الهجوم الإسرائيلي المتوقع سيستهدف المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز. وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن رغبة إسرائيل الظاهرة في قصف هذه المنشآت نشأت بعد الهجوم الأخير على إيران في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2024، والذي أضعف دفاعاتها الجوية وترك طهران عرضة لهجوم آخر.