بعد إعلان تحرير الخرطوم.. هل أوشكت حرب السودان على الانتهاء؟

قال عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، معلنا تحرير العاصمة من القصر الجمهوري يوم الأربعاء: “انتهى الأمر. الخرطوم حرة وتحت سيطرة القوات المسلحة”. هبطت طائرته الخاصة في مطار الخرطوم الدولي لأول مرة منذ اندلاع الحرب مع قوات الدعم السريع في أبريل 2023. وكانت قوات الدعم السريع قد فرت من العاصمة باتجاه الغرب.
وفي الساعات الأخيرة، شن الجيش السوداني هجوما واسعا ضد قوات الدعم السريع في العاصمة، وسيطر على مطار الخرطوم الدولي وسط العاصمة، وكذلك الجانب الغربي من جسري المنشية وسوبا على النيل الأزرق، اللذين يربطان الخرطوم بمنطقة شرق النيل شرق العاصمة. وبينما يواصل الجيش تحقيق الانتصارات في ساحة المعركة وتحرير المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، يبرز السؤال: هل تقترب الحرب في السودان من نهايتها؟
ويقول الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور رمضان القرني إن الصراع في السودان يشهد حاليا نوعاً من التطور النوعي. ويحمل احتلال القصر الرئاسي ومطار الخرطوم الدولي أهمية رمزية وله دلالات استراتيجية، إذ يعكس القصر والمطار سيادة الدولة السودانية. ولذلك فإن استعادة الجيش السيطرة على أهم منشأتين في العاصمة من شأنها أن ترفع المعنويات وتزيد من الدعم الشعبي للجيش في الفترة المقبلة.
وأضاف القرني، في تصريح لموقع ايجي برس، أن سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم جاءت استمراراً للنجاحات التي حققها خلال الفترة الماضية بالسيطرة على مدن مهمة مثل سنار والجزيرة وود مدني. ومن ناحية أخرى، يبدو أن الجيش نجح في إعادة تنظيم صفوفه وتوسيع قدراته العسكرية. وبالإضافة إلى دعم القوات المسلحة الوطنية الأخرى، تمكنت أيضًا من الحصول على أسلحة من تركيا وروسيا والصين وإيران.
ما هي الخيارات التي يقدمها الدعم السريع؟
ويرى القرني أن الهزائم السياسية والعسكرية لقوات الدعم السريع ستجبرها على الأرجح على القيام بمحاولتين: الأولى هي نقل المعركة إلى المنطقتين الأكثر أهمية في غرب السودان: دارفور، حيث سيحاولون السيطرة على الفاشر – المدينة الأكثر أهمية والتي يمكنهم من خلالها بسط سيطرتهم على المنطقة بأكملها – وكردفان، حيث يتمركز الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو.
أما الجانب الثاني فهو سياسي، إذ ستحاول قوات الدعم السريع مع بعض حلفائها التعجيل بإعلان الحكومة الموازية. وفي الواقع، ظهرت تصريحات ومعلومات مسربة تشير إلى أن قوات الدعم السريع ستقود هذه الحكومة وتعين عبد العزيز الحلو نائباً لرئيس الوزراء. ومع ذلك، وعلى الرغم من الموافقة الضمنية لهذه الحكومة من جانب بعض البلدان مثل أوغندا وكينيا وتشاد، فإن المعارضة الدولية والإقليمية القوية لهذه الحكومة منعت إلى حد كبير الاعتراف بها كحكومة شرعية.
يواصل الدكتور رمضان قرني: “أنا على يقين بأن الجيش سيواصل تحقيق نجاحات ميدانية في مواجهة قوات الدعم السريع. لكن السؤال هو متى سيتم نشره. الوضع في دارفور يختلف جذريًا عن الوضع في الخرطوم. استغرق الجيش السوداني شهورًا طويلة وقدّم تضحيات جسيمة لاستعادة الخرطوم. ونظرًا لبعد المسافة بين الخرطوم في الوسط ودارفور في الغرب، الواقعة قرب الحدود مع تشاد وليبيا، فمن المتوقع أن تستغرق العمليات في دارفور وقتًا طويلًا”.
متى تنتهي حرب السودان؟
وعن توقيت انتهاء الحرب في السودان، يقول الخبير في الشؤون الأفريقية رمضان القرني، إنه من الصعب التنبؤ بموعد انتهاء الحرب في القريب العاجل، إذ أكد الجيش السوداني مراراً استمرار العمليات العسكرية. ويقول “أعتقد أن الجيش نجح إلى حد كبير في تحقيق تقدم على الأرض”.
ويضيف القرني: «لقد ابتعدنا إلى حد كبير عن فكرة الحل السلمي للصراع من خلال المفاوضات». وستدفع النجاحات الميدانية الجيش إلى مواصلة عملياته العسكرية لاستعادة السيطرة على كافة المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع. وتجلى ذلك في الخطاب الدبلوماسي السوداني الذي أكد على أن الصراع سينتهي بالعمليات وليس بالمفاوضات.