مسلسل لام شمسية.. لماذا لا يتذكر ضحايا التحرش تفاصيل الاعتداء عليهم؟

منذ 1 شهر
مسلسل لام شمسية.. لماذا لا يتذكر ضحايا التحرش تفاصيل الاعتداء عليهم؟

أصبح المسلسل التلفزيوني “لم شمسية” مثار جدل كبير على منصات التواصل الاجتماعي بعد النجاح الكبير الذي حققه منذ عرضه في النصف الثاني من شهر رمضان. يتناول المسلسل موضوعًا حساسًا وهو الاعتداء الجنسي على الأطفال. ونتيجة لذلك، تعاني بعض شخصيات المسلسل، ومن بينهم شخصية نيللي “أمينة خليل”، من أعراض نفسية سلبية عديدة.

تعاني نيللي من الكوابيس والقلق والأحلام المرعبة معظم الوقت، لكنها لا تفهم السبب. ومع تقدم القصة، نتعرف نحن كمشاهدين على خلفيتها ونكتشف أنها أيضًا كانت ضحية للتحرش الجنسي عندما كانت طفلة. ولكنها لا تستطيع تذكر التفاصيل، وعندما يسألها الأشخاص من حولها عن الحادثة، ترد بأنها لا تعرف من فعل ذلك ولا تستطيع أن تتذكر بالضبط ما حدث.

وتساءل البعض عما إذا كان الضحية سيتمكن من نسيان ما حدث له. هذا السؤال يقودنا إلى فهم التعقيد النفسي لعمليات تخزين الذاكرة خلال الأوقات المؤلمة.

لا تعمل الذاكرة البشرية كجهاز تسجيل يسجل الأحداث بدقة متناهية لاسترجاعها في وقت لاحق عند الحاجة إليها. ذاكرتنا معرضة للأخطاء والفجوات والتناقضات، ولذلك نتذكر ونروي الأحداث المؤلمة بشكل مختلف عن الأحداث اليومية.

تقول إيمي هاردي، وهي طبيبة نفسية سريرية في كلية كينجز بلندن، إن الذكريات المؤلمة المرتبطة بالاعتداء الجنسي لا يتم تخزينها بشكل طبيعي مثل الأحداث العادية. ويرجع ذلك إلى أن ذكريات الأحداث المؤلمة تتم معالجتها بشكل مختلف عن الذكريات اليومية. يقوم الأشخاص عادة بتشفير ما يرونه، أو يسمعونه، أو يشمّونه، أو يتذوقونه، أو يشعرون به جسديًا. كل هذا يصبح معلومات تحول الأحداث إلى قصة متماسكة. لكن أثناء الأحداث المؤلمة، تمتلئ أجسادنا بهرمونات التوتر.

وتابعت: “نعلم أيضًا أنه أثناء الصدمة، قد ينفصل الشخص عما يدور حوله، إذ يتوقف الجزء المعرفي من الدماغ عن العمل ويصبح شبه مخدر. وهذا يزيد من تجزئة المعلومات وتشتتها، فلا تكون ذكرياته بجودة التفاصيل”، وفقًا لموقع بي بي سي.

يشرح خبير الصدمات جيم هوبر كيفية عمل الدماغ وكيفية تخزين الذكريات. وفقا لمجلة تايم، تتم معالجة الذاكرة في ثلاث مراحل: الترميز، والتخزين، والاسترجاع. الترميز هو التسجيل المؤقت للأحاسيس والأفكار في الذاكرة قصيرة المدى، وهو نوع من الذاكرة المؤقتة أو ذاكرة الوصول العشوائي (RAM) التي يمكنها تخزين المعلومات لمدة تصل إلى 30 ثانية. التخزين هو الخطوة التالية التي يتم فيها تحويل المعلومات المشفرة حتى يمكن تخزينها في الدماغ.

في حالة الاعتداء الجنسي، هناك العديد من العقبات التي تعترض التعافي، بعضها أو كلها قد يواجهها الضحية نفسه. على سبيل المثال، تميل ذكريات التجارب المرهقة والمؤلمة للغاية إلى التلاشي بمرور الوقت. ولا يرجع ذلك إلى ضياع التفاصيل، بل لأن الناجين في كثير من الحالات لا يريدون أن يتذكروا ما حدث لهم، حتى بعد مرور سنوات.

بعض الذكريات تتلاشى عمومًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الذاكرة التفصيلية نسبيًا في البداية تصبح أكثر تجريدًا بمرور الوقت. يتذكر الشخص جوهر ما حدث وبعض التفاصيل الأساسية، لكنه يفقد بعضها.

تتضمن العوامل التي تؤثر على قوة الاحتفاظ بالمعلومات الأهمية العاطفية للتفاصيل بالنسبة للشخص وما إذا كانت سلبية أم إيجابية. تميل بعض الأدمغة إلى الانخراط في الترميز السلبي، أو عدم التخزين، لتمكين الشخص الذي تعرض للصدمة من البقاء على قيد الحياة وتجنب الانهيار.

يمكن للبالغين أيضًا أن يصابوا بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة، حتى لو لم تكن لديهم ذاكرة واضحة لصدمة الطفولة المبكرة. وهذه هي نتيجة دراسة أجراها علماء النفس في جامعة كاليفورنيا. وقد وجدت تقارير أخرى أن بعض الأشخاص الذين تعرضوا لأحداث مروعة في حياتهم، مثل الاعتداء الجنسي، والتي أدت إلى تلف في الدماغ، أصيبوا بمتلازمات مماثلة لاضطراب ما بعد الصدمة، على الرغم من أنهم لم يتمكنوا من تذكر الأحداث بالكامل، وفقًا لموقع جامعة كاليفورنيا.

وتظهر نتائج دراسة من جامعة كاليفورنيا أن عدم تذكر حدث صادم لا يحمي الشخص من التعرض لبعض العواقب السلبية للصدمة، مثل زيادة القلق والخوف، التي تعيشها شخصية نيللي في المسلسل.

مسلسل “لم شمسية” تأليف مريم نعوم “ورشة سرد”، وإخراج كريم الشناوي، ويشارك في بطولته أحمد السعدني، أمينة خليل، محمد شاهين، يسرا اللوزي، ثراء جبيل، صفاء الطوخي، أسيل عمران، وعلي البيلي.


شارك