كيف استخدم جيش الاحتلال برنامج أزور للذكاء الصناعي في قتل الفلسطينيين؟

تزعم شركات برمجيات الذكاء الاصطناعي على مواقعها الرسمية أنها ترفض استخدام برمجياتها لقتل المدنيين الأبرياء في أوقات الحرب. وهذا يتناقض مع اعترافات المجندين الإسرائيليين حول استخدام البرنامج. يقولون: “يجلس مجند إسرائيلي لا يتجاوز عمره العشرين عامًا أمام جهاز كمبيوتر ويبحث في برنامج الذكاء الاصطناعي، الذي يقوم بعد ذلك بترجمة محادثة هاتفية بين اثنين من مقاتلي المقاومة الفلسطينية من اللغة العربية إلى العبرية”.
وتابعوا: “يقوم المجند بسرعة، ومن دون التحقق من ترجمة البرنامج بالتفصيل، بتحديد الشخصين المشاركين في المحادثة الهاتفية، ويعطي الأمر بقصفهما وقتلهما”. بهذه الطريقة، تشن قوات الاحتلال حروبها مع الذكاء الاصطناعي، ويسقط العديد من المدنيين ضحايا لأخطاء الترجمة في برامج الذكاء الاصطناعي.
نقلاً عن تحقيقات لصحيفة الغارديان ووكالة أسوشيتد برس، وتقارير لشبكتي بي بي سي وإن بي سي، تتناول صحيفة الشروق بالتفصيل كيف ساهم برنامج الذكاء الاصطناعي Azure التابع لشركة مايكروسوفت في المجازر التي ارتكبت بحق الفلسطينيين واللبنانيين.
-البداية
منذ سنوات، تستخدم دولة الاحتلال برامج الذكاء الاصطناعي لمراقبة الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس. لكن الاعتراف الإسرائيلي الأول باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي في هجمات قاتلة في قطاع غزة جاء خلال أحداث الشيخ جراح عام 2021، حيث أشادت المخابرات الإسرائيلية عبر موقع جيش الاحتلال بشن أول حرب ذكاء اصطناعي في قطاع غزة. وكانت هذه سلسلة من الهجمات استمرت أحد عشر يوما وأسفرت عن مقتل نحو 260 فلسطينيا، وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش. واتهمت المنظمة جيش الاحتلال بقصف منازل قادة المقاومة، رغم تواجد آخرين في المنازل المتضررة. يظهر هذا الأخطاء التي ترتكبها برامج الذكاء الاصطناعي عند التمييز بين العسكريين والمدنيين.
تعامل مايكروسوفت مع الطاقم
لقد نجت شركة مايكروسوفت إلى حد كبير من الفضائح المحيطة بشركات مثل أمازون وجوجل، والتي كانت متورطة في هجمات على الفلسطينيين. وتشتهر الشركات بصفقتها لبيع نظام نيمبوس للجيش الإسرائيلي. ويستخدم الجيش تكنولوجيا الحوسبة السحابية لمراقبة الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، ثم للتخطيط لشن غارات جوية على قطاع غزة. ومع ذلك، كشف تحقيق أجرته صحيفة الغارديان أن شركة مايكروسوفت حاولت تمويل مشروع نيمبوس للجيش الإسرائيلي في عام 2021، لكنها خسرت العرض أمام جوجل وأمازون.
وأضاف التحقيق أنه على الرغم من فشل تنفيذ مشروع نيمبوس، وقعت مايكروسوفت عقدا بقيمة 300 مليون دولار لمشروع سري مع الجيش الإسرائيلي في عام 2021، مما يجعل إسرائيل ثاني أكبر مستخدم لمنتجات مايكروسوفت بعد الولايات المتحدة. وبحسب التحقيق الذي أجرته صحيفة الغارديان، فإن 635 ضابطا من المخابرات الإسرائيلية شاركوا في المشروع السري.
كيف يستخدم جنود الاحتلال مايكروسوفت أزور في المجازر؟
وأكد عدد من الجنود الإسرائيليين لوكالة أسوشيتد برس أن أنظمة الذكاء الاصطناعي التابعة لشركة مايكروسوفت تقوم بتحليل المكالمات والرسائل وجمع المعلومات عن سكان غزة وترجمتها من العربية إلى العبرية باستخدام أداة Whisper. ويقوم البرنامج بعد ذلك باختيار الأشخاص الذين سيتم مخاطبتهم بناءً على نتائج الترجمة والتحليل.
-أخطاء قاتلة
وأكد المجندون الذين استخدموا البرنامج وجود أخطاء في الترجمة، مثل تشابه كلمة “قبضة” المستخدمة في لعبة لعب الأدوار مع كلمة “قبضت” والتي تعني “تلقي مبلغ من المال”. في هذه الحالة، يمكن تصنيف الشخص الذي يتحدث عن تلقي الأموال على أنه مسلح يحمل قنبلة صاروخية. ولكن هذه ليست كل الأخطاء. ويتم تفسير ترجمات بعض البيانات المكتوبة، مثل أسماء الطلاب المتخرجين، بواسطة البرنامج على أنها أسماء أعضاء الميليشيات. وهذا يجعل هؤلاء الطلاب عرضة للهجوم ما لم يقم جندي بالتحقق من البيانات للتأكد من دقة النتائج.
– الحرب التي ترعاها مايكروسوفت
وكشفت التحقيقات أن الجيش الإسرائيلي اعتمد بشكل متزايد على أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تنتجها شركة مايكروسوفت خلال حرب غزة. وفي الأشهر الأولى من الهجوم، تضاعف استخدام الجنود الإسرائيليين لخوادم مايكروسوفت ثلاث مرات، وتضاعفت كمية البيانات المخزنة في البرنامج مقارنة بمستويات ما قبل الحرب، وكان هناك زيادة بنسبة 60% في عمليات البحث في قواعد بيانات مايكروسوفت بين الجنود الإسرائيليين.
ورصدت صحيفة الغارديان تعاونا مباشرا بين موظفي مايكروسوفت والجنود الإسرائيليين أثناء الحرب. اشترى الجيش الإسرائيلي 19 ألف ساعة من وقت الموظفين لتدريب الجنود على برنامج الاستخبارات مايكروسوفت أزور. كما قامت وحدة Ofcom التي خططت للغارات الجوية الإسرائيلية بمراقبة المكالمات الهاتفية لموظفي Microsoft الذين يطلبون الدعم الفني.
ولا تقتصر تطبيقات البرنامج على تصنيف الأهداف. وأظهرت وثيقة مسربة استخدام سلاح الجو الإسرائيلي للبرنامج بعد فصله عن الإنترنت. ومن المحتمل أن يكون دور البرنامج في هذه العمليات بعيداً كل البعد عن مهمته المعلنة المتمثلة في تصنيف الأهداف فحسب.
من يدير برامج الاستخبارات للجيش المحتل؟
ويستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً من البرامج الاستخباراتية في عدوانه، منها ليس فقط برامج مايكروسوفت، بل أيضاً برنامج ChatGPT من OpenAI، وبرامج من أمازون وجوجل، وبرامج استخباراتية إسرائيلية مثل Lavender وGaspool. وتتم إدارة هذه البرامج من قبل وحدات الاستخبارات الإسرائيلية مثل مرمرام والوحدة 8200 والوحدة 9900.
-جرائم قديمة في الضفة الغربية
لدى شركة مايكروسوفت تاريخ طويل في دعم قمع الفلسطينيين. كما قامت بتمويل شركة تدعى AnyVision بحوالي 73 مليون دولار وزودت الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية بنظام التعرف على الوجه الذي يراقب ويتتبع الفلسطينيين. أصبح لدى الموساد الإسرائيلي الآن نفوذ واسع النطاق على الشركة الممولة من قبل مايكروسوفت. ويشغل المدير السابق للموساد منصب مستشار، في حين يرأس الشركة مدير إدارة الاستخبارات في وزارة الدفاع الإسرائيلية.
-القيود المفروضة على الفلسطينيين وأنصارهم
وبحسب عدد من الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في الخارج أثناء حرب غزة، قامت شركة مايكروسوفت بإغلاق حسابات البريد الإلكتروني الخاصة بهم لمجرد أنهم اتصلوا بأشخاص في قطاع غزة. ونتيجة لذلك، فقدت بيانات مهمة عن عملهم وانقطع الاتصال مع أقاربهم في قطاع غزة.
وقد قامت الشركة بملاحقة مؤيدي القضية الفلسطينية. في أكتوبر 2023، طردت الشركة اثنين من موظفيها لحضورهما غداء مع لاجئين فلسطينيين في الولايات المتحدة. وتشبه إجراءات مايكروسوفت ما قامت به شركة أمازون بطرد العشرات من موظفيها الذين ساندوا القضية الفلسطينية خلال العدوان على قطاع غزة.